أظهروا روح الإسلام الحقيقية
فيما تمضي أيام شهر رمضان مباركة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، فمن الضروري الآن أكثر من أي وقت مضى مواجهة التحديات التي تهدّد الدين الحنيف، ولا سيما تلك الآتية من الأفراد والجماعات الذين يزعمون أنهم يمثلون هذا الدين، والسعي إلى إظهار صورة الإسلام الحقيقي الذي يلتزم التسامح والغفران.
لقد جرى إختطاف سمعة الإسلام من قبل عناصر متطرفة، مثل تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام (داعش)، الذي يسعى إلى إقامة دولة دينية متزمتة ومتشدّدة حيث سمّى فعلياً زعيمه، إبراهيم عواد إبراهيم علي البدري السامرائي المعروف ب”أبو بكر البغدادي”، خليفة على “الدولة الإسلامية” التي أعلنها (على الأراضي التي يسيطر عليها في العراق وسوريا) وطالب المسلمين في العالم بإطاعته وتأييده، في حين أقدم على إرتكاب إنتهاكات لحقوق الإنسان وإثارة التوترات الطائفية عمداً. كما إدّعى بأنه يقوم بمحاولة إعادة الأراضي الواقعة تحت سيطرته إلى العصور الوسطى، ولكن هذا الواقع يسيء إلى الدين في تلك الفترة، ذلك أنه في حينه كانت دمشق وحلب والكوفة وبغداد والقيروان وقرطبة والقاهرة ومراكش وفاس هي المراكز العلمية في العالم، وكانت جامعاتها مزدهرة، وصناعاتها متقنة ومتقدمة، والعلم في تطور مستمر، والعمران في إزدياد، فكانت البلاد العربية محجاً لطالبي العلم وأعجوبة حضارية غير مسبوقة، وكان للعلماء شأن عظيم يحترمهم العامة ويقدّرهم الحكام. كان الدين الإسلامي يومها مرتبطاً بالتنوير بالنسبة إلى العلوم والطب والهندسة والشعر و الفلسفة، وإلى حد كبير تميّز بالتعايش مع الأديان الأخرى.
من دون أدنى شك هناك مظالم مشروعة لأهل السنة مع المؤسسة السياسية الشيعية في بغداد، ولكن ينبغي أن تُعالَج في جذورها من دون تأخير، ومع ضغط من رعاة الطرفين في العراق وخارجه، سياسياً، وليس من خلال الإستيلاء على الأراضي و إراقة الدماء.
في مواجهة مثل هذه المحاولات لتقسيم الطائفتين، لا بد من أن يعمل الشيعة والسنة معاً لمواجهة “داعش” وجماعات أخرى من هذا القبيل مثل “جبهة النصرة” المرتبطة بتنظيم “القاعدة”. إن غالبية دول العالم غير المسلمة هي على بيّنة من الفريقين، وتنظر إلى الجميع بالنظرة عينها: كل سمعة الإسلام هي على المحك، لذلك يجب على الجميع العمل معاً لعلاج هذا الفيروس الذي يسمى “داعش” وأخوته وأخواته.
فيما يتجمّع مئات الملايين من المسلمين حول العالم خلال هذا الشهر، في روح المجموعة أو الجماعة والأعمال الخيرية، أولئك الموجودون في هذا الجزء من العالم، وخصوصا في لبنان والمشرق العربي، يجب عليهم إظهار الروح الحقيقية للدين الحنيف.
وكل رمضان وأنتم بخير.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.