إعادة الإعمار المطلوبة في سوريا

بقلم كابي طبراني

مع بداية العام الجديد، الذي نتمنى أن يعيده الله على الجميع بالخير والبركات، تقود روسيا حملةُ لإعادة إعمار سوريا بعد سبع سنوات من الحرب التي كان لها فيها دورٌ محوري. حربٌ أسفرت عن سقوط مئات الآلاف من القتلى وملايين الجرحى، ناهيك عن عدد لا يُحصى من السوريين الذين فرّوا من بلادهم طلباً للنجاة وصاروا لاجئين في الدول المجاورة وخارجها.
كما أصبح الملايين نازحين في بلدهم، وما زالوا يعانون من صعوبات لا توصف بعد أن خسروا سُبل رزقهم وفقدوا كل ضروريات الحياة الأساسية. ولكن، من أجل طرح هذه الحملة لإعادة بناء سوريا من الصفر بطريقة صحيحة، يجب منذ البداية القول أن إعادة إعمار سوريا لن تكون في الحقيقة هدية للنظام الحاكم، بل هي واجبٌ تجاه الشعب السوري نفسه، لأنه سيكون المستفيد الأكبر من إعادة بناء ناجحة لبلده الذي مزّقته الحرب.
ومع ذلك، فإنه من الصواب أيضاً إعطاء إعادة إعمار سوريا معنى أعمق وحجماً أكبر حيث لا يجب أن تتحدّد أو تقتصر على بُعدها المادي سواء في شكل إعادة بناء المنازل أو إصلاح الطرق السريعة والجسور أو توفير الإحتياجات البشرية الأساسية بما في ذلك المياه، الكهرباء، الرعاية الصحية والتعليم.
يجب أن تُعطَى إعادة إعمار سوريا أبعاداً أوسع وأشمل. وليس من المؤكد أن موسكو والدول المتقاربة معها في التفكير تستوعب أو تدعم هذا الجانب الآخر من إعادة الإعمار، حيث أنها لم تُعلن بعد عن أي تعاطف أو دعم له. إن النظام السياسي السوري يحتاج بشكل مُلِحّ وضروري إلى “الإصلاح وإعادة البناء” من الألف إلى الياء.
إن عملية إعادة الإعمار تستلزم وتتطلب تجديد نظام التعليم والثقافة في البلاد وتطوير مرافق الرعاية الصحية فيها، ولكن قبل كل شيء، يجب أن تشمل إعادة بناء المؤسسات السياسية والأمنية من أجل تعزيز الديموقراطية الحقيقية واحترام حقوق الإنسان. هذا هو ما تعنيه إعادة إعمار سوريا وهذا ما يريده الشعب السوري. وهذا لا يتطلب المال فحسب، بل الرغبة والإرادة لإدخال هذه الأبعاد الإضافية لإعادة الإعمار. وبخلاف ذلك، فإن إعادة إعمار سوريا بطريقة محدودة، كما يبدو لروسيا والبلدان التي تشاطرها الرأي، سوف تُمهّد الطريق لمزيد من الحروب والصراعات المدنية في البلاد حالما يجفّ الإسمنت لإعادة بناء الطرق والجسور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى