خامنئي يَختَبِرُ الواقعَ الأميركي الجديد
قبلَ اغتياله بأمرٍ من دونالد ترامب، سَخرَ الجنرال الإيراني قاسم سليماني من الرئيس الأميركي آنذاك متحّدّيًا: “ترامب، أيها المقامر! أنا خصمك”. وفي طهران اليوم، يبدو أنَّ الرأيَ السائد هو المقامرة ليس من أجل الحرب ولكن من أجلِ التوصُّلِ إلى تسويةٍ مع إدارة ترامب الثانية.
أليكس فاتانكا*
مع استعدادِ دونالد ترامب للعودةِ إلى البيت الأبيض، فإنَّ السؤالَ الرئيس في طهران الآن لا يتعلّقُ بما سيفعله الرئيس الأميركي المُقبل بشأن إيران، بل بما إذا كان ينبغي لطهران أن تتفاوَضَ معه. يزعَمُ عددٌ كبيرٌ من المسؤولين الإيرانيين، بمَن فيهم كبار الديبلوماسيين السابقين، أنَّ طهران لا ينبغي لها أن تنسى أنها تتمتّعُ بالقدرة على التأثير، وينبغي لها أن تُشيرَ إلى ترامب بأنَّ إيران مُستَعِدّة للتفاوض. ووفقًا لهذا الرأي، فإنَّ التفويضَ الشعبي القوي لترامب في أعقابِ انتخابات الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) في الولايات المتحدة يمنحهُ حرّيةَ إبرامِ صفقةٍ مع إيران ــ وهي الصفقة التي قد تعودُ بالنفعِ على الطرفين. ويبقى أن نرى ما إذا كانت مثل هذه الدعوات سوف تُشكّلُ موقفَ طهران بعد تنصيبِ ترامب في العشرين من كانون الثاني (يناير) المقبل.
لا حَربَ، لا سلام؟
في العام 2018، بعدَ بضعةِ أشهرٍ من انسحابِ الرئيس ترامب في ولايته الأولى من الاتفاق النووي لعام 2015 الذي أبرمته الإدارة السابقة (خطة العمل الشاملة المشتركة) مع إيران وإعلانه عن إطلاقِ حملة “الضغط الأقصى” من العقوبات ضد البلاد، سعى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي يومها إلى طمأنةِ الشعب الإيراني القَلِق بقوله الشهير: “حتى لو تفاوضنا مع الولايات المتحدة –على الرُغم من استحالة ذلك– فلن يكونَ ذلك أبدًا مع الإدارة الأميركية الحالية”.
كان الرئيس ترامب مُثابرًا خلال ولايته الأولى – أرادَ صفقةً جديدة مع إيران وأقنعَ رئيس الوزراء الياباني آنذاك شينزو آبي بنقلِ رسالةٍ شخصية إلى خامنئي في طهران، والتي رفضها الزعيم الإيراني بشكل قاطع. وقال لآبي: “لا أعتبر ترامب شخصًا جديرًا بإرسالِ رسالةٍ إليه”. راهَنَ خامنئي على أنَّ ترامب كان شذوذًا في السياسة الأميركية يُمكِنُ لطهران أن تتحمّله وتَصمُد. لقد كانت هذه مخاطرة محفوفة بالمخاطر آنذاك، وهي أسوأ الآن، مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض لفترة أربع سنوات أخرى.
لقد كانَ التزامُ خامنئي بهذا الخط من التفكير خلال الفترة 2018-2020 قبل أن يتسبّبَ تأثيرُ العقوبات المُتَجَدِّدة التي تقودها الولايات المتحدة في سحقِ الاقتصادِ الإيراني –عندما انخفض دخل إيران من النفط وانقطعت تجارتها عن معظم أنحاء العالم– وقبل أن تقترب طهران وواشنطن من الحرب بعد قرار ترامب اغتيال الجنرال قاسم سليماني في كانون الثاني (يناير) 2020. في عالمِ اليوم، أصبح ترامب أقوى سياسيًا مما كان عليه عندما كان رئيسًا لأول مرة، والتحدّيات الداخلية والخارجية التي تُواجِهُ إيران هي أكثر خطورةً بكثير.
تبثُّ وسائلُ الإعلام المحلّية الإيرانية مُناشداتٍ من جميع أنحاء البلاد لخامنئي لقبولِ المُراجَعة وفَحصِ الواقع الجديد. وكما عَبَّرَ أحدُ المُعلّقين السياسيين، “انتهى عصرُ اللّاحرب والّلا سلام. إنه الآن عصر الحرب أو السلام”. والوقت هنا هو جوهر الأمر. تَبرُزُ حقيقتان أساسيتان، كما تقول الحجة: يُسيطرُ الحزب الجمهوري الآن على الفروع الثلاثة للحكومة الأميركية، وسيفعل ما يقوله ترامب. بعبارةٍ أُخرى، إذا تمكّنت إيران من التوصُّلِ إلى اتفاقٍ مع ترامب، فسوفَ يكونُ هذا الاتفاق أكثر احتمالًا للنجاح والاستمرار من خطة العمل الشاملة المشتركة التي أبرمها الرئيس باراك أوباما، والتي واجهت مُعارضةً وتخريبًا من جانب الجمهوريين منذ البداية.
على الجانب الآخر يؤكّدُ المعلّقون الإيرانيون الشيءَ نفسه ــ بينما يُرَوِّجُ ترامب لنفسه باعتباره شخصية مُناهِضة للحرب، فإنَّ أسلوبه غير التقليدي للغاية في الحُكم يعني أنه لا يمكن استبعادُ أي شيءٍ منه. إذا قرّرَ ترامب استخدام وسائل عسكرية محدودة ولكنها ساحقة لمعاقبة إيران على تعنّتها المحتمل، فإنَّ الأصولَ الاستراتيجية الإيرانية، بما فيها مرافق برنامجها النووي، مُعَرَّضة للخطر.
في كُلِّ الأحوال، مع وجودِ كونغرسٍ يُسيطرُ على مَجلسَيه الجمهوريون خلفه، يستطيع الرئيس ترامب أن يخوضَ الحربَ بيَدَين أكثر حرّيةً من أيِّ قائد أعلى للولايات المتحدة منذ جورج بوش (الإبن) بعد هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) الإرهابية. وهذا صحيحٌ على الأقل حتى الانتخابات الأميركية المقبلة لمجلس النواب في العام 2026، مما يترك يَدَي ترامب مفتوحتَين على قدمِ المساواة للحرب أو السلام، وفقًا للحجّة التي ساقها بعض الأصوات المؤيدة للمفاوضات في طهران.
هل يمنح ترامب خامنئي خيارًا يحفظ ماء وجهه؟
في الوقت الحالي، تُشيرُ الشخصيات القريبة من خامنئي إلى استعدادها للانتظار ومعرفة ما سيفعله ترامب في الشرق الأوسط وفي ما يتعلق بإيران قبلَ اتخاذِ قرارٍ بشأن ما إذا كانت المفاوضات معه مُمكِنة. وكما قال علي لاريجاني، المستشار العائد والمعتدل نسبيًا لخامنئي، “لم يتصرّف ترامب بحكمةٍ في المرة الأخيرة (عندما كان رئيسًا). لكنه ربما اكتسبَ المزيد من الخبرة وقد يتبع مسارًا بنّاءً أكثر [تجاه إيران]”. ومن جهته، حثَّ وزير الخارجية عباس عراقجي الرئيس المُنتخَب ترامب على عدم إعادة بناء حملة “الضغط الأقصى” بل السعي إلى “أقصى قدر من الحكمة” في التعامل مع إيران، وفي هذه الحالة يمكن التوقُّع أن تردَّ طهران بالمثل لتجنُّب الصراع.
من المؤكّد أنَّ الإيرانيين ليست لديهم ذكريات طيبة عن فترة رئاسة ترامب الأولى. من “حظره للمسلمين” إلى حملة العقوبات إلى إدراج الحرس الثوري الإسلامي ككيانٍ إرهابي إلى اغتياله سليماني، فَعلَ ترامب الكثير لإثارة قلق الحكومة الإيرانية. ولكن عندما كان في منصبه، أكّدَ ترامب دائمًا أنه على استعدادٍ للتحدُّثِ مع إيران – بشروطه.
الواقع أنَّ ترامب في ولايته الأولى كان أكثر صرامةً في التعامل مع إيران. ففي العام 2018، أصدرت إدارته قائمة من 12 مطلبًا، رفضتها طهران باعتبارها دعوةً لاستسلامها الكامل. إنَّ إعلانَ ترامب أنَّ المهندسَ وراء هذه القائمة، وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، لن يُعرَضَ عليه دورٌ في إدارة ترامب المقبلة هو نوعٌ من الإشارات التي ترغبُ طهران في رؤيتها: بأنَّ الرئيس المُنتَخب قد يُبعِدَ الصقورَ المُناهضين لإيران من إدارته ويُمهّد الطريق لصفقةِ أخذٍ وعطاءٍ مع طهران. مع ذلك، فإنَّ تشكيلَ فريق الأمن القومي المقبل لترامب لا يزال قيد التعيين والتنفيذ. ولم يتم تحديدُ نتيجة الصراع بين ما يُسمّى صقور السياسة الخارجية والحمائم الانعزالية بعد، وهو التطوُّر الذي ستُراقبه طهران بعيونِ النسر في الأسابيع المقبلة.
بطريقةٍ ما، يُمكِنُ أن يكونَ التوصُّلُ إلى حلٍّ وسط بين ترامب وخامنئي مُمكنًا وواضحًا. الإنذارُ الوحيد الذي يُصرِّحُ به ترامب في كثيرٍ من الأحيان هو أنَّ إيران لا يجب أن تُسلّحَ برنامجها النووي. لا تنوي واشنطن الإطاحة بالنظام في طهران، وفقًا لبراين هوك، المبعوث السابق لترامب إلى إيران والذي يُقال إنه يلعب دورًا رائدًا في جهود انتقال وزارة الخارجية للإدارة المقبلة. وفي الوقت نفسه، وفقًا للتفسير المفهوم عمومًا لفتوى أصدرها خامنئي في العام 2012، فإنَّ الأسلحة النووية غير إسلامية، وبالتالي فهي محظورة. الواقع، بالطبع، هو أكثر تعقيدًا إلى حدٍّ ما.
كانَ حظرُ الأسلحة النووية الذي فرضه خامنئي ساريًا أيضًا في العام 2018، عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015. إنَّ التوتّرات بين الولايات المتحدة وإيران مُتجذِّرة في أكثر من مجرّدِ مصير البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك الأجندة الإقليمية المثيرة للجدل للجمهورية الإسلامية. ولكن حتى في هذه المسألة قد يكون هناك بعض المجال للتسوية.
مخارج إقليميّة مُحتَملة
حتى الآن، تأملُ طهران في أن يتمكّنَ ترامب من إقناعِ إسرائيل، إن لم يَكُن إجبارها، على قبولِ وقفٍ لإطلاق النار في حَربَيها في غزة ولبنان. ومن شأن مثل هذا التطوّر أن يمنحَ الإيرانيين مساحةً أكبر لمواصلة المحادثات مع ترامب بشأنِ قضايا إقليمية مختارة قد تروق للطرفين. وتُشيرُ الديبلوماسية الإقليمية الحالية لطهران إلى مثل هذا الاحتمال.
زارَ مستشار خامنئي لاريجاني دمشق وبيروت في الأسبوع الفائت حاملًا رسالةً ذات شقَّين من مرشده الأعلى مفادها أنَّ إعادةَ انتخاب ترامب ليست حُكمًا بالإعدام على “محور المقاومة” الذي تقوده إيران، وهو مجموعةٌ من المنظمات بالوكالة المُتشدّدة التي تمتد عبر الشرق الأوسط. ويفيد بعض التقارير إن لاريجاني كان يهدفُ إلى طمأنة نظام بشار الأسد و”حزب الله” بشأنِ التزامِ إيران بشركائها العرب مع تقديم الحجج لصالح الموافقة على وقف إطلاق النار، حتى لو كان ذلك يعني قبول الجهود التي يقودها المبعوث الخاص للولايات المتحدة آموس هوكستين للتوسُّط في اتفاقٍ بين إسرائيل و”حماس” و”حزب الله”.
لكن لا يزال يَتعَيَّن على النظام الإيراني أن يُقرِّرَ ما إذا كان راغبًا، في الأمد البعيد، في إعادة بناء أجندته الإقليمية بطُرُقٍ أكثر قبولًا لدى الولايات المتحدة وشركائها العرب والإسرائيليين. وهذا النوع من البحث عن الذات أمرٌ لا مفرَّ منه بالنسبة إلى نظامٍ يتعرّضُ لضغوطٍ داخلية وخارجية هائلة تدفعه إلى تغيير مساره؛ ولكن في الوقت الحالي، يُعطي المسؤولون في طهران الأولوية للحفاظ على أكبر قدرٍ مُمكن من “محور المقاومة” بدلًا من إعادة التفكير بشكلٍ جذري في مستقبلِ النموذج.
في كلِّ الأحوال، خامنئي في موقفٍ صعب. فخلال العامين 2018 و2019، رفضَ مرارًا وتكرارًا دعواتَ ترامب لإجراءِ محادثاتٍ مباشرة. لكن إيران تتعرَّضُ اليوم لضغوطٍ أكبر كثيرًا، سواء من الألم الناجم عن العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة أو النكسات الإقليمية الكبرى الناجمة عن الإجراءات الإسرائيلية ضد “محور المقاومة” الذي تقوده إيران. وبالتالي، فإنَّ طهران لديها الكثير من الأسباب لإعطاء المفاوضات مع ترامب فرصة، حتى على الرُغم أنَّ مثل هذه المحادثات قد تكون مُحرِجة والنتائج غير مؤكّدة.
الرسالة الصادرة من طهران واضحة وصريحة: إذا تمكّنَ خامنئي من إيجادِ طريقةٍ لتجاوز رفضه التام لترامب، فمن الواضح أنَّ المحادثات ستكون مُمكِنة. وهناك بعض الحقائق الأساسية التي ينبغي أن تُوَجِّهَ تفكير خامنئي. أوّلًا، سوف يحتاج إلى التخلُّصِ من الفكرة التي مفادها أنَّ من غير المُهِم مَن يجلسُ في البيت الأبيض عندما يتعلّقُ الأمرُ بالسياسة الأميركية تجاه إيران..ولم يتم تحديد سياسة ترامب لفترته الثانية تجاه إيران بَعد نظرًا لعدم القدرة على التنبؤ بتصرُّفات الرئيس الأميركي المقبل من ناحية، وميله إلى الصفقات من ناحية أخرى. وأيًّا كان ما سيفعله ترامب بشأن إيران، فلن يكونَ مُشابها لما فعله الرئيسان أوباما أو جو بايدن.
ثانيًا، على الرُغم من أنَّ ترامب لا يزال يُريد التوصُّل إلى اتفاقٍ مع طهران، فقد يتبنّى بعض وكلائه نهجًا أكثر صرامة. وعلى أقل تقدير، لدى طهران فرصة في الأسابيع القليلة المقبلة لتشكيل تفكير ترامب بشأن هذا الموضوع.
من جانبه، لا يخشى خامنئي عودةَ حملة “الضغط الأقصى” لسببٍ بسيطٍ وهو أنها لم تنتهِ أبدًا في عهد بايدن. لم تَفرُض الإدارة الأميركية المُنتهية ولايتها عقوبات على إيران بالشدّة نفسها التي فرضتها إدارة ترامب الأولى، لكنها لم تمنح طهران أيَّ تخفيفٍ رسمي لتلك العقوبات أيضًا. ولا يُمكِن لولاية ترامب الثانية أن تُعمّقَ آلامَ “الضغط الأقصى” على إيران. لن تتخلّى الصين، المُشتري لنحو 90٪ من نفط إيران، عن الجمهورية الإسلامية هذه المرة، نظرًا للتوتّرات المتزايدة بين واشنطن وبكين. وفي الوقت نفسه، فإنَّ الدول العربية مشغولة جميعًا بالبقاء بعيدًا من أيِّ تصادُمٍ مُحتَمَل بين الولايات المتحدة وإيران ولن ترغبَ في وضع دعمها خلف واشنطن لحماية نفسها من غضب طهران في حالةِ نشوبِ صراعٍ إقليمي.
من وجهة نظر طهران، في أفضل الأحوال، قد تؤدّي إدارة ترامب المقبلة إلى فَرضِ عقوبات سريعة (أحد أحكام الاتفاق النووي لعام 2015) على إيران لأنَّ أوروبا –الغاضبة من طهران لدعمها للحرب الروسية على أوكرانيا– قد تنضمُّ هذه المرة، على عكس المرة الأخيرة التي كان فيها ترامب في البيت الأبيض. وعلى النقيض من الموقف الأميركي، لا تزال القوى الأوروبية مُلتزمة رسميًا بالاتفاق النووي لعام 2015 ويُمكنها الدَفعَ باتجاهِ استئنافِ العقوبات الدولية على إيران. وفي أسوَإِ الأحوال، سيمنح ترامب إسرائيل مساحةً أكبر والأدوات اللازمة لملاحقة إيران في المنطقة لتفكيك “محور المقاومة” بدون تدخُّلٍ أميركي مباشر.
هناكَ أمرٌ واحدٌ مُؤكَّد: هذه المرة، لا يستطيعُ أيُّ مسؤولٍ في طهران أن يتجاهلَ ترامب باعتباره مجنونًا. فقبل اغتياله بأمرٍ من ترامب، سَخرَ سليماني من الرئيس الأميركي مُتحدّيًا: “ترامب، أيها المقامر! أنا خصمك”. وفي طهران اليوم، يبدو أنَّ الرأيَ السائد هو المقامرة ليس من أجل الحرب ولكن من أجل التوصُّلِ إلى تسويةٍ مع إدارة ترامب الثانية.
- أليكس فاتانكا هو مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط في واشنطن. أحدث كتاب له هو “معركة آيات الله في إيران: الولايات المتحدة والسياسة الخارجية والتنافس السياسي منذ العام 1979”. يمكن متابعته عبر منصة “إِكس” على: @AlexVatanka
- كُتِبَ هذا المقال بالإنكليزية وترجمه إلى العربية قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.