كتاب “داعش” الأسود

صدر أخيراً كتاب للصحافي اللبناني فادي وليد عاكوم عنوانه ” داعش الكتاب الأسود” يكشف فيه أسرار هذا التنظيم الخطير التكفيري من خلال وثائق ومقابلات ومراجع عربية وعالمية.

بيروت – جوزف قرداحي

ماهو الكتاب الذي يستلهم منه تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) أحكامه وقوانينه وتعاليمه الإسلامية؟ هل هو القرآن الكريم على ما يزعم قادته وأمراؤه؟ وإذا سلمنا جدلاً أنه الكتاب الذي يهجّرون المسيحيين واليزيديين بوحيه، ويغتصبون نساءهم ومن ثم يبيعونهن في سوق النخاسة، فهل كان الله عز وجل ليقول لرسوله في القرآن الكريم: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107)؟!
إذاً أين الرحمة في ما يمارسه هذا التنظيم الشيطاني من نحر الإعناق، وقطع الرؤوس، والقتل الجماعي، والصلب وإعدام الأطفال، وبتر الأيدي؟!
لقد دنسوا القرآن حين زعموا زوراً أنه كتابهم، وكفروا بالله ورسوله حين نطقوا الشهادتين وإتّخذوا منهما راية ل”دولتهم” الغارقة في دماء الأبرياء!
ما هو كتابهم الحقيقي الذي منه يستلهمون كل هذا الإجرام؟ ومن هو معلّمهم الأكبر الذي يلقنهم دروساً في تعذيب البشر وسحلهم وتقطيعهم وإلتهام أعضائهم؟ من هو نبيّهم الحقيقي وأمير دولتهم المشبوهة الذي يمدّهم بالمال والسلاح والعتاد لتغيير خريطة الشرق الأوسط، وجعلها صحراء قاحلة خالية من كل حضارة، يعيش سكانها كخراف معدّة للذبح، ومستسلمة لقضاء وقدر أسياد العالم الجدد حكّام بني صهيون؟!
الصحافي اللبناني فادي وليد عاكوم، كشف السر وأماط اللثام عن الكثير من حقائق تنظيم “داعش”، نابشاً “كتابه الأسود” الذي يفضح جميع الوجوه مسقطاً كل الأقنعة.
في لقاء مطوّل حول كتابه مع إذاعة “صوت روسيا” يقول فادي عاكوم مؤلف كتاب “داعش الكتاب الأسود” الصادر عن دار “أملي للنشر والتوزيع” في القاهرة: “الغريب واللافت في “داعش” هذا التنظيم الإرهابي أنه استطاع خلال أشهر قليلة التحول من أفقر تنظيم إرهابي إلى أغنى تنظيم إرهابي ليس فقط في العالم بل على مدى التاريخ”.
ويتابع: “فالمقدرات المالية والإقتصادية التي استطاع هذا التنظيم أن يضع يده عليها في كل من سوريا والعراق، إستطاع من خلالها الإستغناء حتى عن التمويل الخارجي الذي كان يأتي له من الخارج من بعض العناصر العربية وغير العربية عبر الكثير من القنوات. فالحصار المالي الدولي الذي ضرب من خلال الإنتربول الدولي ومن خلال مجموعة من البلدان التي ليس من مصلحتها أن ينتشر هذا التنظيم، وبالتالي تضييق الخناق عليه، دفعاه إلى البحث عن موارد مالية أخرى”.
هذه الموارد كما اتضح في ما بعد، كانت مصاردها تركيا وبعض التجار والسماسرة من مختلف الطوائف والجنسيات الذين تعاملوا مع “داعش” كمافيا وليس ك”دولة إسلامية” ترفض كل ما هو مختلف. تنظيم”داعش” كما يبدو لا يقتل سوى المسلمين سنة وشيعة والأقليات العراقية من مسيحيين ويزيديين لترهيبهم كي يخلوا أراضيهم وبيوتهم وأرزاقهم له.
ويؤكد عاكوم في كتابه “داعش الكتاب الأسود”، أن الدولة الإسلامية فكّكت الآلات من المصانع الكبرى، وأخرجت كل محاصيل العراق من مستودعاتها، وباعتها إلى تركيا بواسطة سماسرة وتجار. وقد استطاعوا أن يسرقوا أكثر من 400 مليون دولار من مصرف عراقي واحد، وتبلغ إجمالي المبالغ التي سرقت نقداً فوق 800 مليون دولار، فضلاُ عن الآثار التي تمت سرقتها مع الوثائق التاريخية القديمة القيمة جداً.
ويكشف عاكوم في كتابه، تركيبة هذا التنظيم ومصادر تمويله الأخرى فيقول: تتألف المجموعات البشرية لهذا التنظيم من أكثر من 25 دولة كانت تنتمي إلى دول الاتحاد السوفياتي سابقاً، وهي مجموعات يمكن تصنيف أعضائها على أنهم مجرمو حرب. بالإضافة إلى مجرمي القاعدة في كل من العراق وسوريا. ناهيك عن مجموعة كبيرة من أصحاب الفكر التكفيري في لبنان والأردن.
يضم الكتاب أيضاً تقارير وحوارات صحافية تُنشر للمرة الأولى، وهي معلومات موثقة بالتواريخ والمصار الأصلية، مثل وكالات الأنباء العالمية والتقارير الدولية المعترف بها.
وتطرق عاكوم إلى آراء الفقه الشرعي، ومواقف علماء الدين من ممارسات هذه العصابة بإسم الإسلام، معتمداً على التفسيرات والأحاديث الموثّقة في كتب الفقه والمراجع الشرعية. منبهاً إلى مخاطر “داعش” على الإسلام نفسه، وذلك إنطلاقاً من آراء الكتاب والصحافيين الذين أجرى معهم سلسلة من النقاشات حول “داعش”.
حاول عاكوم أيضاً، الإحاطة بجميع الجوانب المتعلّقة بصراع “داعش” مع الفصائل السورية المسلّحة المناهضة للنظام، ومحاولات الإقصاء التي انتهجها هذا التنظيم مع تلك الفصائل، وتكيّفه مع النظام السوري في سوريا ومحاربته في العراق. كذلك تطرق إلى الجوانب الإنسانية التي يعيشها السوريون تحت رحمة عصابات “داعش” التي تتشكل من مقاتلين أجانب وافدين، لا يدركون شيئاً من تقاليد الشعب العربي ومفاهيمه سوى ممارسة القتل والترهيب والإغتصاب.
إنه فعلاً “كتابهم الأسود”، الذي كتبوا على غلافه زوراً “القرآن الكريم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى