إتفاقات أوسلو ماتت، هل يجب أن تستمر السلطة الفلسطينية؟

قتلت خطة دونالد ترامب للسلام، المسمّاة “صفقة القرن”، أي أمل في التوصل إلى تسوية من طريق التفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لذا بدلاً من الخطابة الفارغة، يُدين القادة الفلسطينيون لشعبهم بنهج جديد – حتى لو كان ذلك يعني حلّ السلطة الفلسطينية.

 

محمد أشتية: أراد معاقبة إسرائيل زراعياً فحاصرت الضفة إقتصادياً

 

بقلم طارق باقوني*

الفلسطينيون “لا يُفوّتون فرصة لتفويت فرصة”.

لقد أصبح التصريح، الذي أدلى به السياسي والديبلوماسي الإسرائيلي أبا إيبان لأول مرة قبل حوالي 50 عاماً، بمثابة تعبيرٍ يرسم الفلسطينيين، بشكل جماعي، شعباً رافضاً غير راغب في تقديم تنازلات من أجل السلام.

في 28 كانون الثاني (يناير)، في مقابلة مع شبكة “سي أن أن” (CNN)، صرّح جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره للشرق الأوسط، أن الفلسطينيين “لديهم سجل حافل في تفويت كل فرصة كانت لديهم في الماضي. لكن ربما قد تقرأ قيادتهم تفاصيل خطة ترامب (صفقة القرن)، وتتوقّف عن الإحتجاج والرفض، وتبذل قصارى جهدها لمحاولة تحسين حياة الفلسطينيين”.

قد يستجيب بعض الفلسطينيين لنصيحة كوشنر، ولكن ليس بالطريقة التي يأمل بها.

إن خطة ترامب، التي تحمل عنوان “السلام من أجل الرخاء: رؤيةٌ لتحسين حياة الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي”، توفّر للقيادة الفلسطينية بالفعل فرصة للتوقف والتأمّل والبدء في طرح الأسئلة الصعبة والإجابة عنها.

الأمر الأكثر وضوحاً، هو ما إذا كان يجب على القيادة الفلسطينية الآن، بعدما تخلّت الإدارة الأميركية الحالية والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة صراحةً عن إتفاقات أوسلو، أن تتخلى بدورها عن هذه الإتفاقات، بدلاً من المخاطرة بأن تصبح قابلة قانونية (داية) لضم إسرائيل لمزيد من الأراضي الفلسطينية.

يجيب العديد من الفلسطينيين بالإيجاب ويوضّحون بسرعة لماذا: من نتائج إتفاقات أوسلو أن منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد المُعتَرَف بها دولياً للشعب الفلسطيني، قد انضمت إلى السلطة الفلسطينية، وبذلك أخضعت وحوّلت فعلياً أجندتها للتحرير لمسؤوليات حكم السلطة الفلسطينية.

أُنشئت السلطة الفلسطينية في العام 1994، بعد توقيع إتفاقات أوسلو، وكان من المُتصَوَّر أن تكون هذه السلطة والأراضي التي تحكمها، على الأقل من قبل بعض الفلسطينيين، دولتهم المستقبلية، على الرغم من أن اتفاقات أوسلو لم تذكر الدولة الفلسطينية.

أنشأت السلطة الفلسطينية وفق برنامجها لبناء الدولة مؤسسات عامة مترامية الأطراف وظفت أكثر من 150,000 شخص. وقد غيّرت المباني الكبرى، مثل “المقاطعة”، صورة “رام الله” وجعلت المدينة الهادئة سابقاً المركز الحضري للضفة الغربية. وإعتباراً من العام 2013، تُزيّن عبارة “دولة فلسطين” جميع الشعارات الرسمية. إلى جانب أداء الدولة، أدى برنامج إقتصادي نيوليبرالي إلى تحسين نوعية الحياة لفئة مُعيَّنة من الفلسطينيين، حتى وإن كان أثقلهم بديون الرهن العقاري وقروض السيارات.

والأهم من ذلك كله، أن السلطة الفلسطينية احتكرت استخدام الأسلحة في الضفة الغربية، وبموجب القانون الأساسي، أعلنت أن وظيفة قوات الأمن الفلسطينية ستكون “مقصورة على الدفاع عن البلاد، وخدمة الشعب”. لكن في الوقت نفسه، دخلت السلطة الفلسطينية في اتفاقات تنسيق أمني موسّعة مع إسرائيل. كانت هذه فرضية مبنية على فكرة أنه إذا استطاعت السلطة الفلسطينية حماية أمن المدنيين الإسرائيليين وتحقيق الإستقرار في مناطقها، فسوف تنسحب إسرائيل من المناطق التي، بموجب حل الدولتين المُتَّفق عليه، ستُشكّل جزءاً من الدولة الفلسطينية.

يُقدّم “حلّ الدولتين الواقعي” لترامب رؤية لدولة تنحرف بشكل كبير عن تلك الفرضية. إنتقد الإتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي خطة ترامب لخرقها قرارات الأمم المتحدة والمبادئ القانونية الدولية التي دعمت وأيّدت حل الدولتين. ومع ذلك، كما هو الحال مع مبادرات السلام السابقة، ليس هناك ما يدل على أنه يُمكن حشد الإرادة السياسية الكافية، محلياً، إقليمياً أو دولياً، لوقف، ناهيك عن عكس، التآكل البطيء للسيادة الفلسطينية المنصوص عليها في كل اقتراح سلام سابق ولاحق.

كان ردّ فعل الفلسطينيين على الخطة إما بالشعور بالخوف والقلق، وفهمها على أنها المخطط الذي ستتبعه الحكومات الإسرائيلية في المستقبل بشكل ضمني أو صريح، أو بالتسليم على أنها تُمثّل واقع الحال — خطة تم تنفيذها أصلاً وفعلياً على الأرض ويجري إضفاء الطابع الرسمي عليها على الورق.

مع تقديم “خريطة الجبنة السويسرية هذه” عن كيف تتخيّل الحكومتان الأميركية والإسرائيلية الحاليتان قيام دولة فلسطينية، كما أشار إليها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأمم المتحدة، فسوف تتعرض السلطة الفلسطينية لضغوط شديدة لإظهار كيف أن أجندتها لبناء دولة في الـ26 سنة الماضية قد وضعت الأساس لدولة يرغب فيها الفلسطينيون بدلاً من إنشاء مجموعة من “البانتوستانات” (كالتي أنشأتها حكومة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا) غير السيادية، المُنفصلة إقليمياً.

بدلاً من الدخول في واجهة دولة، يرى الكثير من الفلسطينيين أن السلطة الفلسطينية هي مجرد امتداد للإحتلال الإسرائيلي، مثل نائب الملك الهندي – سلطة حاكمة مهمتها تهدئة السكان الأصليين نيابة عن الأنظمة الإستعمارية.

يكمن التنسيق الأمني في قلب هذا التظلّم. نظراً إلى استهلاك مَبلَغٍ غير مُتناسب من الإنفاق العام للسلطة الفلسطينية، فقد اعتبر عباس التنسيق الأمني مراراً وتكراراً على أنه “مقدس”. لكن العديد من الفلسطينيين يرون أن التنسيق الأمني يدعم كل من الإحتلال وحكم السلطة الفلسطينية الذي لا يحظى بشعبية، بدلاً من حمايتهم أو تمهيد الطريق للإنسحاب الإسرائيلي.

هناك اعتقاد شائع سُمِع من بعض شباب رام الله بأنه عندما تتوغّل شرطة السلطة الفلسطينية في مخابئهم، يعلم الناس عندها أن الجيش الإسرائيلي على وشك المجيء إلى المدن الفلسطينية. تستخدم السلطة الفلسطينية التنسيق الأمني للتعاقد الخارجي على تكتيكاتها القمعية مع عملاء الأمن الإسرائيليين أو لقمع المعارضين لحكمها، سواء من حركة “حماس” أو الناشطين المحليين.

يُفصّل تقرير صادر عن “هيومن رايتس ووتش”، نُشر في العام 2018، كيف تعتمد السلطة الفلسطينية على أساليب التعذيب والسجن الواسعة في الضفة الغربية. أتذكر محادثة واقعية مع شاب فلسطيني في مخيم للاجئين في الضفة الغربية. لقد أوضح لي وهو يتصبّب عرقاً وغير قادر على السيطرة على أعصابه، أنه سيختار سجناً إسرائيلياً على أحد السجون الفلسطينية في أي وقت، بالنظر إلى وحشية التعذيب على أيدي ضباط الأمن الفلسطينيين.

في حين أن فرص العمل والأمن العام ربما تم ترشيدها سابقاً كنذير وبشير لإقامة دولة، إلا أنه بات يُنظر إليها على نحو متزايد على أنها قيود لاستقرار ودعم النظام العسكري الإسرائيلي والحفاظ على السلطة الفلسطينية كدولة بوليسية مزيفة فاسدة.

ليس من المفاجئ إذاً أنه وفقاً للمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، أن 84٪ من الفلسطينيين يفضلون سحب الإعتراف الفلسطيني بإسرائيل، و77٪ يدعو إلى إنهاء التنسيق الأمني ​​مع إسرائيل، و69٪ يدعون إلى إنهاء تنفيذ إتفاقات أوسلو .

من الواضح إذاً أن العديد من الفلسطينيين ينظرون إلى تفكيك السلطة الفلسطينية كشرط مُسبَق للفلسطينيين لضمان حريتهم وحقوقهم، سواء في دولة واحدة أو دولتين. بيد أن أولئك الذين يواصلون النظر إلى السلطة الفلسطينية كدولة في طريق الصنع، بمَن فيهم العديد من قادة منظمة التحرير الفلسطينية، يرفضون هذا الرأي. وهم يقولون إن السلطة الفلسطينية، ومؤسسات الدولة التي بنتها، يجب إصلاحها لمقاومة الإحتلال بدلاً من الإستمرار في العمل داخله. يتشكّل منطقهم، من بين أمور أخرى، من الخوف من الفراغ الذي قد يعنيه إلغاء السلطة الفلسطينية، بالنسبة إلى ارتفاع معدلات البطالة والخدمات العامة المُعطّلة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات.

هذه ليست شواغل خاملة، وأي داعٍ لتفكيك السلطة الفلسطينية ينبغي عليه أن تكون لديه الإجابات المناسبة. في الوقت نفسه، يبدو من غير الواقعي الإفتراض بأن السلطة الفلسطينية يمكنها إصلاح نفسها لمقاومة المزيد من الإستيطان الإسرائيلي وضم الضفة الغربية أو لاستعادة السيادة. لقد صُمّمت هياكل السلطة الفلسطينية ذاتها وتطورت لتحقيق الإستقرار، بدلاً من تعطيل الحياة الفلسطينية تحت الإحتلال. وقدرتها على الحكم مبنية على قبولها بالقيود والشروط الإسرائيلية.

في الأشهر الأخيرة، على سبيل المثال، حاول رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية استعادة السيادة من خلال الحدّ من الإعتماد الإقتصادي على إسرائيل والبحث عن شركاء تجاريين آخرين، مثل الأردن ومصر. في الآونة الأخيرة، قام أشتية بتقييد استيراد الماشية من إسرائيل إلى الضفة الغربية. لقد أثبتت هذه السياسات قوتها: حشد أصحاب مزارع الماشية الإسرائيليين ضد حكومتهم، مطالبين بالعقاب. رداً على ذلك، أوضح وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت أن السلطة الفلسطينية تفتقر إلى أي حكم ذاتي اقتصادي، مانعاً الصادرات الزراعية الفلسطينية إلى إسرائيل أو أي مكان آخر، مما أدّى فعلياً إلى فرض حصار إقتصادي على الضفة الغربية.

من غير المرجح أن تُسفر هذه السياسات من جانب السلطة الفلسطينية، التي غالباً ما تكون ردَّ فعل ومخصصة لغرض ما، عن نتائج جوهرية. على الرغم من حسن النية والقصد، فإن مسار أشتية نُفّذ على عجل، من دون البنية التحتية اللازمة التي من شأنها أن تسمح بنجاحه. كانت الأعمال الإنتقامية الإسرائيلية مُتَوَقَّعة. كما سألني خبير اقتصادي فلسطيني خلال مقابلة معي، ما هي التدابير التي اتخذتها السلطة الفلسطينية لحماية المزارعين الفلسطينيين من رد الفعل الإنتقامي؟ الإنتفاضة الأولى، عندما رفض الفلسطينيون التعاون مع الإحتلال، تُقدّم دروساً مفيدة، بما في ذلك التحوّل نحو الإقتصادات المحلية، سواء في الزراعة أو التصنيع، الذي خفف من التعرّض للتدابير العقابية الإسرائيلية.

مع خطة ترامب، هناك فرصة جديدة للقيادة الفلسطينية لتَبَنّي طريق بديل. سواءً كان الفلسطينيون يدعون إلى تفكيك السلطة الفلسطينية أو إصلاحها إلى هيئة يمكنها تحدّي الإحتلال، فإن غالبيتهم تتفق على أن السلطة الفلسطينية في صيغتها الحالية لا تساعد على ضمان حقوق الفلسطينيين. كما أخبرني أحد كبار أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية أخيراً، بأن “عباس الآن سلطة بلا سلطة، سامحاً باحتلالٍ من دون تكلفة”.

حتى الآن، عاد قادة السلطة الفلسطينية إلى استراتيجيات قديمة استجابة لخطة ترامب المؤيدة للضم وردّوا بطريقة عشوائية: دعا عباس إلى تعليق إتفاقات أوسلو، ووقف التنسيق الأمني، وفض ارتباط السلطة الفلسطينية مع الإحتلال. ومع ذلك، لم تكن هذه البيانات مصحوبة بأي مؤشر إلى أنه تم النظر فيها بجدية، ناهيك عن تنفيذها. وقد أشارت استطلاعات الرأي إلى أن أكثر من 70 في المئة من الفلسطينيين لم يعودوا يُصدّقون مثل هذه الوعود.

إن الجهود التي تبذلها منظمة التحرير الفلسطينية لتعميم المسودات التي تعارض خطة ترامب على مجلس الأمن الدولي تعتبرها القيادة وسيلة مهمة لحشد المعارضة الدولية لضم إسرائيل مستقبلاً للأراضي الفلسطينية وإعادة تأكيد الإلتزامات الدولية بحل الدولتين. وهي تعتقد أن المجتمع الدولي يمكن أن يكون بمثابة حصن ضد الجهود الإسرائيلية – الأميركية الحالية لتقويض آفاق مستقبل الدولة الفلسطينية. لكن على الرغم من الضغوط الديبلوماسية الشديدة، لم يتمكن الفلسطينيون من جمع الدعم الذي اعتبروه ضرورياً في الأمم المتحدة. وفشلهم هو مؤشر آخر إلى أن قواعد اللعبة قد تغيرت.

لا يوجد حتى الآن أي مؤشر من القيادة الفلسطينية – بخلاف الخطابة – إلى أنه يجري النظر في اتخاذ تدابير إضافية. لكن لنفترض أن جهودهم الحالية هي كافية تُعدّ خطأ، لأنها تُحدّد الخط الأحمر في المستقبل. بغض النظر عما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية تضم الأراضي الفلسطينية قبل انتخابات 2 آذار (مارس) المقبل أم بعدها، وبأي سرعة، أو لا تضمّها على الإطلاق، يجب على القيادة الفلسطينية أن تتعامل مع الحقائق على الأرض: يشير المسار التاريخي إلى ترسيخ حقيقة الدولة الواحدة. وفي الوقت الحالي، لا يوجد ما يشير إلى أن اللاعبين المحليين أو الدوليين سيتدخلّون بنشاط لعكس هذا المسار.

لذلك، ينبغي على قيادة السلطة الفلسطينية أن تضع استراتيجية سياسية شاملة لمعالجة حقيقة أن اتفاقات أوسلو قد أُفرِغَت من كل محتواها. لا يزال بإمكانهم الإشارة إلى تفضيل المفاوضات والإستعداد لها وفقاً للمعايير المُتَفق عليها دولياً. لكن هذا لا يعفيهم من الحاجة أو المسؤولية إلى تطوير استجابة جدية ومحسوبة للواقع الذي يجدون أنفسهم فيه الآن.

يُمكن أن تحتوي هذه المبادرة على جزئين.

الأول هو إنعاش مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية من خلال إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني. هذا أكثر إلحاحاً من إجراء إنتخابات تشريعية فلسطينية، والتي من شأنها إضفاء الشرعية على السلطة الفلسطينية وتعزيز الواقع الحالي.

والثاني هو التفكير بجدية، بدلاً من التكرار على عجل، في ما قد يبدو عليه فك الإرتباط، وما إذا كان هذا يستلزم تعليق الإعتراف بإسرائيل، أو إنهاء التنسيق الأمني​​، أو تفكيك السلطة الفلسطينية – وكلها مطالب تطالب بها غالبية الفلسطينيين. يتعيّن على القيادة تقييم ما إذا كان الأمر كذلك، وإذا كان كذلك، فيمكن تفكيك السلطة الفلسطينية أو إعادة هيكلتها لإخراج الفلسطينيين من الواقع الحالي المتمثل في بناء دولة تحت الاحتلال والسماح لهم باستعادة السيادة ومقاومة المزيد من التعدّي الإسرائيلي.

لقد أكد كل زعيم فلسطيني تقريباً تحدّثتُ إليه في السنوات القليلة الماضية على الحاجة إلى بناء قدرة الفلسطينيين على الصمود في وجه التهديدات الوجودية التي يواجهونها. في كثير من الأحيان تم استخدام مثل هذا الخطاب كذريعة للتقاعس عن العمل.

ولكن من أجل بناء المرونة بفعالية، يتعيّن على قادة السلطة الفلسطينية الآن الإجابة عن الأسئلة الصعبة بدلاً من مجرد تكرار التهديد بفك الإرتباط. كيف سيوفرون سبل العيش ل150,000 موظف يعتمدون الآن على رواتب السلطة الفلسطينية؟ كيف ستعمل المستشفيات والمدارس العامة في الضفة الغربية بدون السلطة الفلسطينية؟ ما أنواع الخطط الإجتماعية والإقتصادية التي يُمكن وضعها لتخفيف الإنتقام المالي من إسرائيل؟ كيف يُمكن حماية الفلسطينيين عندما ينتشر الجيش الإسرائيلي في مناطقهم؟ ما نوع الطاقة الزراعية والإنتاجية المحلية التي يمكن تطويرها للحفاظ على حياة الناس في غياب قدرتهم على الاستيراد والتصدير؟ وهل يُمكن للسلطة الفلسطينية تبنّي ضرائب تدريجية لإعادة توزيع الثروة وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية وحجب الضرائب الإسرائيلية؟

سوف يتحمل الفلسطينيون على الأرض وطأة وتبعية أي تحوّل في السياسة، وهم يستحقون أكثر من مجرد كلام فارغ وإيماءات تفاعلية. قد يكون من الغرابة الإعتقاد بأن قيادة السلطة الفلسطينية ستُعطل النظام الذي يُعزّز مصلحتها الذاتية. لكن انهيار السلطة الفلسطينية أصبح الآن احتمالاً حقيقياً – سواء بسبب الثورات الفلسطينية أو المبادرات الإسرائيلية. هذه فرصة لقيادة السلطة الفلسطينية لاستعادة وكالتها، وتحمّل المسؤولية، واستكشاف ما قد يبدو تفكيكه استراتيجياً من اتفاقات أوسلو أبعد من التهديدات الفارغة.

يجب عليها اغتنام اللحظة.

  • طارق باقوني هو محلل شؤون إسرائيل/فلسطين واقتصاد النزاع في المجموعة الدولية للأزمات، ومؤلف كتاب “حماس تُحتَوى: صعود وتهدئة المقاومة الفلسطينية” (Hamas Contained: The Rise and Pacification of Palestinian Resistance.). يُمكن متابعته على تويتر: @TareqBaconi

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى