أَيُّ لبنان في “منارة” رئيس مصر؟ (1 من 2)
هنري زغيب*
بين ما رشَح في الإِعلام اللبناني والعربي عن لقاءِ رئيس حكومة لبنان نجيب ميقاتي رئيسَ مصر عبدالفتاح السيسي، قولُ الأَخير إِن “لبنان بحاجة إِلى وفاق سياسي لإِعادة استنهاضه من الكبْوَة التي يعاني منها، ولكي يعود منارة العرب”.
أُشيح عن الشقّ الأَول السياسي في العبارة فهو خارج اهتماماتي، وأَتوقَّف عند الشقّ الأَخير الذي عبَّر فيه رئيسُ مصر، بكل نُبْلٍ ووفاء، عن حضورٍ لبنانـيٍّ في مصر قبل قرن ونصف القرن، منذ رَحُبَتْ بوافدين من ضيق الهواء في لبنان إِلى حرية الهواء فيها، ومنها شَعَّ لبنانيون جعلوا لبنان “منارة العرب”.
هذا يشير إِلى اكتناه رئيس مصر ما باقٍ في ذاكرة “أُمّ الدنيا” من أَصداءِ لبنانيين تتردَّد حتى اليوم أَصواتًا لا يَخفُت حضورُها.
ففي ذاكرة مصر أَن أُمَّ صُحُفها، “الأَهرام”، أَكبرَ الصحف العربية الْما زالت تصدر بكامل أُبَّهتها حتى اليوم، أَصدرها سنة 1876 اللبنانيان ابنا كفرشيما الشقيقان سليم تقلا (1849-1892) وبشارة تقلا (1852-1901)، وتعاقب على رئاسة تحريرها لبنانيون: ابنُ يحشوش داود بركات (1868-1933) وابنُ بكفيَّا أَنطون الجميّل (1887-1948، وكان سنة 1910 أَصدر مجلة “الزهور” اشتراكًا مع ابن بعقلين أَمين تقي الدين 1884-1937). وغنمَت “الأَهرام” من أَقلام اللبنانيين ابن زوق مكايل حبيب جاماتي (1887-1968) وابن عبَيه نجيب كنعان (1906-1985) وابن بيروت عزيز ميرزا (ت 1969) وابن عشقوت نسيب وهيبة الخازن (1896-1976).
وفي ذاكرة مصر كوكبةٌ أُخرى من صُحُفها ومجلَّاتها أَسسها لبنانيون: مجلة “المقتطَف” أَصدرها سنة 1888 ابنُ حدَث بيروت يعقوب صرُّوف (1852-1927) وابنُ حاصبيَّا فارس نمر (1856-1951) وانضمَّ إِليهما ابنُ إِبل السقي شاهين مكاريوس (1853-1910) لإِصدار جريدة “المقطَّم” (1888)، ومجلة “الهلال” أَصدرَها سنة 1892 ابنُ بيروت جرجي زيدان (1861-1914)، ومجلة “روز اليوسف” أَسستْها سنة 1925 بنتُ بيروت فاطمة اليوسف (1857-1957). ولا تنتهي لائحة لبنانيات ولبنانيين في ذاكرة الصحافة المصرية: لبيبة هاشم (1880-1947) صاحبة مجلة “فتاة الشرق” (1906)، سليم سركيس (1887-1926) صاحب “مجلة سركيس” (1905)، فرح أَنطون (1874-1922) صاحب مجلة “الجامعة” (1897)، يوسف الخازن (1871-1944) صاحب جريدة “الأَخبار” (1896) فمجلة “الخزانة” (1900) إِلى مقالاته الكثيرة في “الأَهرام” و”المقطَّم”، رشيد الشميِّل (1855 – 1928) الكاتب في “الأَهرام” وصاحب مجلة “البصير” (1896)، شبلي الشميِّل (1850-1917) صاحب مجلة “الشفاء” (1886) وكاتب المقالات الفكرية والعلمية في “المقتطَف”، المسرحيّ سليم النقاش (1824-1884) شريك أَديب اسحق في إِصدار مجلة “مصر” (1877)، خليل زينيّة (1867-1944) الكاتب في “الأَهرام” ومُنشئ مجلة “الراوي”، أَلكْسنْدرا قسطنطين الخوري (1872-1927) صاحبة مجلة “أَنيس الجليس” (1898) فمجلة “لوتس” بالفرنسية (1901).
وفي ذاكرة مصر أَن إِحدى كُبريات دور النشر في القاهرة: “مكتبة يوسف البستاني في الفجالة”، أَسَّسها سنة 1900 ابنُ الدّبيّة اللبنانيُّ يوسف توما البستاني (1892- 1952) ونشر فيها الترجمات العربية التي نقلها عن الإِنكليزية الأَرشمندريت أَنطونيوس بشير (1898-1966) لكُتُب جبران خليل جبران (1883-1931)، ومؤَلفاتٍ أُخرى من أَمين الريحاني (1876-1940) وأَحمد فارس الشدياق (1804-1887) وابرهيم اليازجي (1847-1906 وكان أَسس في القاهرة مجلة “الضياء” سنة 1898).
وفي ذاكرة مصر الوفيّة أَنوارٌ لبنانيةٌ أُخرى جعلَت لبنان ما سمَّاه رئيس مصر “منارة العرب”، أَتناولُها في الجزء الثاني من هذا المقال (“أَسواق” العرب – السبت المقبل).
- هنري زغيب هو شاعر، أديب وكاتب صحافي لبناني. وهو مدير مركز التراث في الجامعة اللبنانية الأميركية. يُمكن التواصل معه عبر بريده الإلكتروني: email@henrizoghaib.com أو متابعته على موقعه الإلكتروني: henrizoghaib.com أو عبر تويتر: @HenriZoghaib
- يَصدُر هذا النص في “أَسواق العرب” (لندن) تَوَازيًا مع صُدُوره في “النهار” (بيروت).