هل يُمكِنُ من الناحيةِ القانونية أن تكونَ سُلفَةُ الكهرباءِ خارِجَ المُوازنة؟

الدكتور مروان القطب*

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، أن سُلفَةَ الكهرباءِ ستكون خارجَ الموازنة، ما أثارَ بعض الردودِ القانونية التي اعتبرت أنه بذلك يُخالفُ مَبدأَ وحدةِ الموازنة، ومن الضرورة ان تُدرَجَ هذه السُلفة ضمن مواد الموازنة. فما صحّة هذا الرأي، وهل يُمكن من الناحية القانونية أن تكون هذه السُلفة مُنفَصِلة عن مضمون المُوازنة العامة؟

بدايةً، السُلفة التي ستُعطى إلى مؤسسة كهرباء لبنان وفقًا للمادة ١٣ من مشروع الموازنة العامة للعام ٢٠٢٢ هي سُلفة خزينة، وكما عرّفها قانون المُحاسبة العمومية هي إمدادات تُدفَع من موجودات الخزينة، اي أنها تَدخُلُ في حسابات الخزينة، ولا تدخل في حسابات المُوازنة. والفقه المالي يُصنِّفُ سُلفات الخزينة ضمن الحسابات خارج الموازنة. وإدراج موضوع سُلفة الكهرباء ضمن مواد مشروع قانون الموازنة لا يجعلها أبدًا جُزءًا من حسابات الموازنة بل هي مُنفَصِلة عنها.

وبالتالي، فإنَّ سُلفةَ الكهرباء ستزيد العجز في حسابات الخزينة، التي تَدخُلُ فيها حسابات الموازنة وحسابات خارج الموازنة، ولن يؤدّي إلى زيادة العجز في حسابات الموازنة.

أمّا بالنسبة إلى اعتبارِ فصلِ مسألة سُلفة الخزينة عن مشروع الموازنة مسألة تتعارَض مع مَبدإِ وحدة الموازنة فهذا كلامٌ غير دقيق، لأنَّ الفقه المالي يعتبر الحسابات خارج الموازنة، ومنها حسابات سُلفات الخزينة، من أهمّ الاستثناءات القانونية على مبدإِ الوحدة.

أمّا عن كيفيّةِ إعطاءِ سُلفة الكهرباء بعيدًا من مشروع قانون الموازنة، فإن قانون المُحاسبة العمومية قد نصّ على أنَّ سُلفةَ الخزينة تُعطى بمرسومٍ بناءً على اقتراحِ وزير المالية وطَلَبِ الإدارات المُختَصّة، وبالتالي ليس بالضرورة أن تُدرَجَ ضمن موادِ قانونِ الموازنة لمنحها. وفي السابق تمّ إعطاء عدد كبير من السلفات بموجب مراسيم وليس بقوانين.

إذًا، يُمكِنُ فصل مسألة سُلفة الخزينة عن مشروع قانون الموازنة العامة، ولكن لإعطاء هذه السُلفة وفقًا للأُصول القانونية شروطًا يقتضي التقيّد بها. فالمادة ٢٠٤ من قانون المحاسبة العمومية تطلّبت تَثَبُّت وزير المالية من إمكان الجهة المُستَلِفة، وهي مؤسسة كهرباء لبنان في هذه الحالة، إعادة السُلفة نقدًا في المهلة المُحَدَّدة لتسديدها، وتتعهّد بأن ترصُدَ في موازنتها إجباريًا الاعتمادات اللازمة لتسديد السُلفة ضمن المهلة المُحدَّدة. وهنا نطرح السؤال: هل يُمكِنُ لمؤسسة كهرباء لبنان أن تتعهّدَ بذلك، وهل لديها القدرة على التسديد؟ والجواب، أنه بعيدًا من خطةٍ شاملةٍ لمُعالَجةِ ملف الكهرباء، لن تستطيع مؤسسة كهرباء لبنان الوفاء بهذه الشروط المُحَدَّدة في القانون.

هذا يعني أن الحلولَ الترقيعِيّة لملفِّ الكهرباء لا يتعارَض مع الأصول المالية والاقتصادية فحسب، وإنما يتعارَضُ مع النصوصِ القانونية القائمة.

  • الدكتور مروان القطب هو أكاديمي لبناني وباحث في الشؤون المالية والاقتصادية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى