كِتابُ الأَحد

بقلم هنري زغيب*

يتَّجه العصر سريعًا إِلى الرقْمَنَة، وهي لم تَعُد مُقتَصِرةً على الكتُب، بل أَخذَت الصحف والمجلات تتحوَّل تدريجًا من وَرَقية إِلى رقْمية إِلكْترونية، وأَخذَت اليدان تستريحان من حَمْل الغلافَين والقراءَة على الورق، لتحُلَّ العينان مكانَها بالقراءَة على الشاشة، صغيرِها في الهاتف المحمول، أَوسَطِها في اللوح الذكي، وعريضِها في الكومـﭙـيوتر.

حِيال هذا التطوُّر الجذْريِّ المُتسارع، وُلِدَت مِنصَّاتٌ إِلكترونية، بعضها عامٌّ لنشْر كتب ومجلات ومنشورات رقْميَّة لِـمَن يتابعها، وبعضُها الآخر خاصٌّ بِدُور نشْرٍ أَنشأْتْها ترويجًا منشوراتِها التي، كُلِّيًّا أَو جُزئيًّا، تُصدِرها رقميَّةً يُمكن تحميلُها لقراءتِها مباشرةً على الشاشة، أَو سحبُها على الطابعة في البيت أَو المكتب.

من هذه المنصَّات العالمية وربما أَبرزُها: منصة “ISSUU” التي تَنشُر مئاتِ المؤَلَّفات والدوريات، ولعلَّها الأَوسعُ انتشارًا في العالم.

إِلى هذه المنصَّة أَوكلتُ حتى اليوم عدَدًا من مؤَلَّفاتي، أَحدثُها هذا الأُسبوع: “كتابُ الأَحد” في جُزءَين من 528 صفحة. 

ولماذا “الأَحد”؟ لأَن هذا الكتاب مجموعُ أَحاديثَ أَلقيتُها من إِذاعة “صوت لبنان” (اليوم تَغيَّر اسمها إِلى “صوت كُلّ لبنان”)، في برنامج أُسبوعي كان اسمه “حرفٌ من كتاب”، بلغَت أُسبوعيَّاتُه 250 حلقة راجعتُ فيها 250 كتابًا عن لبنان، وضعَها كتَّابٌ لبنانيُّون أَو كتَّابٌ أَجانبُ عن لبنان.

ولأَن هذا البرنامج كان يُذاع صباح الأَحد (من الأَحد 13/02/2011 إِلى الأَحد 27/12/2015) جعلْتُ “كتاب الأَحد” عنوانَ نصوصِه المجموعةِ الآن في هذا الكتاب الإِلكتروني، شئْتُهُ استراحةَ الأَحد من عمل أَيام الأُسبوع. فأَيُّ استراحةٍ أَهنأُ من قراءةٍ ماتعةٍ في كتاب ماتع!

وماذا في الكتاب؟

فيه مكتبةٌ لبنانيةٌ كاملةٌ من 250 كتابًا، وهي مؤَلَّفاتٌ سياحية وأَثرية وتاريخية وأَدبية وشعبية وروائية وعلْمية ومصوَّرة وسواها، تختصُّ بـملامحَ من هذا اللُبنان الرائع طبيعةً وجمالًا وتُراثًا غنيًّا وأَعلامًا كبارًا ومعالِـمَ فريدة، وخارطةً تَرسُم لنا إِرثًا غاليًا علينا الاحتفاظُ به، والحفاظُ عليه، ونقْلُه إِلى الأَجيال اللاحقة كي تكبَرَ في وطنٍ تكبُرُ به وتفخَر بالانتماء إِليه.

ورسالةُ الكاتبِ أَن يُعطي وطنَه بعضَ ما أَعطاهُ وطنُه من قِــيَــمٍ وفضائل. هكذا، لأَداء رسالتي الوطنية بتقديم الأَدب اللبناني وما يَصدُر منه، كوكبتُ 250 كتابًا قرأْتُها وأَوجَزْتُها، لا مُـحلِّلًا ولا ناقدًا ولا مقوِّمًا بل عارضًا إِيَّاها مَبنًى ومضمونًا، تاركًا مَن يستزيدُ منها اطِّلاعًا أَن يُكوِّن رأْيه فيها.

دأْبي من هذا الكتاب، أَن يطَّلع المتصفِح، في بضع دقائق، على ملخَّص كتابٍ صدَر في لبنان، أَو في العالم عن لبنان، لافتٍ بموضوعه أَو كاتبِه أَو الطرحِ الذي يعالجه، حتى إِذا أَعجبه التلخيص بادَرَ إِلى اقتناء الكتاب والاطِّلاع عليه كاملًا.

إِنها إِذًا نصوصٌ للمشاركة في الثقافة التي هي الأَبقى والأَرقى والأَنقى بين العطاءَات.

إِنها قراءاتٌ على اسم لبنان، في سبيل ثقافة لبنانَ، وتراثِ الكتاب، وكـلِّ حرفٍ مبارَكٍ من كتابِ لبنان.

  • هنري زغيب هو شاعر، أديب وكاتب صحافي لبناني. وهو مدير مركز التراث في الجامعة اللبنانية الأميركية. يُمكن التواصل معه عبر بريده الإلكتروني: email@henrizoghaib.com  أو متابعته على موقعه الإلكتروني: henrizoghaib.com أو عبر تويتر:  @HenriZoghaib

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى