كيف يُمكن لتوسيع ميناء جديد أن يُطلق النمو الصناعي في المغرب

يستعد المغرب لتوسيع صادراته الصناعية بعد إطلاق ميناء طنجة المتوسط-2. فهو ميناء إستثنائي في موقع استراتيجي يضع المملكة في مصاف الدول الرائدة في النقل البحري على الصعيد العالمي حيث أصبح أكبر ميناء في أفريقيا من حيث حجم الحاويات، والأول متوسطياً من حيث الطاقة الإستيعابية.

ولي العهد مولاي حسن يفتتح ميناء طنجة المتوسط -2: أهم مشروع تحقق في المغرب في العشر سنين الأخيرة

 

طنجة – محمد زين الدين

إفتتح ولي العهد المغربي مولاي حسن توسيع ميناء طنجة المتوسط-2 في 28 حزيران (يونيو) الفائت، مما جعل مجمع طنجة المتوسط الأكبر في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا من حيث سعة الحاويات.

يتضمن ميناء طنجة المتوسط-2 محطتي حاويات، “TC3” و “TC4” حيث تستغل شركة “مرسى المغرب” ( Marsa Maroc) محطة الحاويات الأولى التي تتميز برصيف يبلغ طوله 800 متر ومساحة مكتسبة تبلغ 34 هكتاراً. وتبلغ القدرة الإستيعابية للمحطة مليون وحدة مكافئة لعشرين قدماً.

أما محطة الحاويات ” TC4″ فتتمتع بقدرة استيعابية قدرها 5 ملايين حاوية مكافئة لعشرين قدماً، وتُديرها شركة ” APM TERMINALS” حيث أن هذه المحطة التي تُعد الأكثر ابتكاراً في القارة الأفريقية تضم أحدث تقنيات التشغيل الآلي لحركة الحاويات، وتتميز بمنصة ذات رصيف يبلغ طوله 1600 متر ويمتد إلى 1800 متر، وكذا مساحة مكتسبة تبلغ 76 هكتاراً.

ستكون لمجمع الميناء المُوسَّع القدرة السنوية على التعامل مع 7 ملايين مسافر، و1 مليون سيارة و700,000 شاحنة.

بدأ إنشاء مشروع التوسّع، الذي تبلغ تكلفته 1.3 مليار دولار، في العام 2010 وتم التخطيط له على مرحلتين. أُنشئت في المرحلة الأولى البنية التحتية للميناء، والتي اكتملت في العام 2016. وقد شهدت المرحلة الثانية تطوير أرصفة الميناء الجديدة.

والجدير بالذكر أن هناك حوالي 900 شركة في الميناء، التي ولّدت 7500 وظيفة منذ بدء أعمال البناء في العام 2010.

“هذا أكثر من مجرد إعادة هيكلة بسيطة: إنه أحد أهم المشاريع التي تم تنفيذها في المملكة خلال السنين العشر الماضية. لقد قدّم هذا المشروع منهجاً طموحاً وديناميكياً ومباشراً في مسألة التنمية”، قال فؤاد بريني رئيس الوكالة الخاصة طنجة المتوسط المُشرفة على الميناء.

من خلال إبراز أهميته بالنسبة إلى الإقتصاد العام، قام مجمع ميناء طنجة المتوسط، المُرتبط أو المربوط ب186 ميناء و77 دولة مختلفة، بتداول 139 مليار درهم (14.4 مليار دولار) من البضائع المُصدَّرة في العام الفائت، وهو ما يُمثّل 50٪ من إجمالي الصادرات المغربية. علماً أن حوالي 38٪ من حركة الحاويات كانت مع أفريقيا، 27٪ مع أوروبا و26٪ مع آسيا.

التوسع لتعزيز نمو صناعة السيارات

ويتوقع أكثر الخبراء أن تكون القدرة المتزايدة للميناء مصدراً لتوفير دفعة إقتصادية كبيرة، لا سيما للقطاعات الصناعية التي تُركّز على التصدير في المغرب.

من أهم هذه القطاعات قطاع السيارات، الذي تخطى في العام 2017 قطاع جنوب إفريقيا ليصبح الأكبر في القارة السمراء من حيث الإنتاج. ويحدث الكثير من هذا النشاط في منصة طنجة المتوسط الصناعية التي تبلغ مساحتها 2000 هكتار، منها حوالي 1000 هكتار تستهلكها شركات صناعة السيارات التي لديها اتصال مباشر بميناء طنجة المتوسط.

ويُذكر أن المملكة أنتجت ما يقدر بنحو 400 ألف سيارة في العام الماضي، وتُخطط لزيادة هذا الرقم إلى مليون سيارة بحلول العام 2025.

بالنظر إلى أن 90٪ من هذه المركبات يتم تصديرها إلى أوروبا، فإن موقع الميناء الاستراتيجي على بعد 40 كلم جنوب ميناء “الجزيرة” الإسباني الرئيس سوف يُساعد الحكومة على تحقيق هذه الأهداف.

من ناحية أخرى، إن زيادة إنتاج السيارات ستكون لها أيضاً تأثيرات إقتصادية أوسع من حيث الإستثمار الأجنبي.

في أيلول (سبتمبر) 2018، أعلنت شركة صناعة السيارات الألمانية “فولكسفاغن” أنها ستقوم بإنشاء مصنع لتجميع السيارات في المغرب، للإنضمام إلى كبرى الشركات العالمية الأخرى ك”بيجو” و”رينو”.

وفي الوقت نفسه، أعلنت شركة “رينو” في تشرين الأول (أكتوبر) أنها ستزيد طاقتها الإنتاجية السنوية في المغرب إلى 500,000 سيارة بحلول العام 2022. ومن هذا المجموع، سيكون 340,000 من مصنعها في طنجة.

يجب أن يساعد الإستثمار الجديد أيضاً على تعزيز نمو إضافي للوظائف في صناعة السيارات. بين العامين 2014 و2018، ولّد القطاع حوالي 83,800 وظيفة، وهو ما يمثل 29٪ من إجمالي العمالة الصناعية.

صناعة الطيران سوف تستفيد أيضاً

سوف تستفيد قدرات الميناء الموسَّع أيضًا من صناعة الطيران المُتنامية.

على مدار العشرين عاماً الماضية، إنتقل القطاع من ثلاث شركات فقط إلى قطاع صناعي تبلغ قيمته 17 مليار درهم (1.8 مليار دولار) يضم حوالي 140 شركة. في العام الفائت، بلغ إجمالي صادرات قطاع الطيران 13.9 مليار درهم (1.4 مليار دولار)، وهو ما يُمثّل 5.6٪ من إجمالي صادرات البلاد.

نظراً إلى طبيعة القطاع التي تُركّز بشدة على التصدير، فإن ترقية ميناء طنجة المتوسط وقربه من أوروبا من شأنهما أن يساعدان على نمو هذه الصناعة.

ميناء الناظور غرب المتوسط

يتم استكمال توسيع طنجة المتوسط بمشروعٍ لترقية وتوسيع السعة في ميناء “الناظور غرب المتوسط” الواقع على بعد حوالي 30 كلم من مدينة الناظور على الساحل الشمالي.

تم إطلاق المرحلة الأولى في العام 2016، وتشمل بناء رصيفين  يبلغ طول الأول 4.2 كلم والثاني 1.2 كلم، ومحطة حاويات تتضمّن منصة طولها 1.5 كلم، ومحطة هيدروكربونية فيها ثلاث محطات نفط بعمق 20 متراً، ومحطة للفحم.

عند الإنتهاء من المشروع المُقرَّر في العام 2021، من المتوقع أن تصل طاقة الميناء السنوية إلى 3 ملايين حاوية مكافئة من الحاويات و25 مليون طن من المواد الهيدروكربونية و7 ملايين طن من الفحم و 3 ملايين طن من السلع الأخرى المختلفة.

ومن المتوقع أن تجذب المرحلة الأولى 30 مليار درهم (3.1 مليارات دولار) من الإستثمارات الخاصة، في حين أن التوسع المستمر من شأنه أن يُولّد 70 مليار درهم (7.2 مليارات دولار) من الإستثمارات العامة والخاصة حتى العام 2034.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى