قطاع العقارات في سلطنة عُمَان يسعى إلى الإستفادة من الديموغرافيا والإصلاحات

في حين أن أرقام المعاملات العقارية لا تزال تعكس بيئة إقتصادية كلية أكثر حذراً، فإن الإصلاحات المُحتمَلة يُمكنها أن تُمهّد الطريق أمام سوق العقارات في سلطنة عُمان لإستعادة بعض ديناميته في المستقبل.

مؤتمر مسقط العقاري: إستعرض الفرص والتحديات

مسقط – باسم رحال

تراجعت قيمة العقارات المتداولة في سلطنة عُمان بين شهري كانون الثاني (يناير) وحزيران (يونيو) خلال هذا العام بنسبة 69.9٪ مقارنة بالفترة عينها من العام السابق لتصل إلى 1.4 مليار ريال عُماني (3.6 مليارات دولار)، وفقاً للإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات التابع للحكومة. وخلال الفترة نفسها، تراجعت قيمة عقود الرهن العقاري بنسبة 80.7٪ إلى 797.7 مليون ريال عُماني (2.1 ملياري دولار)، بينما إنخفض عدد عقود البيع بنسبة 23.9٪ ليصل إلى 30,635 عقداً.
وتشير الأرقام إلى إنخفاض ثقة السوق في وقت يتّسم الإقتصاد الكلي بعدم اليقين، حيث تواصل مسقط إعادة تنظيم إقتصادها وتحويله إلى بيئة تستطيع إحتواء وتحمّل تدني أسعار النفط من خلال تعديلات مالية وتدابير رامية إلى تعزيز التنويع. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي في السلطنة 0.4٪ هذا العام، بإنخفاض من 3.1٪ في العام الماضي و4.2٪ في العام 2015.

الإعتماد على الشباب

مع ذلك، هناك أكثر من نصف السكان في السلطنة تحت سن ال25، وفقاً لأرقام المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، لذا فإن هذا العدد الكبير للشباب ينبغي أن يستمر في الحفاظ على الطلب على العقارات، مع التركيز بشكل خاص على الشقق. وفي الواقع، فقد أشارت شركة “سافيلز” للخدمات العقارية إلى أن 75٪ من مبيعات الشقق في المناطق الوسطى من البلاد مثل مسقط قد تمت من قبل المواطنين الشباب خلال النصف الثاني من العام 2015.
“سوف تحتاج العقارات السكنية إلى تلبية الطلب على السكن لهذه المجموعة السكانية الناشئة، والتي من المرجح أن تكون لها شهية للسكن الحديث في شكل شقق”، قال سوداكار ريدي، الرئيس التنفيذي لشركة الحبيب وشركاه.
من ناحية أخرى، تشكل البلاد أيضاً موطناً لعدد كبير من المهاجرين، الذين يمثلون 45.1٪ من السكان حتى الشهر الفائت، وفقاً للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات. وساعد التوسع في هذه الفئة السكانية على زيادة معدل النمو السكاني بنسبة 8.5٪ سنوياً بين عامي 2011 و2015، وفقاً لأرقام البنك الدولي.
بيد أن تباطؤ الاقتصاد ومشاريع المطار والسكك الحديدية والموانئ المدعومة من الحكومة أدّت إلى تغيرات في مزيج المهاجرين، حيث إختار بعض العمال الأجانب المهرة المغادرة، فيما إستمر العمال غير المهرة في الوصول. وهذا بدوره أثر في ديناميات السوق، قال ريدي، واضعاً ضغوطاً هبوطية على الإيجارات وزيادة الطلب على السكن بأسعار معقولة أكثر.

بإنتظار موافقة مجلس الوزراء

ويجري حالياً النظر في إجراء إصلاحات تشريعية للقوانين المتعلقة بشراء العقارات لمساعدة السوق على التكيّف مع عدد كبير من السكان غير الأصليين في عُمان.
في الوقت الراهن، لا يستطيع الرعايا الأجانب من خارج دول مجلس التعاون الخليجي إمتلاك الأراضي إلّا في مناطق ُمعَيَّنة تُعرف ب”المجمعات السياحية المتكاملة”، وقد تم ترخيص ستة منها إعتباراً من العام 2016.
ولكن في منتصف آذار (مارس)، إقترحت وزارة الإسكان قواعد جديدة التي تسمح للمواطنين الأجانب بتملّك ممتلكات خارج المجمعات السياحية المتكاملة. وتلغي اهذه لمقترحات أيضاً القيود المفروضة على الأهلية إستناداً إلى الوقت الذي قضاه المشتري الأجنبي المحتمل في عُمان، وسيتم تنفيذها بعد مناقشتها من قبل مجلس الشورى وموافقة مجلس الوزراء عليها.
“إذا تحوّلت المقترحات إلى قانون بعد موافقة مجلس الوزراء، فإنها يمكنها أن تعزز مبيعات العقارات من خلال السماح للأجانب بإستيعاب القدرات غير المستخدمة، وخصوصاً بالنسبة إلى الممتلكات العالية والمتوسطة الكلفة”، قال هشام موسى، الرئيس التنفيذي لشركة “الأرجان تاول”.
كما أعلن محمد الغسّاني، نائب رئيس مجلس الشورى، مساندته العامة للتشريع في مؤتمر عُمان العقاري الذي عُقد في مسقط في منتصف أيار (مايو) الماضي.
“إن إقتصادنا سيستفيد كثيراً من ذلك، و(هذه المقترحات) ستلعب دوراً كبيرا فى تطوير القطاع العقاري. ومن خلال السماح للأجانب بشراء أنواع معينة من الممتلكات فقط، فإن عُمان تفقد فرصة كبيرة تقع على عتبة بابها”، قال لوسائل الإعلام المحلية.
ومع ذلك، فإن بعض مراقبي السوق يشعر بالقلق من التشريع الجديد، معتبراً أن التحرير سيضخّم أسعار العقارات في المديين القصير والمتوسط، ويجعل من الصعب على السكان المحليين شراء الأراضي.

مؤشّر التسعير

من الإصلاحات المُحتملة الأخرى لأصحاب المصلحة في القطاع العقاري في سلطنة عمان هو وضع مؤشر تسعيري للعقارات، الذي تم طرحه للتنفيذ هذا العام.
وقد عملت جمعية العقارات العُمانية ومارست الضغط لتنفيذ مشروع المؤشر، حيث قالت عنه أنه سيزيد من الشفافية من خلال إعطاء صورة أوضح عن أسعار السوق الحالية وتاريخ صفقات العقارات.
وسيسعى المؤشر أيضاً إلى مواجهة وإبطال ما يصفه أصحاب المصلحة في القطاع على أنه تخفيضٌ لقيمة الممتلكات بسبب رفع ضريبة المعاملات في نهاية كانون الثاني (يناير) 2016. ومنذ ذلك الحين، تخضع جميع معاملات البيع والتأجير في السلطنة لضريبة بنسبة 5٪ من قيمة العقار، بعدما كانت 3٪ سابقاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى