محادثات أستانا: طبخة بحص أم طريق للحل؟

بقلم كابي طبراني

الجولة الأخيرة من “محادثات السلام” حول سوريا، التي عُقدت في 30 و31 تشرين الأول (أكتوبر) الفائت في أستانا، كازاخستان، لديها فرصة ضئيلة أو معدومة لدفع قضية السلام في البلاد قُدُماً وإنشاء مناطق وقف التصعيد المُتفَق عليها فعلياً.
وتهدف هذه المحادثات إلى وضع اللمسات الأخيرة على خطة مناطق تخفيف التوتر الأربع التي ستشمل مناطق معينة في إدلب واللاذقية وحلب وحماه وحمص والغوطة الشرقية ودرعا والقنيطرة، وتدعو النظام إلى وقف الغارات الجوية في هذه المناطق ستة أشهر على الأقل، وهي فترة يمكن تمديدها إذا لزم الأمر.
ويُمكن لوقف إطلاق النار، إذا ما نُفّذ، أن يُمهّد الطريق أمام تسوية سياسية للصراع في البلد. أو هذا هو المأمول.
وكانت مناطق تخفيض التصعيد الأربع المذكورة شهدت إنتهاكات متكررة لوقف إطلاق النار، بما في ذلك الغوطة الشرقية، التي أصبحت مسرحاً لإنتهاكات جسيمة، حيث يُقال أن الأطفال يموتون بالمئات جوعاً.
روسيا، التي إكتسبت موطئ قدم قوياً، ويبدو دائماً، في سوريا، هي المُحرّك الرئيسي وراء منتدى أستانا لمحادثات السلام. ومن المفترض أن تكون تركيا وإيران أيضاً ضامنتين لمناطق تخفيض التوتر أو التصعيد، لكن يبدو أنهما في خضم إعداد خططهما لفترة طويلة الأمد لسوريا.
في الوقت الحالي، إيران تقف إلى جانب دمشق وأنقرة تميل نحو الجانب السوري المتمرد.
من حهتها أعربت موسكو عن أملها في أن تسمح محادثات أستانا الأخيرة بعقد مؤتمر في سوتشي في روسيا حيث يُمكن وضع دستور جديد للبلاد، ولكن حتى تلك المبادرة المتواضعة لم تذهب بعيداً لأن المعارضة إعترضت على أن مفاوضاتٍ في سوتشي ستكون إنحرافاً خطيراً عن محادثات السلام التى ترعاها الامم المتحدة حول سوريا فى جنيف.
ومن المقرر ان تبدأ محادثات جنيف في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) وسط علامات على ان طرفي النزاع السوري لا يزالان بعيدين جداً عن بعضهما بالنسبة إلى المواقف والمطالب.
ويحدونا الأمل في ألّا تكون محادثات السلام هذه مساعي عقيمة ومكلفة، بل ستساعد على إحلال السلام الحقيقي في هذا البلد الذي دمرته الحرب بالكامل.
ولا يزال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، متفائلاً بشأن آفاق السلام في البلاد، ولكن لا يوجد سوى القليل لدعم توقعاته الإيجابية.
هناك حوالي نصف مليون سوري لقوا مصرعهم في هذه الحرب المجنونة، ونزح نصف السكان، والبلاد في حالة من الفوضى، والسوريون الذين ما زالوا في البلاد سيستمرون في المعاناة ومواجهة الموت، وبيادق للألعاب السياسية التي تقوم بها الدول التي لها مصلحة في رؤية سوريا مُحطّمة ومكسورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى