لماذا ينامُ أكثر من نصف السوريين جائعين؟
بقلم كابي طبراني
أعلن برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، يوم الخميس الفائت (14/5/2020) أن عدد الذين يُعانون من انعدام الأمن الغذائي في سوريا بلغ رقماً قياسياً: 9.3 ملايين شخص، وهو رقمٌ قفز أكثر من مليوني شخص في ستة أشهر فقط. الواقع أن الجوع بات يُهدّد أكثر من نصف سكان البلاد جرّاء صعوبة الوصول إلى الإمدادات الغذائية لإعالة أنفسهم وأسرهم على أساسٍ يومي. جاء هذا التطور المُثير للقلق في وقتٍ يُعاني العالم بأسره من ضائقةٍ إقتصادية كبيرة وأزمة صحّية ضخمة غير مسبوقة – وسوريا التي مزّقتها الحرب بشكل خاص.
لقد أثبتت تسع سنوات من الصراع أنها مُدمِّرة للشعب السوري وألحقت الدمار باقتصاد البلاد، ما دفع 80 في المئة من السكان إلى ما دون خط الفقر، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.
بالإضافة إلى الصعوبات التي طال أمدها، ألقت الأزمة المالية التي ضربت لبنان المُجاور في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 بظلالها على سوريا حيث أثّرت سلباً في اقتصادها، ما أدّى إلى انهيار الليرة السورية وارتفاع التضخم. ويحتفظ عددٌ كبير من السوريين بمدّخراتهم في البنوك اللبنانية، بسبب عدم استطاعة بلدهم من الوصول إلى الإقتصاد العالمي جرّاء العقوبات الدولية المفروضة على دمشق. لكن النظام المصرفي اللبناني يُعاني راهناً من أزمة لم يسبق لها مثيل، تفاقمت بسبب انتشار الفساد والنقص في الدولار الأميركي الذي ترتبط به الليرة اللبنانية.
والآن، جاءت جائحة “كوفيد-19” لتضع ضغطاً إضافياً على السوريين. لقد أثّرت التدابير الرامية إلى الحدّ من انتشار الفيروس تأثيراً سلبياً في المناطق التي تُسيطر عليها الحكومة – وكذلك في جيوب الناس. في آذار (مارس) الفائت، أكّدت مقاطع فيديو تُظهر مواطنين يُلاحقون الشاحنات التي كانت تُوزّع الخبز في حلب حيث تم إغلاق المخابز في أثناء الإغلاق، الظروف السيئة التي يعيشها الناس العاديون.
هذا الواقع الجديد هو أكثر إثارة للصدمة في الوقت الذي تواصل النخبة السورية جمع الثروات من اقتصاد الحرب في البلاد. قبل أسابيع قليلة، نشر رامي مخلوف، إبن خال الرئيس بشار الأسد ورجل الأعمال الذي يُعتقد أنه يحتكر 60 في المئة من الإقتصاد الوطني، مناشدات على فايسبوك بعد أن أمر النظام باتخاذ إجراءات ضد شركاته. ومع ذلك، نظر معظم المراقبين إلى مخلوف وهو يتوسّل من أجل ثروته الهائلة بأنه أمرٌ مُشين في الوقت الذي بالكاد يستطيع السوريون إطعام أفراد عائلاتهم وأحبّتهم.
وأفاد برنامج الأغذية العالمي أخيراً: “هناك حاجة ماسة إلى مزيد من الأموال لإنقاذ الأرواح – لا يُمكننا أن نخذل العائلات السورية الآن”. ولكن مع تحوّل كلّ بلدٍ إلى الداخل للإستجابة لأزمة صحّية عالمية غير مسبوقة والتعامل مع الخسائر الإقتصادية الهائلة، هناك مخاوف من أن المجتمع الدولي سيكون لديه القليل من الوقت والمال لمساعدة المحتاجين في أجزاء أخرى من العالم.
كان هناك القليل من الرغبة المُخيّبة للآمال بين القوى العالمية للإلتقاء والتوحّد في المعركة ضد الفيروس التاجي. ومع تقييد السفر الدولي بشكل شديد، يجد السوريون العاديون أنفسهم في وضع محفوف بالمخاطر، حيث لا يوجد مكان يذهبون إليه ولا أحد يلجأون إليه للحصول على الدعم.
مع اقتراب عيد الفطر، يستحق الشعب السوري أن يتطلع إلى مستقبل أفضل وإلى أشياء أخرى غير المصاعب نفسها.