كيف تُكيّف الصناعة المغربية إنتاجها مع “كوفيد-19″؟

فيما يتوقع خبراء كثيرون أن يصل انتشار فيروس كورونا في المغرب إلى ذروته في آواخر أيار (مايو) المقبل، ويبدأ عدد المصابين في الإنخفاض بعدها حيث يصل إلى أدناه في نهاية حزيران (يونيو) المقبل، تتكيّف الصناعة المغربية على ضوء ذلك لمساعدة البلاد على اجتياز المرحلة بأقل الخسائر الممكنة.

 

صناعة النسيج في المغرب: تحولت لصناعة المنسوجات الطبية للمساعدة على مواجهة كورونا

الرباط – باسم رحال

في الوقت الذي يرتفع العداد العمومي لانتشار وباء “كوفيد-19” في المغرب، مع تأكيد 2258 إصابة، و273 مريضاً تعافوا، و133 حالة وفاة حتى 17 نيسان (إبريل)، فإن القطاع الصناعي يتحرّك لتلبية الحاجة المتزايدة للمنتجات الصحية.

على سبيل التذكير، بعد تسجيل أول حالة لديها في 2 آذار (مارس)، اتخذت المملكة بسرعة إجراءات جذرية لاحتواء الوباء.

بعد إغلاق الحدود مع البلدان المتضررة الرئيسة مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، أعلن المغرب بعد ذلك عن تعليق جميع خطوطه الجوية في 15 آذار (مارس)، قبل إطلاق الإغلاق والحجز العام في 20 آذار (مارس)، حتى إشعار آخر، عندما بلغ مجموع الحالات 79.

القطاع الصناعي يستجيب

بالإضافة إلى القطاعات الأخرى من الضروريات الأساسية التي استجابت أيضاً لهذه الأزمة، مثل التوزيع، حيث قامت المتاجر الكبرى بتعديل استراتيجية المبيعات الخاصة بها لتقديم خدمات توصيل إلى المنازل، أو التعليم، الذي وضع بسرعة حلولاً رقمية لتقديم دورات بالمراسلة، كانت أولوية البلاد موجهة منطقياً نحو قطاع الصحة.

في حين كان وزير الصحة، خالد آيت طالب، يُطمئن الناس على قدرات المملكة على الاستجابة للأزمة خلال مقابلة متلفزة أُجريت معه في 31 آذار (مارس)، فقد وُلدت مبادرات مختلفة، خصوصاً بفضل دعم وزارة الصناعة والتجارة والإقتصاد الأخضر والرقمي.

تعتزم البلاد الإستفادة من قطاعها الصناعي الذي تمكّن من هيكلة نفسه في السنوات الأخيرة، تحت زخم خطة التسريع الصناعي 2014-2020. خلال هذه الفترة، تم إنشاء أكثر من 400,000 وظيفة جديدة (تقييم نهاية العام 2018)، وتم إنشاء 54 نظاماً صناعياً، مثل السيارات والمنسوجات والطيران.

فعندما يتم تنظيم المرحلة الثانية من خطة التسريع الصناعي للفترة 2021 – 2025، ستعمل الشركات الخاصة، بالتنسيق مع القطاع العام، معاً على تكييف الإنتاج الصناعي ومساعدة السكان والمناطق التي تفتقر إلى الوسائل للتعامل مع تداعيات هذه الأزمة الفريدة وغير المسبوقة.

القطاع الصحّي له الأولوية

ومن هذا المنطلق، في بداية نيسان (إبريل)، تحوّل بعض شركات صناعة النسيج – التي شغّلت حتى نهاية العام 2019 أكثر من 185,000 عامل مُوزَّعين على أكثر من 1600 شركة، وتمثل 15٪ من الناتج المحلي الإجمالي الصناعي المغربي – بتشجيع من الجمعية المغربية لصناعات النسيج والملابس إلى تصنيع أقنعة واستهداف قدرة إنتاجية 5 ملايين وحدة يومياً بحلول منتصف نيسان (إبريل). بالإضافة إلى إنتاجها في وقت قياسي، ستفي هذه الأقنعة بمعايير المعهد المغربي للتوحيد القياسي، مما يُثبت جودتها ويجعلها في متناول موظفي الرعاية الصحية.

وقال جليل سكالي، نائب رئيس المعهد المغربي: “في حين أن غالبية أعضائنا تعمل مجاناً في هذه العملية، فإن هذا يُعطي مثالاً جيداً على التضامن من جانب مُصنّعي المنسوجات المغاربة”.

تكتسب هذه الأخبار أهمية أكبر مع الإعلان الذي أصدرته الحكومة المغربية في 6 نيسان (إبريل)، بفرض ارتداء القناع الإلزامي وتحديد أسعار البيع عند 80 سنتاً للقناع الواحد.

في الوقت نفسه، إلتزمت الوحدة الصناعية لاماتم في برشيد، التي تم افتتاحها في تشرين الأول (أكتوبر) 2019 والمُتخصّصة في المنسوجات الطبية، بتزويد الدولة بالمعدات الطبية. سيشمل ذلك العباءات وأغطية الرأس والسراويل التحتية للنساء والجوارب، والتي ستكون من الأصول الضخمة، بينما يُمكن للمصنع إنتاج ما يصل إلى 6 ملايين وحدة في الشهر.

تعبئة جميع الجهات الفاعلة

من ناحية أخرى قامت معاهد البحث والتطوير، التي تُضاعف جهودها أيضاً، بتصميم جهاز تنفس اصطناعي مغربي بنسبة 100٪ بالإضافة إلى جهاز لقياس درجة الحرارة مُخصَّص للمرضى الذين يُعانون من الفيروس التاجي (Covid-19)، من خلال عمل باحثين في جامعة محمد السادس البوليتكنيك. وستعمل هذه الابتكارات التكنولوجية، المصنوعة من مكونات متاحة بالكامل في السوق المغربية، في كل من المدن والمناطق الريفية، ولديها بطارية تعمل على مدى 3,000 ساعة. بمجرد الانتهاء من إنتاجها في الأسابيع المقبلة، سيتم إتاحتها للنظام الصحي. ولا يزال تاريخ وضعها في العمل مجهولاً في الوقت الراهن.

إلى جانب ذلك، يؤكد المهنيون أنه على الرغم من اعتمادهم جزئياً على الأسواق الخارجية وخصوصاً الصين والهند لإنتاج الأدوية، فلن يكون هناك نقص. كما ذكر أمين بنعبد الرازق، رئيس مقاولات الأدوية في المغرب، خلال مقابلة حصرية أن “80٪ من الأدوية المُباعة في المغرب، التي تحمل اسم العلامة التجارية أو الجينيريك، يتم تصنيعها محلياً”.

وقال رشيد لمريني رئيس مجلس نقابة الصيادلة والموزعين في المغرب لوسائل الإعلام المحلية في 3 نيسان (إبريل): “إذا لم  يُفرغ المواطنون رفوف الصيدليات، فإن مخزون الأدوية يتم توفيره بشكل مثالي”.

توقعات النمو المُنَقّحة

وعلى الرغم من تأثر الإقتصاد العالمي والوطني، إلّا أن المملكة تريد أن تكون مطمئنة بشأن إدارتها الصحية في مواجهة الفيروس.

أعلنت الدولة في منتصف آذار (مارس) الإفراج عن صندوق مالي خاص بقيمة 10 مليارات درهم (975 مليون دولار) لتغطية النفقات الناتجة عن هذه الأزمة الصحية. وسوف يموّل هذا الصندوق، من جهة، تكاليف تحديث الجهاز الطبي، من حيث البنية التحتية المناسبة والوسائل الإضافية التي سيتم الحصول عليها في حالة الطوارىء. من ناحية أخرى، يجب أن يدعم هذا الصندوق الإقتصاد الوطني ويساعد القطاعات الأكثر تضرراً من هذه الأزمة الصحية. وتشمل التدابير الأخرى تعليق سداد الرسوم الإجتماعية وفرض وقف على سداد القروض المصرفية لصالح الشركات.

في العام 2019، سجل المغرب زيادة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.7%، وتوقع بنك التنمية الأفريقي نمواً حقيقياً في الناتج المحلي الإجمالي، والذي من المفترض أن يكون 3.7٪ في العام 2020. ومع ذلك، فإن المركز المغربي للظرفية الإقتصادية نقّح هذه التوقعات في نهاية آذار (مارس) وأفاد بأن النمو لعام 2020 في ضوء الوضع الراهن سينخفض إلى 0.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى