أرقام الربع الأول تُظهِر زيادة المعروض النقدي في البنوك العُمَانية
أكد الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني حمود بن سنجور الزدجالي أخيراً أن وضع القطاع المصرفي في السلطنة سليم، منوِّهاً بأهمية قيام البنوك بإعداد خطة منهجية لمواجهة أي تعثّر يعترضها. وأضاف بأن البنك المركزي إتبع منهجاً متوازناً في إدارة القطاع المصرفي، إلى جانب توظيفه للسياسة النقدية المتوازنة. ولكن إلى أي حد يصح هذا الكلام؟
مسقط – سمير الحسيني
تُشير إحصاءات البنك المركزي العُماني إلى إرتفاع المعروض النقدي بين البنوك الوطنية في الربع الأول من العام 2017، حيث إرتفع إجمالي الودائع في البنوك التقليدية بنسبة 4.2٪ ليصل إلى 19.02 مليار ريال عُماني (49.4 مليار دولار)، مقارنةً مع نمو بنسبة 2٪ في الربع الأول من العام 2016.
وقد دعم هذه الزيادة إرتفاعاً بنسبة 6.9٪ على أساس ربع سنوي في الودائع الحكومية في المصارف التجارية بين كانون الثاني (يناير) وآذار (مارس)، وكذلك التوسّع على أساس ربع سنوي في الودائع العامة وودائع القطاع الخاص بنسبة 5.7٪ و 3٪ على التوالي.
وفي تقرير صدر في حزيران (يونيو)، قالت وكالة موديز للتصنيف الإئتماني أن 34٪ من ودائع النظام المصرفي قامت بها الحكومة والكيانات ذات الصلة خلال هذه الفترة، مستشهدةً بإرتفاع أسعار النفط الذي سبّب تحسّناً في إيرادات الدولة ونمو الودائع.
كما كان لهذه النتائج أثر إيجابي في الأرباح، حيث سجلت ثلاثة من البنوك التجارية الستة المُدرَجة في سوق مسقط للأوراق المالية أرباحاً صافية على أساس سنوي خلال هذه الفترة.
وإرتفع صافي أرباح بنك مسقط بنسبة 1.1٪ ليصل إلى 44.2 مليون ريال عُماني (114.8 مليون دولار)، وبنك صحار بنسبة 46.3٪ إلى 6 ملايين ريال عُماني (15.6 مليون دولار)، كما إرتفع صافي أرباح بنك “إتش أس بي سي” بنسبة 62.9٪ ليصل إلى 5.7 ملايين ريال عُماني (14.8 مليون دولار). وظلت الأرباح في البنك الوطني العُماني مستقرّة عند 13 مليون ريال عُماني (33.8 مليون دولار)، في حين إنخفضت أرباح كل من بنك ظفار والبنك الأهلي قليلاً.
وعقب الإنتهاء من مشاورات المادة الرابعة مع سلطنة عُمان في أيار (مايو) الفائت، لخّص صندوق النقد الدولي النتائج التي توصل إليها بشأن القطاع المصرفي في السلطنة، قائلاً: “لا يزال النظام المصرفي العُماني مُرَسمَلاً جيداً، وقد إزدادت الودائع فيه، ويبدو أن أوضاع السيولة لديه قد تحسنت، والإئتمان إلى القطاع الخاص يواصل النمو”.
نضوج الخدمات المصرفية الإسلامية
في حين أن القطاع المصرفي التقليدي تمتّع بأفضل ربعٍ له منذ أكثر من عام، فإن أقوى أرقام النمو هذا العام جاءت من القطاع المصرفي الإسلامي الوليد في البلاد.
وعلى الرغم من أن أول بنك إسلامي متخصّص في سلطنة عُمان لم يبدأ عملياته حتى العام 2013، إالّا أن العامين الماضيين شهدا نمواً سريعاً في قطاع المصارف الإسلامية، حيث إنتقلت حصته السوقية من 5.1٪ في العام 2015 إلى 10.8٪ هذا العام، وفقاً للبنك المركزي العُماني. وكانت إحصاءات شباط (فبراير) إيجابية أيضاً، حيث أظهرت إرتفاع موجودات القطاع بأكثر من 62٪ على أساس سنوي لتصل إلى 3.27 مليارات ريال عُماني (8.5 مليارات دولار).
في العام الماضي، إنتقل البنكان الإسلاميان المتخصّصان – بنك العز الإسلامي وبنك نزوى – من مرحلة البدء إلى مرحلة النمو، حيث تجاوزا تكاليف البنى التحتية والموارد البشرية المُبكرة ووضعاها خلفهما.
وسجل بنك نزوى، وهو أول مصرف إسلامي متخصّص في السلطنة، نمواً في الأصول بنسبة 49٪ ليصل إلى 515 مليون ريال عُماني (1.3 مليار دولار) في العام الماضي، ليُحقّق ربحاً صافياً لأول مرة منذ بدء تشغيله. وفي الوقت نفسه، إرتفعت موجودات بنك العز الإسلامي بنسبة 51٪ إلى 381.6 مليون ريال عُماني (991.2 مليون دولار)، على الرغم من أنه من غير المتوقع أن يحقق البنك أرباحاً حتى العام 2018، وفقاً لمحللين في “أوبار كابيتال”، وهي شركة إستثمار وأبحاث في مسقط.
وقال خالد الكايد، الرئيس التنفيذي لبنك نزوى، أن النمو القوي الذي حققه القطاع أخيراً قد ساعده، حسب إعتقاده، “ربما أفضل إطار تنظيمي للتمويل الإسلامي في دول مجلس التعاون الخليجي”.
“على الرغم من أنه كانت هناك تحديات في بعض الأحيان – وخصوصاً عندما تتواءم القوانين مع معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للتمويل الإسلامي – فقد كان البنك المركزي العُماني دائما مَرِناً للغاية وإستباقياً في الإستجابة للحلول المقترحة”، يضيف.
وتتوقع شركة “أوبار كابيتال” أيضاً أن يُخفّض بنك نزوى وبنك العز الإسلامي نسبة التكلفة إلى الدخل إلى متوسط القطاع البالغ حوالي 40٪ في المدى المتوسط، وذلك من 91٪ و 141٪ على التوالي. ولتحقيق ذلك، سيحتاج بنك نزوى إلى تسجيل معدل نمو سنوي مركب قدره 10٪، في حين سيحتاج بنك العز الإسلامي إلى معدل نمو سنوي مركب يبلغ 14٪ بين عامي 2017 و2021، وفقاً ل”أوبار كابيتال”.
“فيتش” تُعطي تقييمات إيجابية
وفي تأكيد للأرقام الإيجابية الناشئة من القطاع المصرفي، فقد منحت وكالة التصنيف الدولية “فيتش” تصنيفاً إيجابياً للبنوك العُمانية في حزيران (يونيو) الفائت. وأشارت “فيتش” إلى قوة الدعم الحكومي لمصارف البلاد كسبب رئيسي لتصنيفها، فضلاً عن الإعتقاد بأن عُمان حافظت على قدرتها المالية إلى حد كبير على الرغم من الآثار الضعيفة لإنخفاض أسعار النفط.
ونظرة “فيتش”، بأنه من غير المرجح أن تضرّ الحكومة بإستقرار القطاع من خلال سحب ودائعها، قد ردّدها أيضاً أصحاب المصلحة في القطاع المصرفي العُماني. “قبل أن تسحب الحكومة من ودائعها المصرفية، فإنها أولاً ستسحب من إحتياطات البنك المركزي، وتُخفّض النفقات، وتتطلع إلى زيادة الإيرادات الضريبية، لذلك من غير المرجح أن تسحب الحكومة من ودائعها المصرفية”، قال أندرو لونغ، الرئيس التنفيذي لبنك “إتش أس بي سي عُمان”.
وكان تصنيف “فيتش” بمثابة دفعة إيجابية لوضع الإستثمار في سلطنة عُمان بعدما خفَّضت وكالة “ستاندرد آند بورز” التصنيف الإئتماني العُماني إلى غير مرغوب فيه (Junk) في أيار (مايو)، وهو قرار يعكس “إحتمال إنخفاض مستوى دخل عُمان وتراجع أوضاعها المالية والخارجية”، كما أوضحت “ستاندرد أند بورز”.
وفي تعليقه على تصنيف “ستاندرد أند بورز”، قال لؤي بطاينة، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبار كابيتال”: “يدرك المستثمرون التحديات التي تواجهها سلطنة عُمان وقد قاموا بتسعيرها في قراراتهم. إن تصنيف “ستاندرد أند بورز” لا ولن يُغيّر ذلك”.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.