جبران بين مترجمه الأَرشمندريت وطيور أَيلول

الندوة التواصلية الثامنة عن بُعد لــ”مركز التراث اللبناني” في الجامعة اللبنانية الأَميركية (LAU)، عالجت موضوع “بُيُوتُهُم متاحفُ ذاكرةٍ لتراثِ لبنان”، أَعدَّها وأَدارها مدير “المركز” هنري زغيب واستضاف إِليها جوزف جعجع (مدير متحف جبران في بشرّي /شمالي لبنان)، وزينالي أَيوب (مديرة متحف مترجم جبران المتروﭘـوليت أَنطُونيوس بشير في دوما/شمالي لبنان)، ومهى نصرالله (رئيسة جمعية “بيت طيور أَيلول” في الكفَير/جنوبي لبنان).

زغيب: بيوتٌ مُـخَلَّدَةٌ بأَعلامها

إفتتح الندوة هنري زغيب منوِّهًا بأَنها باكورة “سلسلةٍ جديدةٍ عن بيوتِ كوكبةٍ من مُبدعينا، باتت متاحفَ أَو هي على طريق أَن تتحوَّل متاحف، ببادرةٍ من أَهلٍ أَو مهتمِّين. من هذه البيوت ما انهدم فزال وزال معه تراثه، ومنها ما انهدم لكنَّ ذويه أَنقذُوا تراثَه واحتفظوا به، ومنها ما لم ينهدم وعمِل ذَوُوه أَو يعملون على تحويله متحفًا يحفظ ذاكرةَ التراث الذي تركه صاحب البيت”. وفي الحديث عن “البيوتُ الـمُخَلَّدَة بأَعلامها” استشهد زغيب بمقالة من ڤـيكتور هوغو سنة 1832 جاء فيها: “لكل بيتٍ خالدٍ وُجْهتان: استعمالُه وحُضوره. وإِذا الاستعمالُ يعني أَصحابَه وحدَهم، فحُضورُه يعني روَّاده جميعًا”. وختَم أَنَّ “إِهمال البيت الخالد أَو هدمه، تدميرٌ ذاكرتَه، وتاليًا ذاكرةَ الوطنِ الـمُشعَّةَ بهذه الـمعالم الثقافية والتراثية”.

جعجع: جبران في مراحل أَعماله

مدير متحف جبران في بشري (لبنان الشمالي) جوزف جعجع ذكرَ أَن رئيس لجنة جبران جوزف فنيانوس عمِلَ على ترميم أَجزاءٍ من المتحف لتوسيعه لإِمكان قدرة استيعابه أَعمالًا جديدة في ثلاث غرف جديدة.

في التصميم الجديد عرضُ لوحات جبران تَـجانُـبًا وفق تسلسلها التاريخي: قبل ﭘـاريس، مرحلة ﭘـاريس، وما بعد ﭘـاريس (بوسطن ثم نيويورك). وقال إِن مجموعة أَعمال جبران في المتحف تبلغ 440 لوحة، والمعروض منها 150 لوحة.

وفي الحديث عن تاريخ المتحف أَشار جعجع إِلى أَن جبران قبل وفاته (10 نيسان/أَبريل 1931) رغِب في وصيته أَن تُرسل ماري هاسكل بعض موجودات محترفه إِلى بلدته بشرّي، ونفَّذت هاسكل رغبتَه. وحين شقيقته مريانا رافقَت جثمانه إِلى بشرّي في آب/أغسطس 1931، اشترَت دير مار سركيس الذي ذكَره جبران مرارًا في رسائله إِلى ميخائيل نعيمة وفليكس فارس وسواهما. وحين تأَسست لجنة جبران الأُولى (1932) عملَت على نقْل جثمانه ولوحاته وأَغراضه الشخصية إِلى الدير فبات متحفُه محجًّا لقادري أَدبه وفنِّه من لبنان والعالم.

أَيُّوب: المتروﭘـوليت بشير صديق جبران

مديرة متحف المتروﭘـوليت أَنطونيوس بشير في دوما (لبنان الشمالي) زينالي أَيوب فصَّلَت عملها طيلة سنواتٍ منذ بادرة رئيس بلدية دوما السابق رجل الأَعمال حنا أَيُّوب الذي تعهَّد سنة 2010 ترميم البيت الذي كان شبه متهَدِّم. ولهذه الغاية سافرَت سنة 2015 إِلى أَميركا وعادت منها حاملةً أَوراقه ومؤَلفاته ومخطوطاته من “القرية الأَنطاكية” (ﭘـنسيلـڤـانيا) ومن مطرانية الروم الأُرثوذكس (نيوجيرزي)، وكان بشير (1898-1966) مطرانًا على نيويورك وأَميركا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا) طيلة 30 سنة منذ 1936. ووُجِدَت رسائل جبران إِليه في دُرْجه الخاص داخل غرفته، جمعها الأَب قسطنطين نصر وأَودعَها أَيُّوب التي حملَتْها إِلى دوما واستكمَلَت المتحف حتى تـمَّ إِنجازُه وترميمُه، بناءً وموجودات، سنة 2016. وكان لوقْف الكنيسة الأُرثوذكسية فضلٌ في المساعدة على تجهيز البيت متحفًا.

وأَشارت أَيُّوب إِلى أَنَّ في المتحف حاليًّا مجموعةً كاملة من رسائل جبران إِلى صديقه (الأَرشمندريت حينذاك) والطبعات الأُولى من الترجمات العربية التي وضعَها بشير لمؤَلفات جبران الإِنكليزية: “المجنون”، “السابق”، “النبي”، “رمل وزبد”، “يسوع ابن الإِنسان”، “آلهة الأَرض”.

نصرالله: من الكوارة إِلى طيور أيلول

رئيسة جمعية “بيت طيور أَيلول” في الكفَير (لبنان الجنوبي) مهى نصرالله، أَوضحَت أَنه بيتُ والدتها إِمِلي نصرالله، جاءَتْه طفلةً من بيت ولادتها (كوكبا/لبنان الجنوبي- 1931)، وعاشت فيه طفولتها وصباها مع جدَّتها لوالدتها ووالديها والأُسرة (أَبي راشد). وقالت إِن “طيور أَيلول” ليس فقط عنوان روايتها الأُولى (1962 – جائزة سعيد عقل وجائزة أَصدقاء الكتاب) بل هو البيت الذي كان يلتقي فيه الإِخوة لدى عودتهم من مهجرٍ غادروا باكرًا إِليه. من هنا أَهميته بالنسبة لإِمِلي التي بقيَت تتردَّد إِليه، وله في قلبها حنان وحنين ظهرا في كتابها الأَخير “المكان” الصادر بعد وفاتها (2018) في منشورات “دار قنبز” (بيروت) توازيًا مع تدشين “بيت طيور أَيلول” لدى إِنجازه متحفًا سنة 2018.

وفصَّلت نصرالله أَقسام البيت المبنيّ منذ 200 سنة، وما زال سقفه من الأَخشاب والأَوصال والجذُوع الأَصلية القديمة، وفيه كواوير القمح واليوك القديم الذي كانت توضع فيه الفُرُش صباحًا وتُفرَش عند المساء على الأَرض. وفيه أَيضًا غرفة خاصة لباحثين يرغبون في زيارة البيت بضعة أَيام لكتابةِ بحثِ أَو دراسة عن أَدب إِمِلي.

جولات افتراضية في البيوت

عند نهاية كل فقرة من الثلاث خلال الندوة تَــمَّ عرْض فيلم قصير خاص عن كل متحف، ظهرَت فيه أَقسامه وأَبرز موجوداته.

وفي ختام الندوة أَعلن زغيب عن الندوة المقبلة في 17 آب/أغسطس الجاري، مخصصة أَيضًا لثلاثة متاحف أُخرى في ثلاثة بيوت: ميخائيل نعيمة، مارون عبُّود، الياس أَبو شبكة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى