غذاء السوريين يُغذّي الحرب عليهم
لا شك بأن بعض الوكالات والمنظمات العربية والعالمية والشركات الغربية الوسيطة، تعطي الخبز للسوريين الجياع والمحتاجين. ولكن على الرغم من كل النوايا الحسنة، فهي تجعل صنع السلام أصعب على التحقيق.
درعا – برنت أنغ، وخوسيه مارتينيز سيرو*
في عيد الشكر في أميركا في العام 2015، إستيقظ ممثل شركة “كيمونِكس الدولية” الأميركية في عمّان، وهي شركة خاصة تعمل مع واشنطن في البلدان النامية في جميع أنحاء العالم، على مكالمة هاتفية من مسؤول حكومي أردني. إن أسعار الخبز في درعا، المحافظة السورية الجنوبية التي تشترك في الحدود مع الأردن، قد تضاعفت في غضون أيام. ألحّت الحكومة الأردنية على “كيمونِكس” وبشكل طارىء تسليم كمية من الطحين بأقصى سرعة ممكنة.
يمثّل هذا الطلب المشوب بالذعر صورة مفاجئة ظاهرياً. قبل أسبوع من ذلك، لم تسمح الحكومة الأردنية، التي تحافظ على رقابة مُشدَّدة على حدودها مع سوريا، ل”كيمونِكس” تسليم الشحنة المعتادة من الطحين إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمرّدون السوريون. والسبب “مخاوف أمنية”، وفقاً لموظف في “كيمونكس”. الآن، يبدو ان عمّان تخشى من حدوث إضطرابات بالقرب من الحدود بسبب زيادة أسعار الخبز قد تتمدد وتهدد إستقرار الأردن.
هذه القصة توضّح بدقة التحالفات الغريبة، وسلاسل التوريد المشوّهة، والتعاملات عبر الحدود التي يعتمد عليها العديد من السوريين الآن من أجل الصمود والبقاء. لا شك أن مثل هذه المساعي تساعد على منع حدوث أزمة إنسانية، وتساهم في وقف تدفق اللاجئين الجياع، وتعزّز قدراً من الإستقرار الإجتماعي في البلد الذي مزّقته الحرب. ولكن هناك فرصة جيدة بأن هذه النجاحات في المدى القصير ستأتي على حساب الإستقرار السياسي في المدى الطويل بالنسبة إلى السوريين.
في الآونة الأخيرة، ركّز العالم إهتمامه على تجويع سكان المدينة السورية المُحاصَرة “مضايا”. ولكن الملايين من السوريين خارج المناطق المُحاصَرة لا يزالون يعتمدون على المساعدات الدولية للحصول على القوت الأساسي. في العام 2015 وحده، ساعدت المنظمات الإنسانية على إطعام ما يقرب من 7 ملايين شخص من أصل نحو 16.6 مليون سوري ما زالوا داخل البلاد.
لا تزال غالبية المساعدات الغذائية الطارئة من إختصاص برنامج الأمم المتحدة العالمي للأغذية، الذي إستطاع تأريخ مشاكل توزيع المساعدات في سوريا تأريخاً جيداً. ولكن جزءاً كبيراً من المساعدات يجري الآن توجيهه من خلال متعاقدين مع الحكومة الأميركية مثل “كيمونِكس”. وكشركة متخصصة في “التنمية الدولية” والأكثر إعتياداً على تعليم تقنيات الري أو تعزيز التمويل الأصغر في تشغيل العمليات الإنسانية في منطقة حرب، فإن “كيمونِكس” هي الآن في طليعة الجهود، التي تموّلها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، لإطعام السوريين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في منطقة درعا الجنوبية. وهذا يعني أنها تجلس أيضاً على الخطوط الأمامية للمعركة العسكرية من أجل الحصول على ولاء السوريين المُنعدِمي الأمن الغذائي.
إن توفير الغذاء، وخصوصاً الخبز، كان مصدراً لخلاف عنيف طوال الحرب الأهلية في سوريا. كلٌّ من المعارضة ونظام الأسد حاول حشد الدعم لنفسه – وحرمانه لأعدائه – من خلال تنظيم وصول المدنيين إلى إعاشة السلع. “الخبز هو عنصر أساسي للحياة”، أوضح ناشط في درعا، و”سعر الخبز … يعتمد بشكل كبير على تسليم الدقيق من الأردن”، مضيفاً.
منذ العام 2011، بذل نظام الأسد جهوداً كبيرة للحفاظ على توفير الخبز المدعوم، الذي كان مفتاحاً أساسياً لنظام الرعاية في فترة ما قبل الحرب في البلاد. حتى الآن، فيما تستمر قيمة العملة السورية في السقوط والإحتياطات الأجنبية تنفد، لا يزال الخبز المدعوم موفَّراً وموجوداً على نطاق واسع في مساحات واسعة من الأراضي الواقعة تحت سيطرة النظام. وهذا ليس مصادفة. إن حكومة الأسد في زمن الحرب قد إستوردت باطراد كميات كبيرة من القمح من أوكرانيا وروسيا. وقد دفعت أيضاٌ للمزارعين المحليين، حتى في المناطق الخارجة عن سيطرتها، أسعاراً أعلى من السوق لمحصولهم لحرمان المتمرّدين من المؤونة ودعم متاجرها الخاصة.
وقد حاولت جماعات المعارضة المختلفة تقليد توفير الحكومة للخدمات العامة بإعتبارها وسيلة لإظهار رغبتها وقدرتها على إستبدال نظام الأسد. على الرغم من أن الأمر نادراً ما تمت مناقشته في وسائل الإعلام العربية والغربية، فإن توفير الخبز قد ساعد تنظيم “الدولة الإسلامية” على الحصول على موطئ قدم في البلدات والقرى التي سيطرت عليها سابقاً جماعات متمردة أخرى خلال ظهوره الأولي في أواخر العام 2013. و”الجيش السوري الحر”، على النقيض من ذلك، بإهماله لهذه الواجبات فقد وجد نفسه عرضة للجماعات الاسلامية التي بذلت جهوداً متضافرة لتوفير الخبز. إن تنظيم “جبهة النصرة” التابع لتنظيم “القاعدة”، على سبيل المثال، حصل على دعم واسع في حلب من طريق تنظيم طرق تسليم الخبز التي تجنّبت بنجاح الضربات الجوية للنظام. وتُدرك قطر والمملكة العربية السعودية أيضاً جيداً أن الخبز هو مركزي على حد سواء بالنسبة إلى حياة المدنيين ونجاح الجماعات المتمردة. لقد قامتا بتنسيق جهودهما لتوفير الطحين الى الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة.
خلال السنوات الأولى من الصراع، أُصيبت وكالات الامم المتحدة بالإحباط من عدم إستعداد الحكومة السورية السماح لها بالوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمرّدون. في نهاية المطاف، قرر المجتمع الدولي ببساطة تجاوز الحكومة السورية. في العام 2014، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2165، الذي سمح بعبور المساعدات الانسانية عبر الحدود من الأردن وتركيا والعراق للوصول إلى سوريا من دون موافقة الأسد. على الرغم من إحباطها في كثير من الأحيان، فإن هذه الشحنات عبر الحدود – التي إستهدفت غالبيتها الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة – ساعدت المدنيين مؤقتاً على تأمين بقائهم على قيد الحياة، وإن كان ذلك طالما بقيت الإمدادات فقط.
وكانت الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة للغذاء في الصراع السوري، حيث عملت بشكل وثيق مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لتوفير أكثر من 1.4 مليار دولار من المساعدات الغذائية منذ إندلاع الأزمة. وقد ساهمت هذه التبرعات بإصدار بطاقات قسائم غذائية للاجئين السوريين في البلدان المجاورة مثل تركيا والأردن، وتغذية تكميلية إضافية للأطفال داخل سوريا. ولكن مساهمة واشنطن الأكثر إبتكاراً قد تكون برنامج الطحين إلى المخابز الذي أطلقته الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. منذ العام 2013، تعمل هذه الأخيرة مع الجماعات المحلية لتوفير الطحين إلى 230 مخبزاً في ست محافظات التي يسيطر عليها المتمرّدون، مع إرسال الدقيق من تركيا والأردن.
مع ذلك، لم تكن هذه الجهود الحسنة النية بمنأى عن مضاعفات الحرب. في البرنامج التجريبي للمشروع في حلب، تشاركت الوكالة الأميركية للتنمية مع “وحدة تنسيق الدعم الإنساني”، التابعة للإئتلاف الوطني السوري (إئتلاف يجمع جماعات المعارضة المُعترف بها من قبل العديد من الدول بإعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري منذ العام 2012). وهذه “الوحدة”، مع ذلك، سرعان ما ضربتها سمعة المحسوبية والفساد. وإتهمها الناشطون والمجتمعات المحلية بسرقة الأموال المُخصّصة لدعم الخبز وتقديم الأغذية في حالات الطوارئ. ومنذ نشأت هذه المزاعم، حاولت الوكالة الأميركية للتنمية والمتعاقدون مع الحكومة الأميركية تشغيل البرنامج نائين بأنفسهم عن هذه “الوحدة”، (على الرغم من أن المنظمة بذلت من جانبها أخيراً جهوداً لتجديد سمعتها).
ولكن من المهم أن نُدرك أن إعتماد واشنطن على المنظمات المحلية لإستكمال وتقديم المساعدة لن تكون مجرّدة من المشاكل. أولئك الذين يشتركون مع الولايات المتحدة لنقل الطحين الى سوريا هم حتماً جزء من شبكة معقّدة من المتنافسين السياسيين والعسكريين والدينيين ولديهم أجندات شخصية.
بالإضافة إلى المُضاعفات داخل سوريا، فإن تسليم الدقيق يخضع لديناميات سياسية شائكة في البلدان التي يتم توريد أو عبور هذه المساعدات منها أيضاً. حافظت الحكومة التركية على حدود يسهل إختراقها مع سوريا، والسماح للإمدادات – من الأسلحة والنفط والطحين – للدخول والخروج، إلى أن عانت من الموجة الأخيرة من الهجمات الجهادية. في الأردن، مع ذلك، أبقت الحكومة قبضة حديدية على حدودها الشمالية منذ بداية الصراع السوري. المملكة الأردنية تخشى تدفق المزيد من اللاجئين فضلاً عن إحتمال عودة المواطنين الأردنيين الذين يعبرون الحدود للقتال الى جانب القوات الاسلامية البغيضة التي تدعو إلى سقوط الحكم الهاشمي.
وقد أدّى ذلك إلى قيود تُعيق الأنشطة العابرة للحدود للمنظمات الإنسانية المتواجدة في البلاد. في سلسلة من المقابلات، أوجز عمال الإغاثة القرارات في الأردن التي تؤثر في كيفية – أو – إستقبال السوريين لخبزهم اليومي. يجب على جميع المنظمات، التي لم تكشف تماماً عن علاقتها مع قوى المعارضة المتنوعة التي تسيطر الآن على مناطق رئيسية في جنوب سوريا، أن تحصل أولاً على موافقة من وزارة الخارجية والمخابرات الأردنية. وتشير مقابلات أجريناها مع عمال إغاثة سوريين في درعا إلى أن المنظمة الوحيدة التي لديها ترخيص رسمي من الحكومة الأردنية لتوزيع الطحين في سوريا تتكوّن من بقايا فرع “وحدة تنسيق الدعم الإنساني” في الأردن. وقد أصبحت هذ المنظمة الميسّر والمسهّل الرئيسي لتوصيل المساعدات إلى الجنوب. “أي شيء [يتعلق بالطحين] الذي يدخل درعا يمرّ [على وحدة تنسيق الدعم الإنساني]”، أوضح أحد العاملين في حقل المساعدات في درعا. بعد تلقي الدقيق الذي يتم شراؤه في الأردن من قبل “كيمونِكس” بتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فإن “وحدة تنسيق الدعم الإنساني” تقوم بتوزيعها على مختلف مجالس الإدارة المحلية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في درعا، والتي من ثم تقوم بدورها بتوزيع الطحين إلى المخابز المحلية التي تبيع الخبز بأسعار مخفضة.
وكانت نتيجة هذه الرقصة المبهرة من التمويل والتوزيع، غير المستقرة أحياناً، تثبيتاً واضحاً لأسعار الخبز في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في درعا. وعلى الرغم من إستمرار العديد من الميليشيات بيع مساعدات غذائية طارئة أو مسروقة بأسعار حرب مبالغ فيها، فإن تقارير ومقابلات مع سكان في درعا تشير إلى وجود إنخفاض ملحوظ في تكلفة الخبز في المناطق التي كانت تدعمها “كيمونِكس” خلال ال12 شهراً الماضية.
من الناحية النظرية، فقد أعطت هذه المساعدة جماعات المعارضة فرصة لتقديم خدمات موثوقة ومُنصِفة، مما يساعد على تشجيع الولاء لها بين السوريين الذين يعيشون في الأراضي التي تسيطر عليها.
ولكن الإعتماد على المنظمات الأجنبية للموارد الأساسية يخلق نوعاً خاصاً من المشاكل. إن سلطات المعارضة لا يمكن أن تطوّر الثقة بها أو شرعيتها مع المجتمعات المحلية، فيما قدرتها على تنفيذ الخدمات العامة الأساسية تعتمد على الدعم الخارجي الذي يمكن أن يجف في أي لحظة. كما تشجع المجالس المحلية للتفكير في بعضها البعض كمنافِسة على إعاشة السلع. في أسوأ الأحوال، إن الإعتماد على المانحين الأجانب يمكنه تسهيل الصراعات العسكرية العنيفة على الموارد الخارجية، وزراعة إنقسامات دائمة بين المجتمعات التي تخضع لأشكال مختلفة جذرياً من الحكم في زمن الحرب. بدلاً من مساعدة المعارضة السورية على التوحّد – التي تدّعي الولايات المتحدة بأنه شرط أساسي لإيجاد حل دائم للحرب – فإن الجهود الإنسانية يمكن أن تساهم في مثل هذه الإنقسامات.
وهنا يكمن جوهر المشكلة للوكالة الأميركية للتنمية وغيرها من المنظمات الإنسانية. إن محاولاتها لتلبية الإحتياجات في المدى القصير يمكن أن تخلق أنماطاً من التبعية والصراع التي تزداد سوءاً مع إستمرار الحرب وتداعياتها. إذا كانت الخدمات العامة هي في الواقع حاسمة لدعمٍ شعبي، فإن السؤال الأساسي يصبح: لمن بالضبط توجِّه الوكالة الأميركية للتنمية الدعم؟ من دون رقابة وثيقة على مَن يسيطر على المساعدة التي تقدّمها، أو مَن هي المجموعة التي تدّعي الولاية من خلال توزيع الخبز، فإن المساعدات الخارجية يمكنها بسهولة أن تصل إلى قوات غير مهتمة بحياة المدنيين أو التوصل إلى حل سياسي للحرب السورية.
تحتاج سوريا فقط إلى النظر إلى جارها لبنان الذي عانى من الصراع لفهم التأثير في المدى الطويل لأنماط توزيع الرفاه الناجمة عن الحرب الأهلية. إذا كان الأمر فقط في هذا الصدد، فإن تجربة بلد الأرز، الذي إستمرت الحرب الأهلية فيه من 1975 إلى 1989، ستكون مفيدة. الواقع أن ممارسات الرعاية بعد الحرب في البلاد كانت مقسِّمة للغاية، في جزء كبير منها بسبب الطريقة التي تكوّنت فيها أثناء الحرب، وهو ما أغرى معظم مؤسسات الرعاية الاجتماعية الراسخة في وقت سابق قبل 20عاماً فقط. مع تعمّق العنف المسلح، أصبحت أنشطة الرعاية ساحة موازية للفصائل المختلفة – ووسيلة لبناء الدعم بين المؤيدين. مع مرور الوقت، وضعت الجماعات المسلحة أنظمتها الخاصة لتقديم الخدمات العامة، والتي غالباً ما تهتم حصراً بأتباع كل منها. بعد إتفاق الطائف في العام 1989 الذي وضع حداً للصراع، تطورت هذه الأنماط والممارسات الحزبية للتوزيع إلى وكالات مؤسسية مع مكاتب وشبكات محلية. وفيما زادت المصالح الخاصة في هذه الترتيبات، فقد أصبح من الصعب على نحو متزايد إصلاحها.
حتى يومنا هذا، لا تزال الخدمات العامة في لبنان موزّعة بشكل غير متساوٍ، ونُفّذت على نحو رديء، وتخضع لأهواء مجموعات المصالح الرئيسية. في الوقت الحاضر، يتم تشغيل ما يقرب من نصف المدارس، والمستشفيات، والعيادات من قبل جمعيات خيرية دينية أو أحزاب سياسية ذات توجهات إقصائية. وتميل هذه المنظمات إلى مساعدة أتباعها عند توزيع الخدمات، مما قد يؤدي إلى تغطية غير مُنتظمة وعدم مساواة الأمر الذي يرسّخ الإنقسامات المجتمعية. إن إحتجاجات “طلعت ريحتكم” في العام الماضي في بيروت، على سبيل المثال، ذكّرت بأهمية هذه الخدمات العامة، ليس فقط من أجل رفاه المواطنين، ولكن أيضاً من أجل تعزيز الولاءات السياسية الجاذبية في المجتمعات المُنقسمة. والشيء عينه ينطبق على سوريا.
يحظى بشعبية بين الناشطين السوريين وبعض المحللين الأجانب القول بأن ما تُسمّى المناطق المُحرّرة من البلاد هي حرة فقط عسكرياً – في أماكن مثل الرقة أو أجزاء من درعا، لا يزال نظام الأسد يدفع رواتب الدولة ويدعم البنية التحتية المحلية (على الرغم من أن هذه الممارسات قد تتوقف قريباً، فيما تواصل الحكومة شد الحزام في ظل تزايد الضغوط المالية). لكن برنامج الوكالة الأميركية للتنمية الطحين إلى المخابز قد خلق شكلاً آخر غير صحي من الإعتماد في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة مثل درعا. بدلاً من نظام الأسد، فإن الولايات المتحدة والأردن ومنظمة التنمية للربح “كيمونكس” هي التي يتعلق ويعتمد عليها المدنيون في درعا.
الحكم لم يصدر بالنسبة إلى برنامج الوكالة الأميركية للتنمية الطحين إلى المخابز وغيره من الجهود المماثلة. من ناحية، إن توافر الخبز بأسعار معقولة في مناطق المتمردين يقلل من الإعتماد المحلي على الحكومة السورية ويساعد على ضمان أن المدنيين لن يهربوا ويلجأوا إلى النظام – أو إلى المناطق السورية الأخرى التي يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية” (أو، والأهم بالنسبة إلى لبنان،والأردن وتركيا، إلى الدول المجاورة) – للبقاء على قيد الحياة. في القيام بذلك، فإن البرنامج ينقذ أرواحاً، ويخفف معاناة الكثيرين، ويضمن حداً أدنى من الإستقرار الإجتماعي. من ناحية أخرى، من دون جماعة معارضة شاملة واضحة المعالم، فمن غير الواضح اإلى مَن سيتم إعادة توجيه ولاءات المدنيين.
على الرغم من أن هذه الأشكال من المساعدات الخارجية قد تكون ذكية من الناحية التكتيكية في المدى القصير، فإنها ستكون بلا معنى سياسياً إذ أنها لا تأتي في سياق إستراتيجية متماسكة لإنهاء الصراع السوري. من خلال تعزيز تبعية خطيرة على المساعدات الخارجية وزيادة تفتيت جهاز الرعاية الاجتماعية في البلاد، فإنها قد تجعل الحرب وتداعياتها أسوأ. وكما هو متوقع، إن مواطني سوريا الذين سيستمرون في تحمل العبء الأكبر من تبعات المدى الأبعد لهذا النزاع.
• برنت إنغ محلل مستقل مقيم في عمّان، وخوسيه مارتينيز سيرو مرشح لدرجة الدكتوراه في العلوم السياسية وباحث في كلية “غايتس” في جامعة كامبريدج.
• كُتِب هذا التحقيق بالإنكليزية وعرّبه قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.