كل عام وأنتم متفائلون!
بقلم كابي طبراني
يقول أهل الخبرة والعلم أن لدى بني البشر ولعاً بالتواريخ التعسفية والمُعيَّنة. فهي تساعد على تنظيم حياتنا، وتُعلِمنا بنهاية الأسبوع وببداية الشهر، وتفيدنا باليوم الذي ينبغي تذكر زواجنا أو الإحتفال بذكرى مولدنا…
وهي أيضاً، للغرابة، تحكم آمالنا ومخاوفنا. غالباً ما تحمل نهاية فصل الصيف الخوف من أن السنة تمرّ وإنجاز أهدافنا، ربما، لم يتم بالسرعة الكافية. كما أن عيد ميلاد مَعلَم – 30، 40 أو 50 – يُمكن أن يجعلنا نفكّر ملياً بإتجاه حياتنا. وبطبيعة الحال، فإن العام الجديد يجعلنا نتطلع إلى الأمام ونأمل بأفضل الأوقات.
بالتأكيد، لقد حملت سنة 2016 تحديات. على الصعيد الدولي، ولّد كلٌّ من إنتخاب دونالد ترامب رئيساً في الولايات المتحدة والتصويت على إنفصال المملكة المتحدة عن الإتحاد الأوروبي حالة من عدم اليقين التي من شأنها أن تؤثر في الشؤون السياسية والإقتصادية في العالم. أقرب إلى الوطن، رغم الأخبار السعيدة التي عرفها لبنان بإنتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية وتأليف حكومة وحدة وطنية برئاسة سعد الحريري، فقد نالت منطقة الشرق الأوسط نصيبها من الصعوبات، حيث كانت هناك أحداث مؤثّرة – سقوط حلب في أيدي النظام السوري، بداية هجوم الجيش العراقي لإستعادة الموصل – ستحكم كيف سيبدو العام 2017.
لهذا السبب فإنه من الصعب أن نكون متفائلين. ولأن نهاية العام 2016 هي مجرد تاريخ تعسفي ومُعَيَّن في عملية سياسية طويلة، فإن الأحداث التي بدأت في العام 2016، أو التي كانت جارية فعلياً قبله، هي التي تلعب وتدور الآن – وهي سوف لن تنتهي في 31 كانون الأول (ديسمبر) ولن تبدأ في الأول من كانون الثاني (يناير). لقد إحتدمت الحرب الأهلية السورية منذ ما يقرب من ست سنوات؛ ولن تنتهي في يوم واحد أو شهر أو ربما حتى سنة. والحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” لن تنتهي في الموصل أو الرقة في أسابيع، ولكنها سوف تستغرق وقتاً أطول من ذلك بكثير. إن الآثار المترتبة على رئاسة ترامب أو التصويت على إنفصال بريطانيا عن الإتحاد الأوروبي سوف تستغرق بدورها شهوراً أو سنوات لكي تصبح واضحة.
إن الأشياء التي تملأ نفوسنا بالشك أو القلق – مثل الأشياء التي تملأ نفوسنا بالأمل والسعادة – لا ترتبط بتاريخ مُعَيَّن. وربما كان هناك شيء من التفاؤل في ذلك. لأنه حتى مع جميع الصعوبات التي نواجهها في الوقت الراهن، فسوف يكون في نهاية المطاف حلّ – ليس في 1 كانون الثاني (يناير)، ولكن في الوقت المناسب.
وبالمثل، جميع الأشياء التي نحن متفائلون بها وحولها – وكل واحد ستكون لديه قائمة مختلفة – لن تنتهي في تاريخ تعسّفي مُحدَّد. ما نحن متفائلون به وحوله، وما نريد الإحتفال به أو تغييره في العام 2017، هو بالفعل معنا، وسوف يبقى معنا إلى ما بعد العام 2017. إن آمالنا ومخاوفنا لا ترتبط بتاريخ واحد مُعيَّن.
وكل عام وأنتم بخير…