أبعد من إنتخابات جمعية مصارف لبنان

بقلم بروفسور غسان الشلوق*

قد تكون إنتخابات جمعية مصارف لبنان الأخيرة إنطوَت على إعتبارات شخصية أو أُخرى ضيِّقة، وهو شأنٌ طبيعي في أيّ إنتخابات.
وقد تكون النتائج مقروءة منذ البداية خصوصاً ان المصارف الكبرى، صاحبة القرار، تكرر نفسها في مصارف أخرى صغيرة تملكها.
وقد يكون ما حصل شكلاً من أشكال التعارض بين الكبار والأقل كبراً والصغار.
قد يكون ذلك، وبعضٌ سواه، صحيحاً وهو صحيح طبعاً في أول “ظاهرة ” إنتخابية تحصل في هذا الجسم منذ سنوات طويلة على رغم ان الكلام الإنتخابي بأشكاله المُختلفة حاصل بإستمرار وبمعزل عن موعد أي إنتخابات.
أبعد من ذلك فإن الصحيح أيضاً، والملفت، أن هذه الإنتخابات ترسل إشارات في إتجاهات أخرى بعضها يتصل بدور القطاع المصرفي اللبناني (والعربي) ومستقبله.
من هذه الاشارات أن إعداداً عملياً يتم بوضوح لمرحلة جديدة من عمليات الدمج في القطاع، وهي عمليات يقدّر أن تنطلق فعلياً قريباً. ويُعتَقَد أن تحالفات حصلت بين الفريق الواحد أو على طرفي الفريقين تتصل بهذه العمليات.
وبحسب ما يُنتَظر فإن هذه التوجّهات لا ولن تقتصر على “إستيعاب” بعض كبار العائلات المصرفية لأخرى صغيرة كما حصل غالباً حتى الآن، بل إن ثمة أحاديث عن تحالفات بين إثنين أو أكثر من “الكبار” أنفسهم لتنفيذ عملية دمج – أو أكثر- كبرى.
وهذا التوجه أو هذا الكلام لا يعكس سلبيات على المستوى المصرفي أو على المستوى الإقتصادي العام في لبنان، بل أنه يجد أكثر من ترجمة إيجابية وأكثر من تأييد باتت تفرضه الضرورة في بلد صغير جداً يحمل 63 مصرفاً.
ومن الإشارات أيضاً أن المصارف عموماً والمصارف الكبرى خصوصاً تحرص على أن تؤكد وجودها على طاولة المفاوضات في مسائل حسّاسة وإستراتيجية يُقدَّر أن لبنان مقبلٌ عليها ربما قريباً، ومنها تحديداً التحديات النقدية والمالية المحلية المُتعاظمة، وكذلك التحديات الناشئة عن العقوبات الأميركية وإنعكاسها على الإقتصاد الوطني وعلى الجهاز المصرفي اللبناني، وسوى ذلك.
وفي إختصار، إن مجموعة ملفات صعبة طُرِحت وتُطرَح بإصرار في هذه المناسبة وخلالها وبعدها، والمهم أيضاً أن ثمة قناعةً متزايدة بأن معالجة هذه الملفات بات يفترض كثيراً من الجدية والتبصّر.

• خبير إقتصادي، والعميد السابق لكلية العلوم الإقتصادية وإدارة الأعمال في الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى