لماذا يغتالون النُشَطاء في العراق؟

بقلم كابي طبراني

يتعرّض جيلٌ كامل من النُشَطاء العراقيين للهجوم والتهديد أو يُجبَرون على الفرار من البلاد. في كثير من الحالات، يدفعون أرواحهم ثمناً لوقوفهم ضد الفساد وتدخّل الميليشيات في الشؤون العراقية – والتي يتلقى العديد منها الدعم من إيران.

علي البياتي، المُتحدّث باسم المُفوضيّة العليا لحقوق الإنسان المستقلة في العراق، قال: “يبدو أن هناك تطهيراً مُبَرمَجاً بشكلٍ جيد للنُشطاء الذين كانوا مؤثِّرين في حركة الإحتجاج الأخيرة”.

قُتل أكثر من 700 متظاهر أعزل منذ بداية الحركة الإحتجاجية التي اجتاحت العراق منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2019. واختفى أو اختُطِفَ مئاتٌ آخرون. كما تلقّى قادة الإحتجاجات تهديدات بالقتل، ولا يزال العديد منهم نُشَّطٌ، على الرغم من أنهم يعيشون في خوف.

هوية المسؤولين ليست سراً. إنهم عناصر من ميليشياتٍ عراقية مدعومة من إيران، يُساعدهم أحياناً أفرادٌ مارقون من جهاز الأمن العراقي. في الأسبوع الفائت وحده، ضربت موجة جديدة من الإغتيالات التي استهدفت مدينة البصرة الجنوبية. وجرت محاولات اغتيال ستة نُشطاء استشهد اثنان منهم.

وكانت آخر الضحايا رِهام يعقوب، وهي شابة عراقية قادت مسيرات نسائية في البصرة. كانت مُنتقدة صريحة للطبقة الحاكمة في العراق والفساد الذي يعاني منه النظام السياسي، وقد طالبت بالحقوق الأساسية مثل الوصول إلى المياه النظيفة. تم إطلاق النار عليها يوم الأربعاء الفائت (19/08/2020). وقد قال صديق لها، والذي فرّ الآن من البلاد خوفاً على حياته، لموقع “إرفع صوتك”، إن يعقوب تلقّت تهديدات بالقتل من “عصائب أهل الحق”، وهي ميليشيا تدعمها إيران. وقبل خمسة أيام بالضبط من مقتل يعقوب، قُتل أيضاً تحسين أسامة، وهو ناشط آخر في البصرة، ما دفع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى إقالة رؤساء شرطة المدينة. مع ذلك، فشلت هذه الإجراءات في منع المزيد من إراقة الدماء.

في تموز (يوليو)، قُتِل الخبير والاسترايتجي الأمني العراقي هشام الهاشمي، وهو منتقدٌ صريح للميليشيات الإيرانية ومُقرَّبٌ من الكاظمي، خارج منزله في بغداد بعدما تلقى تهديدات من الجماعات العراقية المدعومة من إيران.

يتعرّض الكثير من الشباب العراقيين الذين يُقاتلون من أجل مُستقبلٍ أفضل للوحشية والمُضايقة أو أسوأ من ذلك. لدى المتظاهرين السلميين ونُشطاء المجتمع المدني القدرة على الضغط من أجل التغيير الإيجابي، ويجب حمايتهم بأي ثمن. إنهم منارة الأمل لأمّتهم. وأسقطت المظاهرات التي استمرت شهوراً في أنحاء جنوب العراق، والتي كانت تقليدياً معقل هذه الميليشيات، الحكومة السابقة ولكنها لم تكن قادرة على كبح نفوذ الجماعات المتحالفة مع إيران. وبينما تعهّد الكاظمي بمحاسبة القتلة، ودفع تعويضات لعائلات الضحايا، لم يتمكّن حتى الآن من فَرمَلة جماح الميليشيات الإيرانية القوية.

وتهدف عمليات القتل إلى إجبار الإصلاحيين في العراق على الإنصياع ، لكن النشطاء المدنيين في العراق مُصمِّمون على فرض تغييراتٍ للحدّ من الفساد والهدر. إن أعمال العنف التي تم شنّها ضد النشطاء هي في جزء منها تحذيرٌ مُبطَّن إلى حد ما لرئيس الوزراء، وهو إصلاحي تعهّد بالدفاع عن سيادة القانون وقام أخيراً بزيارة رسمية إلى واشنطن. يحتاج الكاظمي إلى الدعم لردع هذه الجماعات عن إزهاق المزيد من الأرواح العراقية ومن التعدّي على سيادة الأمة. خلال زيارته لواشنطن، ناقش صفقات في مجالات الطاقة والأعمال مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي وعد بأن واشنطن ستكون “هناك للمساعدة إذا أقدمت إيران على فعل أي شيء”.

يجب أن تمتد المساعدة الأميركية لتشمل شخصيات المجتمع المدني في العراق. من خلال اتخاذ موقف قوي من عمليات القتل التي تستهدف هذه القيادات، يُمكن للولايات المتحدة والمجتمع الدولي تمكين الكاظمي من تنفيذ الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها، وفرض تدابير أمنية صارمة وردع الميليشيات المتحالفة مع إيران عن حملة الإغتيالات. إذا فشل العالم في القيام بذلك، فإنه سيترك حركات المعارضة السلمية في العراق خالية من أي قادة يُمكنهم بناء نظامٍ سياسي يُلبّي تطلعات الشعب العراقي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى