المال وحده لا يستطيع شراء إعادة إعمار سوريا

بقلم سايمون كوفيني وإين ماري إريكسن سوريد*

بعد عشر سنين على اندلاعها، أصبحت الحرب في سوريا واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في القرن الحادي والعشرين. كانت تكلفتها البشرية هائلة ولا يمكن قياسها. لا تزال لحظاتها المُقلقة محفورة في وعينا الجماعي، بدءاً من الهجمات المروّعة بالأسلحة الكيماوية، إلى صور الأطباء المُهَدَّدين والمرعوبين العاملين في المستشفيات التي تعرّضت للقصف، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والمدنيين اليائسين الذين أُجبروا على الفرار من منازلهم.

يُمكن للحجم الهائل للمأساة أن يُربكنا. لا يزال هناك أكثر من 13 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية. ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي، يُعاني ستون في المئة من السكان من أجل الحصول على ما يكفيهم من الغذاء. وهناك أكثر من 5 ملايين سوري باتوا من اللاجئين وأكثر من 6 ملايين نازح داخلياً. إن جيلاً كاملاً ينمو من دون الوصول إلى التعليم أو الوصول المحدود إليه، ولم يعرف سوى الحرب. لا شك أن المعاناة الإنسانية ستستمر في إحداثِ صدمةٍ لأجيال جديدة من السوريين ما لم يتمّ إنهاء النزاع.

الواقع أن الصراع الذي لم يجد حلّاً بعد ما زال يتسبّب بمعاناة هائلة وزيادة الاحتياجات الإنسانية. حتى لو كان في مرحلة أقلّ حدّة من ذي قبل وصار الوضع على الأرض أقل اضطراباً مما كان عليه، فإنه لا يزال يُعيق التنمية وعودة اللاجئين. في غضون ذلك، لا تزال سوريا أرضاً خصبة للجماعات الإرهابية، مثل “داعش”.

بصفتهما من أعضاء مجلس الأمن الدولي، وكمُيَسّرَين ومُسَهّلَين لعمله بشأن الوضع الإنساني في سوريا، ستواصل النروج وإيرلندا دعم الشعب السوري.

يجب أن يتلقّى الدعم اللازم للصمود والبقاء على قيد الحياة وإعادة بناء حياته. كانت ردود كل من النروج وإيرلندا على الصراع السوري أكبر ردود فعل لنا على الإطلاق تجاه أزمة واحدة. سوف نتعهّد مرة أخرى بدعمنا للشعب السوري في مؤتمر “بروكسل الخامس” المقبل في وقت لاحق من هذا الشهر.

إن الدعم المالي وحده لا يكفي. يجب علينا أيضاً أن نوفّر للعاملين في المجال الإنساني الطريق الآمن والمضمون من دون عوائق الذي يحتاجون إليه للوصول إلى جميع الأشخاص المحتاجين.  لقد قُتِلَ المئات من عمال الإغاثة أثناء الصراع. في كثير من الأحيان، أُحبِطَت الجهود التي يبذلها عمال الإغاثة للوصول إلى المحتاجين بسبب العوائق الإدارية أو حسابات الاعتبارات الجيوسياسية.

سنواصل الدعوة بلا كلل في مجلس الأمن للسماح للجهات الفاعلة الإنسانية بالوصول الكامل ومن دون عوائق إلى جميع الأشخاص المحتاجين في جميع أنحاء سوريا.

في حين أن استمرار توفير المساعدة الإنسانية والوصول إليها أمرٌ حيوي، إلّا أن إنهاء النزاع والتسوية السياسية الشاملة هما اللذان يمكنهما تحقيق الاستقرار في سوريا وإنهاء المعاناة. لا يوجد حلٌّ عسكري للصراع السوري. إن قرار مجلس الأمن 2254 بشأن التسوية السياسية في سوريا يُوَفّر إطاراً لعملية سياسية يملكها ويقودها السوريون، ويُسهّلها المبعوث الخاص للأمم المتحدة “غير بيدرسن” وبدعمٍ من المجتمع الدولي على نطاق واسع، بما في ذلك بدعم قوي من النروج وإيرلندا. إن إشراكَ المرأة والمجتمع المدني في عملية السلام هو أمر حاسم لتحقيق أفضل نتيجة لجميع السكان.

حتى الآن، لم نشهد تقدّماً يُذكَر في الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية سياسية. نحن بحاجة إلى جهودٍ مُشتركة ومُكثّفة لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، أوّلاً وقبل أي شيء من الحكومة في دمشق وجميع الأطراف السورية، ولكن أيضاً من المجتمع الدولي والدول المُنخرطة في شؤون البلاد. إن شعب سوريا لا يستحق أقل من ذلك. والمنطقة بحاجة إليه أيضاً.

بينما نواجه عقداً ثانياً من عدم الاستقرار والصراع والمعاناة الإنسانية، نُكرّر مُناشدتنا لوقفٍ دائم لإطلاق النار على الصعيد الوطني والمشاركة الجادة في العملية السياسية في سوريا، بروح التسوية والمشاركة البنّاءة. يجب أن تصل المساعدات الإنسانية إلى جميع الأشخاص المحتاجين. من أجل هؤلاء والأجيال الآتية من السوريين، ندعو إلى إنهاء هذه الكارثة، وأن يعمل الجميع من أجل السلام.

  • سايمون كوفيني هو وزير الخارجية والدفاع في إيرلندا، يُمكن متابعته عبر تويتر على: @simoncoveney. وإين ماري إريكسن سوريد هي وزيرة خارجية النروج.
  • كُتِبَ هذا المقال بالإنكليزية وعرّبه قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى