وداعاً للإقتصاد النقدي؟
بقلم كابي طبراني
النقد في أزمة. فنزويلا هي الأحدث في سلسلةٍ من البلدان، من الهند إلى زيمبابوي، التي تسحب الأوراق النقدية الكبرى من التداول. مع إقتصاد يكافح بسبب إنخفاض أسعار النفط وسنوات من سوء الإدارة، فقد أزال الرئيس نيكولاس مادورو الأوراق النقدية من فئة ال100 بوليفار من التداول في منتصف الشهر الجاري. وأعقبت ذلك إحتجاجات كما عرف المعروض من النقود نقصاً في جميع أنحاء البلاد. والمشاهد التي رأيناها في فنزويلا لم تختلف عن حالة الفوضى التي إجتاحت الهند بعد إزالة رئيس الوزراء ناريندرا مودي للأوراق النقدية من فئتي ال1000 وال500 روبية. وكانت هاتان الفئتان تشكّلان 86 في المئة من مجموع العملة الهندية. في زيمبابوي، كان هناك نقص نقدي شامل أيضاً، الأمر الذي أحدث إزدحاماً فوضوياً حول البنوك. وتقترب البلاد من تبنّي عملة جنوب أفريقيا، الراند، كعملة رسمية.
لماذا هناك الكثير من الصراعات على النقد في نهاية العام 2016؟ لشيء واحد، النقد صار طرازاً قديماً. فهو من أكثر الوسائل غير اللائقة وغير المناسبة الآن لدفع ثمن السلع والخدمات. إن الملايين من الناس الذين يُخزّنون مُدّخراتهم نقداً يواجهون مستقبلاً غامضاً حيث أن الكوارث الطبيعية، والسرقة، أو إلغاء العملة يمكن أن تؤدي إلى ضياع ما جنوه طوال حياتهم.
على النقيض من ذلك، فقد إنتقلت المدن الكبرى في الغرب مثل نيويورك أو لندن إلى حد كبير إلى النماذج غير النقدية. يمكنك أن تدفع ثمن تناول فنجان القهوة في الصباح بواسطة الهاتف الذكي وتنقلاتك من طريق بطاقة إلكترونية مُتّصلة بحسابك المصرفي، والقيام بشراء بقالتك على الإنترنت. هذه المعاملات تترك “سجلاً ورقياً” إلكترونياً، وهكذا لن تفقد كل شيء إذا سُرِقت محفظتك أو هناك مشكلة مع عملية شراءٍ حديثة أجريتها عبر الإنترنت. إن المجتمعات غير النقدية تخلق أسواقاً مالية أقوى، ونظراً إلى حقيقة أننا جميعاً نستخدم الهواتف الذكية على أي حال، فإن إستخدام هواتفنا لدفع ثمن الأشياء هو أمر سهل وسلس.
بالنسبة إلى الأسواق الناشئة، فإن الدرب غير النقدي أمرٌ بالغ الأهمية في مكافحة الفساد، وتدمير الأسواق السوداء، وإنهاء التهرّب من دفع الضرائب. إن رئيس الحكومة الهندية مودي، على سبيل المثال، يُخطِّط لايصال أكبر ديموقراطية في العالم إلى هياكل إقتصادية تتناسب مع القرن ال21 من طريق التحوّل إلى مجتمع غير نقدي. في فنزويلا، يسعى مادورو بدوره إلى تدمير السوق السوداء التي تُغذّي السيولة النقدية وسوء الإدارة الإقتصادية التي أُنشئت في عهد هوغو شافيز.
إن المستقبل واضحٌ وهو في هواتفنا الذكية. لقد أصبح النقد طريقة قديمة غير آمنة للدفع. لذا تعالوا من الآن فصاعداً نتحوّل إلى مجتمع غير نقدي لنواكب القرن الواحد والعشرين.