هل سيتعافى منتجو النفط من الصدمة الجديدة؟

منتجو النفط الذين كانوا يُعانون أصلاً من انخفاض الأسعار، تلقوا ضربة عميقة من جائحة فيروس كورونا، حيث انخفض الطلب العالمي على المواد الهيدروكربونية فجأة بشكل كبير. التقرير التالي يُركّز على التوقعات في دول الخليج العربي وأميركا الجنوبية والدول الرئيسة الأخرى المُنتجة للنفط.

السعودية: جائحة كورونا كانت لها تداعيات إقتصادية كبيرة

 

لندن – باسم رحال

حتى قبل اتشار جائحة “كوفيد-19” العالمية، كان منتجو النفط يواجهون تحدّيات مُتزايدة في بداية العام 2020.

في حين كان متوسط ​​الأسعار لعام 2019 أقل من أسعار العام 2018، فإن تحالف منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك+) – الذي شكلته المملكة العربية السعودية وروسيا في أواخر العام 2016 – قد ضمن استقراراً من نوع ما في السوق، مع تغيّر الأسعار وتذبذبها قليلاً في نهاية العام مُقارنةً مع بدايته.

ولكن على الرغم من الآمال الأوّلية لارتفاع الطلب على خلفية التوقّعات الأكثر إيجابية للإقتصاد العالمي في العام 2020، توقّع المُحلّلون تراجعاً في الأسعار لهذا العام، مُشيرين إلى نموٍّ مُطرد في إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة، إلى جانب علامات أوّلية على ضعف الإجماع في تحالف “أوبك+”، ما أدّى إلى توقعات في زيادة العرض.

وقال إحسان خومان، رئيس قسم البحوث والاستراتيجيات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة “ميتسوبيشي يو أف جيه المالية” (MUFG) في مُذكرةٍ بحثية في أوائل كانون الثاني (يناير) 2020، أنه يتوقع أن تحصل تخفيضات جديدة في المعروض من قبل تحالف “أوبك+” في كانون الأول (ديسمبر) المقبل لكنها لن تكون كافية لتحقيق التوازن في السوق. “من الصعب بالتالي توقع أي ارتفاع مُستدام في الأسعار ومن السهل جداً توقّع حدوث هبوط”.

صدمة غير مُتوَقَّعة

تبدو مثل هذه المخاوف الآن تافهة إلى حدّ ما، مُقارنةً بتأثير الفيروس التاجي في الإقتصاد العالمي بدءاً من آذار (مارس) فصاعداً. إن فرض إجراءات الإغلاق الأكثر صرامة، التي لم يشهدها العالم سابقاً، قضى على الطلب على النفط بين عشية وضحاها، ما أدّى إلى انخفاض الأسعار.

الإنخفاض الهائل في الأسعار هدّأ عقول المُنتجين بعد حرب أسعار دراماتيكية، لم تدم طويلاً، بين روسيا والمملكة العربية السعودية في أوائل آذار (مارس). ولكن، حتى الإتفاق التاريخي، الذي تم التوصل إليه في أوائل نيسان (إبريل) بين كلٍّ من “أوبك+” ومنتجي النفط الصخري الأميركيين لإزالة 10 ملايين برميل من النفط من السوق، وهو حجم غير مسبوق،، لم يفعل الكثير لرفع الأسعار.

تقول تاتيانا ليسينكو، الخبيرة الاقتصادية الرئيسة للأسواق الناشئة في وكالة التصنيف الإئتماني الدولي “ستاندرد آند بورز”: “على عكس ما سبق، إن الذي حصل ليس صدمة لأسعار النفط بسبب زيادة العرض التي تُعدّ بمثابة نعمة للجميع. إن انخفاض الأسعار هذه المرة هو إلى حد كبير بسبب أعراض تفشّي مرض “كوفيد-19″، الذي تسبب بانهيارٍ هائل في الطلب”.

وعلى الرغم من أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعيّن فيها على الصناعة التعامل مع تقلبات الأسعار – حيث كانت الصدمة الكبرى الأخيرة في العام 2014 – فإن حجم الأزمة وتوقيتها خطيران بشكل خاص بالنسبة إلى المُنتجين.

“تدخل البلدان المنتجة للنفط في هذه الأزمة الحالية في وضع أضعف بكثير، بعدما كانت الأسعار على مدى السنوات الست السابقة ضعيفة نسبياً، حيث ساهمت بتآكل دفاعاتها المالية، وأجرت معظم التخفيضات “السهلة” للتكاليف، وكانت أصلاً أقدمت على تخفيضات كبيرة في الإنتاج”، يقول روبن ميلز، الرئيس التنفيذي لشركة “قمر للطاقة”.

إنتعاش بطيء

بدأت التخفيضات التي وافق عليها تحالف “أوبك+” وآخرون في نيسان (إبريل) التأثير في السوق، حيث تعافى خام “برانت” إلى ما يزيد قليلاً عن 30 دولاراً للبرميل في أوائل أيار (مايو)، بعد انخفاضه إلى أقل من 20 دولاراً في أواخر نيسان (إبريل). وتعهّدت المملكة العربية السعودية منذ ذلك الحين بالمضي إلى أبعد من ذلك في تعزيز الأسعار، والتزمت بخفض مليون برميل إضافي من العرض في أوائل حزيران (يونيو) الجاري.

ولكن حتى مع بدء بعض أكبر الإقتصادات في العالم مبدئياً تخفيف عمليات الإغلاق، فإن احتمال حدوث المزيد من التفشّي – وإغراء المنتجين الأفراد لخرق اتفاق نيسان (إبريل) بحثاً عن حصة إضافية في السوق – يجعل العودة إلى 60 دولاراً لأسعار النفط إحتمالاً  بعيداً جداً، وفقاً لميلز.

وتتوقع وكالة “ستاندرد آند بورز” أن يتعافى خام برانت، الذي بلغ أقل من 70 دولاراً في بداية العام، إلى متوسط ​​50 دولاراً فقط في العام المقبل وإلى 55 دولاراً في 2022.

في مواجهة هذا الإنتعاش البطيء في الأسعار، تُواجه الدول المُنتجة للنفط في كلٍّ من العالم المُتقدّم والأسواق الناشئة أسئلة صعبة حول التأثير في موازنات العام 2020/21 وما بعده.

قيود الرياض

على مر السنين، سعى منتجو النفط في مجلس دول التعاون الخليجي، والذي يضم مُنتجين رئيسيين مثل المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، إلى استخدام المبالغ الهائلة المُكتَسبة من عائدات النفط والغاز في بناء احتياطات كبيرة لرأس المال وتنويع اقتصاداتها لتخفيف أثر فترات انخفاض أسعار النفط.

من المرجح أن تُخفّف مثل هذه السياسات من تأثير الأزمة في المدى القصير، وفقاً لما قاله وليم جاكسون، كبير الإقتصاديين في قسم الأسواق الناشئة في “كابيتال إيكونوميكس” (Capital Economics). ويقول: “من الواضح أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي ستُعاني من خسارة كبيرة في الإيرادات، ولكن لديها مُدّخرات كبيرة للتغلب عليها وتجاوزها وإجراء التعديل تدريجاً”.

ومع ذلك، فحتى مثل هذه المخازن المؤقتة، إلى جانب التوافر المستمر لرأس المال عبر أسواق الديون المحلية والدولية – السعودية وقطر وأبو ظبي كلها استغلت الأسواق لإصدارات سندات بمليارات الدولارات منذ بدء الأزمة – من غير المرجح أن تكون كافية بمفردها .

توقّعت موازنة المملكة العربية السعودية لعام 2020 انخفاضاً بنسبة 2.6٪ في الإنفاق على أساس متوسط سعر النفط البالغ حوالي 58 دولاراً للبرميل. وفي آذار (مارس)، أعلنت عن خفض الإنفاق بمبلغ 50 مليار ريال سعودي (13.32 مليار دولار)، حوالي 5٪ من موازنتها العامة.

ولكن بعد انخفاض احتياطاتها الأجنبية بمقدار 27 مليار دولار إلى أدنى مستوى لها منذ عقدين في آذار (مارس)، أعلنت الدولة عن المزيد من إجراءات التقشف الدراماتيكية، بما في ذلك زيادة ضريبة القيمة المضافة ثلاث مرات إلى 15٪ وتعليق بدل تكلفة المعيشة، المُربحة والحسّاسة من الناحية السياسية، لموظفي الحكومة.

إن التصعيد السريع في ضبط أوضاع المالية العامة في المملكة العربية السعودية يُكرّر التحركات التي اتّخذتها روسيا في السنوات الأخيرة، بعد الإنخفاض المفاجئ في أسعار النفط في العام 2014. “منذ العام 2015، اتبعت الحكومة [الروسية] استراتيجية للتقشّف المالي وتخفيض سعر الصرف للتأكد من أن موازنات البلاد قوية بأكبر قدر ممكن”، يقول جاكسون.

“لعبت العقوبات الغربية أيضاً دوراً – كان صناع السياسة الروس يشكلون الاقتصاد من أجل البقاء من دون الوصول إلى أسواق رأس المال الغربية. والنتيجة أنه على الرغم من أن انهيار أسعار النفط كان مؤلماً، إلّا أننا لم نشهد الاضطرابات في الأسواق المالية والنظام المصرفي في روسيا التي شهدناها في العامين 2008 و 2015 “، وفقاً لجاكسون.

نقطة الإنهيار

من المرجح أن يكون تأثير الأزمة واضحاً بشكل خاص في البلدان التي كانت فيها مستويات الديون الحالية مرتفعة قبل الأزمة. ويقول جاكسون: “إن الأزمة الإقتصادية والإنسانية في فنزويلا ستزداد سوءاً بالطبع. ولكن هناك أيضاً اقتصادات مثل الإكوادور ونيجيريا وغانا وأنغولا، كانت موازناتها ضعيفة كثيراً عندما وصلتها هذه الأزمة، وهذا لا ينبىء بالخير لهذه البلدان”.

بعدما كانت واحدة من أكبر المنتجين في العالم، انهارت صناعة النفط في فنزويلا بسبب سنوات من نقص الإستثمار المُزمن. بعدما كانت تجمع 100 مليار دولار في السنة من عائدات النفط، فقد لا تصل إيرادات الدولة هذا العام إلى 4 مليارات دولار، مما يُعمّق المشاكل بالنسبة إلى الدولة الغارقة في الديون.

حتى بداية العام 2020، كانت الإكوادور عضواً في منظمة أوبك تنتج حوالي 545,000 برميل من النفط يومياً. وفي منتصف نيسان (إبريل)، توصّلت إلى اتفاق مع حملة السندات لتعليق سداد ديون بقيمة 811 مليون دولار للأشهر الأربعة المقبلة، مع انخفاض أسعار النفط مما وضع ضغوطاً على الموارد المالية المُرهَقة أصلاً في البلاد.

“وبعيداً من الإكوادور، تبدو مخاطر الديون أكثر حدة في أنغولا. سيُعاني هذا البلد الأفريقي خسارة أكبر في الدخل وكان دينه العام هو الأعلى في المقام الأول”، يقول جاكسون.

شهدت أنغولا، ثاني أكبر منتج للنفط في إفريقيا بعد نيجيريا، ارتفاع دينها العام (بما في ذلك ديون شركة النفط الحكومية “سونانغول”) إلى حوالي 111٪ من الناتج المحلي الإجمالي في أواخر العام 2019. وتستمد الدولة أكثر من 25٪ من الإيرادات الحكومية من النفط.

وتتوقع “كابيتال إيكونوميكس” أنه لن يكون أمام أنغولا خيار سوى متابعة إعادة هيكلة الديون، ربما بمساعدة صندوق النقد الدولي، بسبب تأثير انخفاض الأسعار، مع توقع انخفاض الناتج بنسبة تصل إلى 6٪ في العام 2020.

مع احتمال استمرار انخفاض أسعار النفط لبعض الوقت، من المرجح أن لا تكون أنغولا آخر منتج للنفط يطلب المساعدة قبل انتهاء الأزمة.

نيجيريا تطالب بإعفاء الديون

إلى جانب أنغولا، من المُرجّح أن يكون الإقتصاد النيجيري واحداً من أكثر المناطق تضرّراً في الأسواق الناشئة بسبب الإنخفاض الأخير في الأسعار.

الدولة الواقعة في غرب أفريقيا هي أكبر اقتصاد في القارة السمراء وأكبر منتج للنفط فيها. تُمثل صادرات النفط أكثر من نصف الإيرادات الحكومية وحوالي 90٪ من عائداتها من العملات الأجنبية.

ومع ذلك، فإن متوسط ​​تكلفة الإنتاج المرتفع في البلاد – الذي بلغ متوسطه 30 دولاراً للبرميل في أواخر العام 2019 (مقارنة بأقل من 10 دولارات للكويت والإمارات العربية المتحدة) – يجعل اقتصادها عرضة بشكل خاص لصدمات أسعار النفط.

وبينما انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.2٪ في 2019 من 1.9٪ في 2018، فقد حذّر صندوق النقد الدولي في شباط (فبراير) من أن نقاط الضعف الخارجية للبلاد هي في ازدياد، “مما يعكس ارتفاع عجز الحساب الجاري وانخفاض الإحتياطات التي لا تزال عرضةً بشدة لانعكاسات وانتكاسات تدفّق رأس المال”.

وشهد انهيار الأسعار في آذار (مارس) قيام نيجيريا ببيع النفط بأقل من تكلفة الإنتاج، الأمر الذي أحدث فجوة في خطط إنفاقها لهذا العام. وقد قامت وكالتا التصنيف “فيتش” و”ستاندرد آند بورز” بتخفيض التصنيف الائتماني للبلاد بعد انخفاض الأسعار، في حين حذّرت وكالة “موديز” من زيادة المخاطر على الجدارة الإئتمانية.

واضطرت الحكومة، التي وضعت موازنتها الأصلية لعام 2020 على أساس متوسط سعرٍ للنفط 57 دولاراً للبرميل، إلى خفض خطط الإنفاق مرتين منذ أن بدأت الأسعار بالإنخفاض. وأعلنت الحكومة عن تخفيضات في الإنفاق قدرها 1500 مليار نَيرة نيجيرية (3.8 مليارات دولار) في أوائل آذار (مارس)، تلتها تخفيضات أخرى بلغت 750 مليار نَيرة في أيار (مايو).

ومع ذلك، يُنظَر إلى هذه التدابير على نطاق واسع على أنها غير كافية للوفاء بالتزامات ديون نيجيريا. وقالت وزيرة المالية زينب أحمد إن بلادها تسعى إلى تعليق بعض مدفوعات الديون المستحقة في وقت لاحق من هذا العام، في حين ذهب الرئيس محمدو بوهاري إلى حد الطلب من المقرضين الدوليين إلغاء التزامات ديون نيجيريا بالكامل.

ووافقت البلاد على قرض قيمته 3.4 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي في أواخر نيسان (أبريل)، وتسعى إلى الحصول على مزيد من التمويل من البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي.

النروج تغرف من مدّخراتها

تُعَدُّ النروج واحدة من الدول القليلة المُنتجة للنفط التي تجنّبت، على مدى عقود عديدة، التعرّض لما يُسمّى بلعنة الموارد. منذ خمسينات القرن الفائت، تمّت إدارة احتياطات “الأوفشور” من النفط والغاز الطبيعي الوفيرة مع التركيز على التنمية في المدى الطويل.

ونتيجة لذلك، أنشأت السلطات في أوسلو نموذجاً اقتصادياً متنوّعاً نسبياً. ومع ذلك، يواصل قطاع الطاقة لعب دور مهم في الإقتصاد. وتُعدّ النروج واحدة من أكبر سبع دول مصدرة للنفط في العالم، حيث شكّل قطاع النفط والغاز حوالي 18٪ من الناتج المحلي الإجمالي و62٪ من الصادرات في 2018، وفقاً لبيانات من المفوضية الأوروبية.

يُعتبر صندوق النفط الوطني، “صندوق التقاعد الحكومي العالمي” (Government Pension Fund Global)، القلب النابض لإدارة النروج الناجحة لرواسبها الهيدروكربونية. وقد تأسس هذا الصندوق في العام 1990 كمستودع لإيرادات النفط والغاز من أجل تجنّب التشوّهات الإقتصادية التي يُمكن أن تنشأ عن صناعةٍ هيدروكربونية مُهَيمنة.

واليوم، يُعتبر هذا الصندوق  أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم، ويضم حوالي 1100 مليار دولار من الأصول الأجنبية المملوكة. كما أنه يلعب دوراً حيوياً في تمويل الإنفاق الحكومي النروجي، حيث يمثل حوالي 20٪ من إجمالي الموازنة الحكومية، على الرغم من وجود قواعد صارمة تحد من السحب السنوي إلى 3٪ من قيمته.

لكن انهيار أسعار النفط العالمية أجبر الحكومة النروجية على إعادة التفكير في إنفاقها في العام 2020. وأعلنت سحب ما يعادل 4.2٪ من قيمة الصندوق، بعدما كان الرقم الأصلي معدله 2.6٪. وآخر مرة تجاوزت النروج هذا الحدّ كانت خلال الأزمة المالية العالمية لعام 2007/2008. في غضون ذلك، تمّ الإعلان عن تخفيضات إنتاج النفط بمقدار 250 ألف برميل يومياً في حزيران (يونيو)، يليها تخفيض إضافي قدره 134 ألف برميل يومياً في الفترة من تموز (يوليو) إلى كانون الأول (ديسمبر).

طموحات البرازيل “ما قبل الملح” مُعلَّقة

لعب النفط دوراً مهماً في اقتصاد البرازيل منذ الإكتشاف الأول في العام 1939. وقد وضعت الإكتشافات الأخيرة الدولة الواقعة في أميركا اللاتينية على الطريق الصحيح لتصبح واحدة من أكبر المُنتجين في العالم – حتى انهيار أسعار النفط في العام 2020.

إن نفط “ما قبل الملح” في البرازيل مُكلفٌ للغاية لاستخراجه. وكل حقولها تقريباً بعيدة من الشاطئ، حيث تضم الخزانات الجديدة ما يصل إلى 2 كلم من الماء و5 كلم من الصخور الصلبة و2 كلم إضافية من الملح. تجعل هذه الطبقة الأخيرة الاستخراج شاقاً بشكل خاص من وجهة نظر تقنية. يُعدُّ نفط “ما قبل الملح” من بين الأنواع الأكثر تكلفة للاستخراج والتوصيل إلى السطح، وفي حالة البرازيل، تتراوح تكلفة التعادل خلال مرحلة التطوير بين 35 دولاراً و 45 دولاراً للبرميل. على الرغم من أن هذا الرقم قد ينخفض إلى حوالي 21 دولاراً في إحدى فترات الإنتاج، وفقاً ل”كابيتال إيكونوميكس”، فإن سعره لا يزال أكثر بضعف من سعر النفط السعودي، وشظية فقط تحت سعر النفط الخام في منتصف أيار (مايو) ]25.92 دولاراً في الساعة 17:29 بتوقيت غرينتش في 12 أيار (مايو)[.

في العام 2006، كانت اكتشافات النفط “ما قبل الملح” تُعتبر الأكثر إثارة للإعجاب منذ عقود. في الآونة الأخيرة حتى نهاية العام 2019، كان من المتوقع أن يُحوِّل هذا التطوير البرازيل من المرتبة التاسعة إلى رابع أكبر منتج للنفط في العالم بحلول العام 2030. لكن المُحللين يقولون بأن الكثير يعتمد على الجدوى الإقتصادية.

يُعاني نفط البرازيل من مشكلة أخرى: شركة النفط المملوكة للدولة والمُثقلة بالديون، “بتروبراس”. على الرغم من التحسّن، لا تزال الشركة من بين أكثر منتجي النفط المُثقَلين بالديون في العالم، حيث بلغ إجمالي ديونها 87 مليار دولار في العام 2019. وصنّفت وكالات التصنيف “ستاندرد آند بورز”، “موديز” و”فيتش” شركة “بتروبراس” بأقل من درجة استثمار، مع نظرة مستقبلية مُستقرة من “ستاندرد آند بورز” و”موديز”، لكنها سلبية من وكالة “فيتش”.

يعتمد جزء كبير من خطة تخفيض ديون الشركة على عمليات تصفية الإستثمارات، بينما تعتمد زيادة الدخل على الإنتاج الجديد من الحقول الجديدة. إن سوق النفط الدولية الهشّة، إلى جانب التحديات الاقتصادية العالمية، لا تُبشّر بالخير للبرازيل

كازاخستان: صداع “كوفيد-19”

يُساهم النفط بشكل كبير في الإقتصاد الكازاخستاني، ويُمثل 172 حقلاً نفطياً لديه 3٪ من إجمالي احتياطات النفط العالمية. وفقاً للبنك الدولي، شكّلت عائدات النفط 10.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في العام 2017.

بدأت كازاخستان بداية قوية في العام 2020. وبين كانون الثاني (يناير) ونيسان (إبريل)، أبلغت الحكومة عن إنتاج نفطي يبلغ 31.3 مليون طن، وهو ما يُمثّل 102.6٪ من الإنتاج المُتوقَّع، و106٪ من الفترة عينها خلال العام 2019. وكانت توقعات الموازنة لعام 2020 مبنية على تداول النفط بين 50 و55 دولاراً للبرميل.

مع كون الصين أكبر شريك للصادرات في كازاخستان بعد روسيا، فقد ضرب الوباء مستويات التجارة من الأشهر الأولى من العام 2020. في آذار (مارس)، أعلنت “بتروتشاينا” (PetroChina) أنها ستخفض وارداتها من الغاز من كازاخستان، وقال وزير الطاقة الكازاخستاني، نورلان نوغاييف، في وقت لاحق إن صادرات الغاز إلى الصين قد انخفضت بنسبة تتراوح بين 20٪ و25٪.

يبدو أن الإنخفاض في أسعار النفط سيكون له تأثير كبير في الإقتصاد خلال العام 2020 ، حيث من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بين 0.9٪ و1.3٪ خلال العام، وفقاً لتقديرات الحكومة والبنك الوطني الكازاخستاني، على التوالي. وقد تحرّك البنك المركزي، الذي يتخذ نظرة أكثر سلبية بشأن التأثير، لزيادة أسعار الفائدة إلى 12٪ في آذار (مارس)، ولكن تم تخفيضها لاحقاً إلى 9.5٪ خلال نيسان (إبريل).

واستجابة لتحديات السوق، وافقت الحكومة الكازاخستانية على شروط “أوبك+” لخفض إنتاج النفط، وتعهّدت بخفض الإنتاج بمقدار 390 ألف برميل يوميا خلال شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو).

وقد دعا الرئيس الكازاخستاني، قاسم جومارت توكاييف، إلى تشكيل فريق عمل يُركّز على دعم التوظيف، ولكن مع تحذيرات من شأنه أن يؤدي إلى خفض الإنفاق العام. وقد تم تخصيص حزمة دعم بقيمة 4,400 مليار تانج كازاخستاني (10 مليارات دولار) لمكافحة وباء “كوفيد-19” وتداعياته على البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى