إرتفاعُ أسعارِ النَفط يُمَدِّدُ العَصرَ الذهبي لصناديقِ الثَروة السيادِيّة الخليجيّة
إنَّ الدورَ الأساسي الذي تلعبه صناديق الثروة السيادية في التحوّل الاقتصادي المحلي في منطقة الخليج العربي يستلزمُ ارتفاعَ أسعار النفط لفترة أطول.
هاني مكارم*
سَلَّطَ ارتفاعُ أسعارِ النفط في النصف الثاني من العام الضوءَ مرّةً أُخرى على الأولَوِيّات الاقتصادية للدولِ المُصَدِّرة للنفط في الخليج العربي والنفوذ المتزايد لصناديق الثروة السيادية لديها.
قدَّمَت المكاسب غير المُتَوَقَّعة من ارتفاع عائدات النفط في العام 2022 -بعد ارتفاع الأسعار بعد الغزو الروسي لأوكرانيا- نعمةً كبيرة للمالية العامة للدول الأعضاء الست في مجلس التعاون الخليجي، ما أدّى إلى توليد فوائض في الحساب الجاري والمساعدة على سداد الديون السيادية.
ومع ذلك، فقد ساهمت التدفّقات الوافدة أيضًا في تمكين صناديق الثروة السيادية الغنية أصلًا في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تُصنَّفُ من بين أكبر الصناديق في العالم (انظر الجدول أدناه) حيث تبلغ قيمة الأصول الخاضعة للإدارة لديها حوالي 4 تريليونات دولار اعتبارًا من منتصف العام 2023.
ويأتي احتمال إجراء المزيد من التعزيزات في القوة الشرائية، في أعقاب انتعاش أسعار النفط في النصف الثاني من هذا العام، في الوقت الذي تتخذ صناديق الثروة السيادية نهجًا نشطًا بشكلٍ متزايد في تخصيص الأصول، على النقيض من النهج الأكثر انتهازية الذي اتُّبِعَ في السنوات السابقة.
يقول طارق فضل الله، الرئيس التنفيذي لشركة “نومورا أسيت” للشرق الأوسط: “إذا رجعنا إلى الوراء قبل 15 إلى 20 عامًا، فإن غالبية صناديق الثروة السيادية في المنطقة كانت تعمل في الغالب مع مديرين خارجيين لاتخاذ القرارات حول كيفية تخصيص الأموال، مع القليل من الرؤية في ما يتعلق باستراتيجياتها الشاملة. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، كان هناك تطورٌ واضح في المشهد نحو دور أكثر وضوحًا وأكثر نشاطًا من خلال الاستثمارات التي تقوم بها، على الصعيدين المحلي والدولي”.
بعد أن تصدّرَت عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم لسلسلةٍ من عمليات الاستحواذ على الأصول المتعثّرة رفيعة المستوى خلال الأزمة المالية العالمية في الفترة 2007-2009، أصبحت صناديق المنطقة في السنوات الأخيرة أكثر استراتيجية في استثماراتها. وتتميّزُ الأساليب الجديدة بتفضيل الأصول في الدول الاستراتيجية الرئيسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ والاستثمارات في الأصول الآسيوية كجُزءٍ من تكثيف طويل الأمد للعلاقات الاقتصادية مع المنطقة؛ والتطورات المُصَمَّمة لتحفيز التنويع الاقتصادي والتحوّل في بلدانها الأصلية، وصندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية هو المثال الأكثر وضوحًا.
وفي حين أنه من المتوقع أن تستمر الاستثمارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا حتى في ظل الظروف الأكثر سلبية لأسواق الطاقة، فإنَّ مشاريع التحوّل المحلي لا تزال تعتمد بشكلٍ كبير على ارتفاع أسعار النفط، وهو عاملٌ من المرجح أن يؤثّرَ في استراتيجيات البلدان المصدّرة للنفط –وبخاصة استراتيجية المنتج الرئيس المملكة العربية السعودية– لسنواتٍ مقبلة.
العودة إلى الفائض
بعد عامين من العجز المالي، في أعقاب انهيار أسعار النفط بسبب فيروس كوفيد 19، عادت المالية الخليجية إلى الانتعاش في العام 2022. ومع ارتفاع الأسعار إلى أكثر من 120 دولارًا للبرميل في الأشهر التي أعقبت الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن الصراع في أوكرانيا، ارتفع إجمالي الحساب الجاري في دول مجلس التعاون الخليجي إلى أعلى مستوى له منذ 10 سنين عند 369 مليار دولار لهذا العام، أي ما يعادل 16.9% من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي، وفقًا لـ” ستاندرد آند بورز ماركت غلوبال إنتيليجنس” (S&P Global Market Intelligence).
وباعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم، كانت السعودية الرابح الرئيس، حيث سجّلت أول فائض في موازنتها منذ ما يقرب من عقد من الزمن في العام 2022، مُنهِيَةً العام كأسرع الاقتصادات نموًّا في دول مجلس التعاون الخليجي. كما سجلت الكويت، التي ربما يكون اقتصادها الأقل تنوّعًا بين دول مجلس التعاون الخليجي، فائضًا نادرًا في الموازنة؛ في حين استخدمت سلطنة عُمان، أحد صغار المنتجين في الكتلة، المكاسب غير المُتَوَقَّعة لسداد الديون، وخفّضت مستوى ديونها إلى الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 60% في العام 2021 إلى حوالي 40% في نهاية العام 2022.
وبينما تراجعت أسعار النفط منذ ذلك الحين من الذروة التي بلغتها في منتصف العام 2022، فإنها لا تزال مرتفعةً مُقارنةً بمستوياتها التاريخية، مع المزيد من تخفيضات الإنتاج الأحادية الجانب التي أدخلتها السعودية وروسيا في النصف الثاني من العام 2023 مما أدى إلى ارتفاع الأسعار مرة أخرى إلى أكثر من 90 دولارًا للبرميل في أواخر أيلول (سبتمبر) 2023.- (لا تزال الأسعار عند حوالي 90 دولارًا للبرميل في وقت كتابة هذا المقال).
يقول جميل نعيم، كبير الاقتصاديين الرئيسيين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة ” ستاندرد آند بورز ماركت غلوبال إنتيليجنس”: “من المُتَوَقَّع أن تتراجع فوائض الحساب الجاري لدول مجلس التعاون الخليجي، لكنها ستظل مريحة، عند 8.9% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2023 و7.2% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2024. ومن المرجح أن يؤدي هذا إلى ضخ المزيد من رأس المال في صناديق الثروة السيادية الإقليمية”.
إستخدام رأس المال
مع تزامن الفوائض الجديدة مع الاضطرابات الاقتصادية واسعة النطاق الناجمة عن الحرب الأوكرانية وارتفاع التضخّم في جميع أنحاء العالم، أصبحت صناديق الثروة السيادية الخليجية مرة أخرى مقصد المستثمرين على الساحة العالمية، حيث عادت إلى القيام بدورها خلال الأزمة المالية العالمية قبل 15 عامًا. وشهدت تلك الفترة استحواذ صناديق من الكويت وأبو ظبي وقطر على حصص في أسماء عالمية بما في ذلك “سيتي غروب” و”دايملر” و”باركليز” و”كريدي سويس”.
واستثمرت الصناديق المملوكة للدولة في المنطقة (صناديق الثروة السيادية وصناديق التقاعد) 83 مليار دولار في العام 2022 في جميع أنحاء العالم، بقيادة صناديق في الإمارات والسعودية وقطر، مُقارنةً بـ49 مليار دولار فقط في العام 2020. ونمت الأصول التي تديرها صناديق الثروة السيادية في المنطقة بنسبة 18٪ في العام 2022، لترتفع إلى ما يزيد قليلًا عن 4 تريليونات دولار بحلول نهاية تموز (يوليو)، وفقًا لتحليل منصة بيانات نشر رأس مال الصناديق السيادية العالمية الذي نشرته شركة ” ستاندرد آند بورز ماركت غلوبال إنتيليجنس”.
ومع ذلك، ورُغمَ أنَّ الأرقام الضخمة تذكّرنا بالأزمة المالية العالمية، فإنَّ استراتيجيات صناديق الثروة السيادية هذه المرة أصبحت أكثر وضوحًا في التركيز.
يقول نعيم: “إن صناديق الثروة السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي اليوم هي أكثر استراتيجية بكثير في نهجها تجاه الاستثمار، مُقارنةً بالنهج الأكثر انتهازية الذي اتبعته في وقت الأزمة المالية العالمية. على مدى السنوات الـ 15 الماضية، طوّرت استراتيجيات متطورة بشكل متزايد لتخصيص الأصول”.
وفي تقريره السنوي لعام 2022، الذي صدر في آب (أغسطس)، أفادَ صندوق الاستثمارات العامة السعودي إن 83% من محفظته الاستثمارية تتم إدارتها داخليًا، “بما يتماشى مع أفضل الممارسات في كندا وسنغافورة”، وفقًا لمذكرة بحثية نشرتها منصة بيانات الصناديق السيادية الدولية.
مساعدة الجيران
في العامين الماضيين، برزت صناديق الثروة السيادية كركيزةٍ أساسية في تقديم المساعدات الاقتصادية للشركاء الاستراتيجيين لدول الخليج في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويتجلّى ذلك في استثمار الإمارات والسعودية في مصر وتركيا، الأسواق الأكثر اكتظاظًا بالسكان في المنطقة، والتي عانت من صعوبات اقتصادية كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية.
في أعقاب المشاكل الاقتصادية المتصاعدة في مصر منذ أواخر العام 2021 فصاعدًا، تحركت الإمارات والسعودية لدعم اقتصاد الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، من طريق التحويلات النقدية إلى البنك المركزي (مع الإعلان عن مبادلة جديدة للعملة بين مصر والإمارات في تشرين/ أكتوبر) ومن خلال الاستثمار في أكبر الشركات في الدولة.
في نيسان (أبريل) 2022، أعلنت “القابضة”، وهي صندوق ثروة سيادي جديد نسبيًا مقره أبوظبي ولديه أصول تحت الإدارة تبلغ حوالي 157 مليار دولار، عن استثماراتٍ بقيمة 1.85 مليار دولار في الشركات المصرية المتداولة علنًا، بما في ذلك الاستحواذ على حصة في أكبر بنك خاص في البلاد، البنك التجاري الدولي.
وأعقب ذلك في تموز (يوليو) من هذا العام عمليات استحواذ بقيمة 800 مليون دولار في ثلاث شركات نفط وبتروكيماويات مملوكة للحكومة المصرية. وتُخطّطُ “القابضة” لاستثمار ما يصل إلى 20 مليار دولار في مجموعةٍ واسعة من القطاعات خلال العقد المقبل، بالشراكة مع صندوق مصر السيادي.
ومن المقرر أن تقابل المملكة العربية السعودية مثل هذا الالتزام. في آب (أغسطس) 2022، أطلق صندوق الاستثمارات العامة الشركة السعودية المصرية للاستثمار، بهدف الاستثمار في قطاعات تشمل البنية التحتية والتطوير العقاري والرعاية الصحية والخدمات المالية. بدأ الكيان المُنشَأ حديثًا باستثماراتٍ بقيمة 1.3 مليار دولار في أربع شركات مُدرَجة في البورصة.
وبينما ترمز هذه الاستثمارات إلى الدعم الإماراتي والسعودي للاقتصاد المصري، إلّا أنَّ هذا الدعم ليس غير مشروط. أوقف صندوق الاستثمارات العامة المفاوضات مع السلطات المصرية في شباط (فبراير) بشأن الاستحواذ المُحتَمَل على البنك المصري المتحد من قبل الشركة السعودية المصرية للاستثمار، حيث أفادت رويترز بوجود خلاف بين صندوق الاستثمارات العامة والسلطات المصرية حول تقييم أصول البنك، بسبب تخفيض قيمة الجنيه المصري.
كما كانت تركيا، التي شهدت تعزيز العلاقات في السنوات الأخيرة مع الإمارات والسعودية، مستفيدة من سخاء صناديق الثروة السيادية الخاصة بهما. في تموز (يوليو) من هذا العام، أعلنت “القابضة” عن تمويل سندات إغاثة أصدرتها أنقرة بقيمة 8.5 مليارات دولار، في أعقاب زلزال شباط (فبراير) الذي أودى بحياة أكثر من 55 ألف شخص وتسبب في أضرارٍ بقيمة حوالي 48 مليار دولار.
وعدٌ شرقي
كانت إحدى السمات المُمَيّزة للغزوات الاستثمارية الأخيرة لصناديق الثروة السيادية الخليجية هي التركيز المُكَثَّف على الأسواق الآسيوية، وذلك تماشيًا مع تعميق العلاقات الديبلوماسية والتجارية بين أكبر اقتصادات الخليج وآسيا.
وقد تعمّقت العلاقات مع الهند على وجه الخصوص بشكلٍ ملحوظ. كانت إحدى المبادرات الرئيسة التي انبثقت عن قمة مجموعة العشرين في أيلول (سبتمبر) في نيودلهي هي الإعلان عن الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، الذي أعلنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والذي يهدف إلى تعزيز روابط النقل والاتصالات بين أوروبا وآسيا من خلال السكك الحديدية وشبكات الشحن، حيث تعمل الإمارات والسعودية كنقاط انطلاق رئيسة.
وقال محمد سليمان، مدير التقنيات الاستراتيجية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، للصحافة المحلية في أعقاب الصفقة: “إنَّ العلاقات التجارية الهندية مع السعودية والإمارات قوية أصلًا، ويمكن لهذا الممر أن يُعزّزَ تكامل الدول الثلاث الاقتصادي”.
مُضيفًا: “بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يمثل ذلك تنويعًا للشراكات بما يتجاوز دورهما كمنتجَين للطاقة”.
لا تزال هناك أسئلة حول المستقبل القريب للمشروع – الذي يحتوي على خط سكة حديد بين مدينتي الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة وحيفا في إسرائيل– وسط الصراع بين إسرائيل وغزة، الذي كان مستمرًا أثناء نشر هذا المقال.
استحوذ جهاز أبوظبي للاستثمار، وهو أكبر صندوق ثروة سيادية في منطقة الخليج من حيث الأصول، على حصة 20% في شركة “IIFL” لتمويل المنازل في الهند من خلال شركة تابعة في منتصف العام 2022، وفي وقتٍ سابق من هذا العام استحوذَ على حصة في شركة “Adani Enterprises” الهندية المتعددة الجنسيات عبر طرح أسهم ثانوي للشركة بقيمة 2.5 ملياري دولار. في نيسان (أبريل) الماضي، أصبحت شركة مُبادَلة للاستثمارات الحكومية في أبو ظبي مستثمرًا رئيسًا في عملية إدراج بقيمة 630 مليون دولار لشركة “Cube Highways Trust” ومقرها الهند، وهي صندوق استثمار في البنية التحتية.
خلال زيارة دولة قام بها الأمير محمد بن سلمان إلى الهند في أيلول (سبتمبر)، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن خطط لفتح مكتبٍ في الهند، كجُزءٍ من خططٍ لاستثمار 100 مليار دولار في البلاد. كما استثمر جهاز قطر للاستثمار بشكلٍ كبير في البلاد، من خلال الاستحواذ على حصة صغيرة في شركة الطاقة المتجددة الهندية، “Adani Green Energy”، مقابل 474 مليون دولار، تلاها استثمار بقيمة مليار دولار في أكبر متاجر التجزئة في الهند، “Reliance Retail”، في الشهر نفسه.
تحويل الاقتصادات
كانت التنمية الاقتصادية المحلية والتنويع هدفًا مشتركًا بين صناديق الثروة السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي لعقودٍ من الزمن، بهدف إعادة تدوير عائدات النفط والغاز في الصناعات المحلية غير المتعلقة بالطاقة. وتشمل الاستثمارات المحلية لشركة مُبادَلة في أبو ظبي شركة ستراتا لصناعة الطيران وشركة الإمارات العالمية للألمنيوم، كما يُعَدُّ جهاز قطر للاستثمار مستثمرًا رئيسًا في شركة الديار العقارية المحلية وبنك قطر الوطني، أكبر بنك في الشرق الأوسط من حيث الأصول.
مع ذلك، فإنَّ تحوّلَ صندوق الاستثمارات العامة السعودي -الذي تأسس في البداية في العام 1971- في العقد الماضي إلى الأداة الأساسية للدولة للتنويع الاقتصادي والنمو، هو الذي كان يمكن القول إنه التغيير الأكثر إثارة للانتباه في مشهد صناديق الثروة السيادية في الخليج في السنوات الأخيرة.
كان صندوق الاستثمارات العامة في السابق منظمة صغيرة مُكَلَّفة بإدارة استثمارات الحكومة السعودية، وقد وُلِدَ من جديد كجُزءٍ من برنامج التحوّل الاقتصادي لرؤية المملكة العربية السعودية 2030 باعتباره صندوق الثروة السيادية الرئيس في البلاد. ومع أصوله المُدارة البالغة 700 مليار دولار، أصبح الآن سابع أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم، وفقًا لـمنصة بيانات رأس مال الصناديق السيادية الدولية.
إلى جانب استثمارات السعودية التي تتصدّر العناوين الرئيسة في جولات “ليف” للغولف الاحترافية، وألعاب الفيديو، مثل “نينتاندو” (Nintendo) و”يوبيسوفت” (Ubisoft) و”أكتيفيجن بيزارد” (Activision Blizzard)، هناك استثماراتها الأكثر أهمية في الاقتصاد السعودي المحلي. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، أنشأ صندوق الاستثمارات العامة أكثر من 80 شركة جديدة وساعد على خلق نصف مليون فرصة عمل في المملكة، وفقًا لشركة كيرني للاستشارات الإدارية. وهو أيضًا مستثمر رئيس في المشاريع العملاقة مثل شركة البحر الأحمر للتطوير، ومدينة نيوم المستقبلية –حيث استثمر 6.8 مليارات دولار في المشروع في العام 2022 وحده– ومجمع القدية الترفيهي.
ومن المتوقع أن يزداد نطاق هذه الاستثمارات في السنوات المقبلة، مع تحقيق التنويع الاقتصادي في المملكة العربية السعودية –والذي بدأ في العام 2016 مع إطلاق رؤية 2030– بسرعةٍ مذهلة. وبعد أن توقعت في الأصل تحقيق فائض في الموازنة لعام 2023، أعلنت المملكة في أوائل تشرين الأول (أكتوبر) أنها ستعاني من عجزٍ في الموازنة السنوية حتى العام 2026 على أقرب تقدير، مع توقّع أن يكون الإنفاق للعامين 2023 و2024 أعلى بنسبة 34% و32% من أرقام 2022، وفقًا لـ”كابيتال إيكونوميكس”.
وبالتالي، تعتمد مثل هذه الخطط على بقاء عائدات النفط مرتفعة لفترة أطول، وهو اعتبارٌ من المرجح أن يستمر في التأثير في استراتيجية إنتاج النفط في المملكة العربية السعودية لبعض الوقت في المستقبل.
يقول فضل الله: “إن الاقتصادات المتحوّلة تُكلّف مالاً، ولن تحصل على ذلك إذا تَمَّ تداولُ النفط بسعر 40 دولارًا للبرميل. الدول الخليحية بحاجة إلى أن تكون الأسعار على مستوى أعلى بكثير. يجب أن يستمر هذا العصر الذهبي حتى العام 2030 على الأقل من أجل تمويل الطموحات الكبرى للمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى”.
هاني مكارم هو مدير تحرير “أسواق العرب”.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.