ينبغي حماية الأفراد الأكثر ضعفاً في العالم من كورونا

بقلم كابي طبراني*

وصل العالم إلى مرحلة قاتمة بعدما سجّل رسمياً مليون إصابة بفيروس كورونا أو “كوفيد-19″، لكن مسؤولي الصحة وصانعي السياسات العالميين يُحذّرون من أن الوضع لا يزال في مرحلة مُبكرة من رحلة أطول وشاقة. ويعتقد الخبراء أنه لا يزال هناك عدد كبير جداً من الحالات التي لم يتم اكتشافها بعد، خصوصاً في البلدان الفقيرة والمناطق المعزولة. سيكون التحدّي المشترك الذي سنواجهه في الأشهر المقبلة هو معالجة التجارب القاسية التي يواجهها الفقراء والضعفاء في العالم، فضلاً عن تقديم المساعدة إلى الدول الأقل نمواً، حيث من المُحتمل أن يعيث الفيروس خراباً.

في العراق، على سبيل المثال، حيث أظهرت النتائج المخبرية إصابة حوالي أكثر من 700 شخص حتى الآن، قالت منظمة الصحة العالمية أنه من المتوقع أن ترتفع حالات الإصابة بالفيروس التاجي في البلاد بشكل ملحوظ. وتتمثّل أكبر التحديات في بغداد في البنية التحتية المُتداعية للرعاية الصحية والعدد النادر لوسائل الفحص والإختبار، بالإضافة إلى نقص الأموال. على الرغم من أن السلطات فرضت حظر التجوّل على الصعيد الوطني وقيّدت السفر، فقد تجاهل الكثير من العراقيين هذه الإجراءات بشكل صارخ. وللأسف، شجّع قادة الميليشيات هذا السلوك المُتهوّر، حيث حثّ رجل الدين الشعبوي مقتدى الصدر أتباعه في البداية على ممارسة أعمالهم كالمعتاد، ناشراً نظريات المؤامرة حول فيروس كورونا.

ولكن حتى في الأماكن التي يكون فيها مثل هذا السرد غير موجود، فمن الصعب إقناع الفقراء، الذين يعتمد الكثيرون منهم على الأجر اليومي لتغطية نفقاتهم، التوقّف عن العمل من دون تقديم أي تعويض. في تونس، تجمّع المئات من المتظاهرين في أحياء الطبقة العاملة للتظاهر ضد إجراءات العزل والبقاء في المنازل. “لا يهمّنا فيروس كورونا، سوف نموت على أي حال. دعونا نعمل، دعونا على الأقل نؤمّن الخبز لأطفالنا”، صاح أحد عمال البناء. هناك حاجة إلى شبكات الأمان الإجتماعي وتأمين التمويل لكي يستطيع العاملين تحمّل تكلفة البقاء في المنازل. ويواجه أصحاب الدخل المنخفض، وأولئك الذين ليست لديهم مُدّخرات، والذين يعتمدون على الأجور اليومية أوقاتاً صعبة في الأيام المقبلة. وتُعتَبَر حزم التحفيز مهمة أيضاً في هذه الظروف للحفاظ على ديمومة الإقتصاد ولتوفير وحماية الملايين من الوظائف.

في أوقات الوباء، لا يُمكن للأمم أن تكون بصحة جيدة إلّا إذا كان الأفراد الأكثر ضعفاً فيها بصحة جيدة. لقد ثبت أن “كوفيد-19″ هو فيروس خطير، وبشكل خاص لأولئك الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً، والمرضى الذين يعانون من حالات طبية كامنة، والعاملين الصحّيين الذين يقومون برعايتهم ليلاً ونهاراً. في إسبانيا وإيطاليا، أُصيب الآلاف من الطواقم الطبية بفيروس كورونا. وقد أدى النقص في معدات الحماية الشخصية في الولايات المتحدة وأوروبا إلى صعوبة بقاء الأطباء والممرضات في المستشفيات آمنين.

لكن البقاء في المنزل والحصول على المساعدة المالية ومعدات الحماية لا تكفي في بعض الأحيان. بالنسبة إلى ضحايا العنف المنزلي، يُمكن أن يعني ذلك بقاءَهم مُحاصَرين في مكانٍ ضيّق مع المُعتدين عليهم لفترة غير مُحددة. وهذا الأمر هو حالياً أكثر خطورة إذ أن الشرطة والجمعيات الخيرية والمستشفيات تُسخّر مواردها وتصب كل اهتمامها الآن لمواجهة وباء كورونا. يجب ألّا تصبح النساء والأطفال المُحاصَرين والعالقين في منازل متعسّفة ضحايا ثانويين ل”كوفيد-19”. ينبغي على السلطات العمل على تحديد أولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة، وتقديم مأوى بديل لهم بعيداً من المُعتدين عليهم.

في كل مكان في العالم، لم يُزِل كورونا المشاكل القائمة، مثل العنف المنزلي والفقر وخدمات الرعاية الصحية الضعيفة الموارد. على العكس، فقد وضع ضغطاً إضافياً على القضايا التي لم يتم التعامل معها من قبل. للحفاظ على سلامة أكبر عدد ممكن من الناس خلال انتشار هذا الوباء، يجب علينا أيضاً معالجة هذه الأسباب الكامنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى