درسان للعرب من بريطانيا: لا أحد أكبر من الوطن ولا أحد فوق القانون

عرفان نظام الدين*

أكثر ما يُحزِنُ في ديارالعرب هو وصول المعلومات الجيّدة والسيئة الى عقر دارنا عسى أن نأخذ منها الدروس والعِبَر لعلّنا نستفيد منها لإصلاحِ أوضاعنا، إلّا أن المُحزِن أكثر يتمثّل في دائرة الممنوعات والمُحرّمات والحسرة المؤلمة للاستفادة من تجارب الآخرين والاكتفاء بمكرمة “شمّ ولا تدوق”.

آخر المستجدات من بريطانيا تحتوي على دروس نحتاج إليها لتكريس مَبدأَين مُهمَّين وضروريَين لأيِّ أمّة تبحث عن الإصلاح وسيادة القانون والعدالة والمساواة بدون تمييز على أساس أن لا أحد أكبر من الوطن ولا أحد فوق القانون.

الدرسُ الأوّل يتعلّق بالأمير أندرو، نجل الملكة أليزابيت ودوق يورك، الذي تورّط في فضيحة هزّت الولايات المتحدة بعد بدء المُحاكمات في نيويورك، واتُّهِم فها بالاشتراك في عمليات الاتجار بالبشر وممارسة الجنس مع قاصرات بينهن واحدة ادّعت عليه مباشرة وتناولت الفضيحة أسماءً بارزة بينها لشخصيات عربية.

ولم تشفع الملكة لنجلها مركزه ولقبه، بل أصدرت امرًا بتجريده من امتيازاته الملكية ولقبه امير دوق، وتُرِكَ لمصيره المُظلِم المُنتَظَر ان يتحدّد قريبًا في المحكمة الأميركية والإعلام الذي لم يرحمه.

الدرسُ الثاني يتعلّق برئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي يتعرّض لضغوطٍ قويّة من المعارضة وحزب المحافظين الحاكم لحمله على الاستقالة بسبب مخالفته لقرار الحجر الصحي في عزّ أيام الإغلاق الكامل والانتشار الواسع لوباء الكورونا، وبعد انكشاف فضيحة جونسون حول إقامة حفل حاشد في. حديقة ١٠ داوننغ ستريت مقر رئاسة الحكومة فيما كان يمنع المواطن البريطاني من الخروج او استقبال أكثر من شخصٍ واحد.

ويُنتظَر أن تُحسَم فصول القضية خلال أيامٍ قليلة ليتحدّد مصير جونسون وأي مسؤول آخر يظن أنه فوق القانون رُغم إنجازاته الاقتصادية … أما العرب فما عليهم إلّا المضي في إدمانِ حالة “شمّ ولا تدوق” مع العلم ان الكورونا قد أراحتهم من الشمّ والتذوّق.

  • عرفان نظام الدين هو كاتب، صحافي ومُحلّل سياسي مُقيم في لندن. كان سابقًا رئيس تحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى