تونس تفتح طريق الديموقراطية العربية

ينبغي أن تُعتبر الإنتخابات الرئاسية في تونس بوصفها علامة على أن ليس كل شيء في هذا الجزء من العالم يولّد العنف والتوتّر والغضب واليأس. جرت عملية الإنتخابات بطريقة تنافسية كانت خالية نسبياً من المخالفات، وسادها مناخٌ سلمي عموماً. وهذا الخبر قد لا يضيف الى تلك الأنواع من الأخبار التي تجذب بعض وسائل الإعلام، ولكن، مع ذلك، ينبغي أن يُعتبر الإنجاز التونسي ويُحتذى كمثال على ما يجب أن يطمح إليه التغيير السياسي في العالم العربي.
هذا لا يعني أن البلاد أصبحت دولة ديموقراطية كاملة – الإنتخابات هي بداية ونهاية لعملية تُسمّى الحكم الرشيد. يجب على الناس في تونس وأماكن أخرى أن يُدرِكوا أن العمل الشاق للديموقراطية هو عملٌ يومي، وأن الإنتخابات هي مجرّد ضبط لمسار الأحداث اليومية، ونأمل أن تكون للأفضل.
يجب على فريق الحكم الجديد في تونس الإدراك بأن أمامه مهمّة هائلة، لا سيما بعد تسمية الحبيب الصيد (65 عاماً) “المستقل” كرئيس للحكومة. إن فوز المحامي والسياسي المخضرم الباجي قائد السبسي قد يُعتبر إغاثة لكثير من الناس، الذين يحرصون على الإبتعاد من مسار السنوات القليلة الفائتة، عندما كانت السياسة “الإسلامية” المتشدّدة تعرف تصاعداً وإنتشاراً في البلاد. ولكن يجب على قائد السبسي، وهو رمزٌ لل”الحرس القديم” بالنسبة إلى البعض، أن يتذكّر أن كثيرين أيضاً حريصون على الإبتعاد من أي شيء يشير إلى عقود من الحكم الإستبدادي.
لقد تحدّث قائد السبسي (المرشّح) عن إستعادة هيبة الدولة، وأفضل طريقة للقيام بذلك هو التأكّد من أن إهتمامات المواطنين العاديين لها الأولوية في مفكّرة وبرنامج حكومته.
من ناحية أخرى، ولأنها كانت البلاد التي أطلقت العنان لموجة من الإنتفاضات الشعبية في العالم العربي، فإن لدى تونس دوراً خاصاً يكمن في الإظهار للبلدان الأخرى بأن التعايش، وتعزيز التنمية الإقتصادية، ومحاربة الفساد والظلم، ليست مجرد شعارات تُطلق فقط في موسم الإنتخابات.
في العام 1971 جمّد قائد السبسي (45 عاماُ يومها) نشاطه في الحزب الإشتراكي الدستوري على خلفية تأييده إصلاح النظام السياسي، فهل ستكون لديه الجرأة عينها في 2015 ليطلق مبادرة إصلاحية وهو على رأس الدولة في الثامنة والثمانين من العمر؟
جواب ينتظره التونسيون الشباب الذين كان لهم الدور والفضل في إنطلاقة ما سمي “الربيع العربي” لينضموا مجدداً إلى المسيرة.

كابي طبراني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى