أنقذوا أطفال سوريا من آثار الحرب الصادمة
بقلم كابي طبراني
عندما يذهب الكبار إلى الحرب، فإن الأطفال يعانون أكثر من غيرهم ويدفعون الثمن. لقد تمّ أخيراً توثيق تأثير ست سنوات من الحرب على أطفال سوريا في تقرير صادر عن مؤسسة “أنقذوا الأطفال”(Save the Children)، وهي منظمة غير حكومية بريطانية تُعنى بالدفاع عن حقوق الطفل حول العالم.
الواقع أن قراءة هذا التقرير تروّع النفس وتُدمي القلب. إن الكثيرين من هؤلاء الصغار إما فقدوا أفراد أسرتهم – آباء وأمهات وأخوات وإخوة – أو خسروا أطرافهم وقدرتهم على الذهاب إلى المدرسة، أو السعي إلى الحصول على التعليم العادي. لقد فقد جميعهم براءتهم.
ويورد التقرير تفاصيل الألم النفسي الهائل الذي يعيشه ويعانيه هؤلاء الأطفال، حيث وجد أن هناك زيادة هائلة في إيذاء النفس، ومحاولات الإنتحار ونقاط تبوّل لا-إرادي الذي تحوّل إلى وباء تدعوه المجموعة البريطانية الخيرية “الإجهاد السام”. جيل كامل يكبر مع صدمة نفسية شديدة، ومنظمة “إنقذوا الأطفال” تشير إلى أنه من دون مساعدة فورية، فإن الضرر قد يكون دائماً ولا يمكن عكسه.
إن العواقب على مستقبل سوريا يصعب تصوّرها. هناك جيل كامل يعاني من قضايا ومشاكل الصحة العقلية، وهذا يعني أنه عندما تنتهي الحرب – وليس من الواضح حتى الآن كيف ومتى – سيكون من الصعب على البلاد إعادة البناء. إن هؤلاء الأطفال المصدومين سيكبرون ويواجهون كل أنواع الصعوبات والتحديات مثل البالغين، ويُمكن أن يكونوا أكثر عدوانية حيث سيجدون صعوبة في التعامل مع العلاقات العاطفية والوظائف. وهناك إحتمال حقيقي أن تنشأ من خلالهم دائرة جديدة من العنف.
توجد فعلياً برامج دعم معمول بها في بعض أجزاء من البلاد، ولكن المنظمة البريطانية الدولية تدعو إلى مزيد من المساعدة على توسيع نطاقها. وهذا هو بالتأكيد يشكّل حاجة مُلحّة. لكن أبعد من ذلك، فإن الحرب في حدّ ذاتها هي المشكلة. لقد إستند التقرير على مقابلات مع أطفال في جميع أنحاء سبع محافظات سورية. ومع ذلك، نظراً إلى حجم أزمة اللاجئين، فإن هذا هو جزء واحد من المشكلة. لقد فرّ أكثر من مليوني طفل من سوريا. وهم يعيشون في ظروف خطرة غير مستقرة في مخيمات اللاجئين في الشرق الأوسط أو المدن الأوروبية. بعضهم غير مصحوب بأحد، الأمر الذي يزيد التوتر لديه ويعرّضه إلى مخاطر جسيمة. من دون وضع حدّ للحرب، فإن هؤلاء الأطفال ليس لديهم أمل في العودة إلى أي شيء يشبه الحياة الطبيعية.
لا تزال الحرب في سوريا تشكّل أسوأ أزمة إنسانية في العالم. بلا نهاية، فإن عواقبها ستستمر على مدى عقود، حتى أجيال. إن خطايا الكبار ينبغي ألّا يدفع ثمنها أطفال سوريا.