القدس خط أحمر
بقلم كابي طبراني
قال مسؤولون أميركيون ان الرئيس دونالد ترامب يدرس إمكانية إعترافه بالقدس المحتلة عاصمةً لإسرائيل، وهو إعلانٌ مشحونٌ جداً يُهدد بإشعال توترات جديدة في الشرق الاوسط.
وأفاد هؤلاء المسؤولون المطلعون على المحادثات ان قرار ترامب من المتوقع ان يُعلَن في الأسبوع المقبل بعد أشهر من المداولات الداخلية التي نمت بشكل خاص فى الايام الاخيرة. وأكّدوا على أن الرئيس عازم على الوفاء بتعهده بنقل السفارة الأميركية، بيد أنه يُدرك أيضاً أن القيام بذلك قد يحدّ من هدفه المتمثل في إبرام إتفاق سلام بعيد المنال بين إسرائيل والفلسطينيين.
وعلمت “أسواق العرب” بأن وزارة الخارجية الأميركية نصحت سفاراتها في الشرق الاوسط بالتحضير لإحتجاجات مُحتمَلة في الأسبوع المقبل.
وكانت الصحف الأميركية نقلت عن نائب الرئيس الاميركي مايك بينس قوله أن الرئيس دونالد ترامب “يدرس بشكل جدي متى وكيف تُنقَل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس”.
جاء ذلك فى كلمة ألقاها فى حفل أقامته في نيويورك أخيراً البعثة الإسرائيلية لدى الامم المتحدة والمؤتمر اليهودي العالمي للإحتفال بمرور 70 عاماً على تصويت المنظمة الدولية على إقامة دولة يهودية على جزء من فلسطين.
مع هذا الكلام لنائب الرئيس أمام جمهور يهودي وهو يشاركه الطعام، وفي ضوء إعلان البيت الأبيض في حزيران (يونيو) الفائت بأن الرئيس الأميركي تباطأ فقط، ولم يتخلَّ، عمّا تعهّد به في حملته الرئاسية بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، فإن مثل هذا الكلام لا يجب أن يُشكل مفاجأة لآحد.
في الوقت عينه، يقول بينس أن الولايات المتحدة تريد حلاً عادلاً للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، ولكن من دون تأييد حل الدولتين، يستغرب المرء ويتساءل مًن يحاول خداع مَن؟
هذا الموقف الأميركي مُحيِّرٌ ومُخيِّب للآمال. كيف يُمكن لترامب أن يتوقّع حلّ المشكلة الفلسطينية بطريقة مُنصِفة وعادلة عندما تُظهر إدارته تحيّزاً سافراً لصالح إسرائيل؟
ما هو نوع الإشارة الذي ترسله الإدارة الأميركية إلى الفلسطينيين والعرب والمسلمين بشكل عام، عندما يتصورون أنها تفكر بجدية في نقل سفارة البلاد إلى القدس، وهو بيان مُهيّج ومثير للقلاقل لا يُمكن تصوره حتى الآن؟
إن هذا الكلام يبعث برسالة واضحة ومثيرة للقلق إلى الفلسطينيين بأنه يتخلّى عن قضيتهم وحقوقهم لصالح الدولة العبرية، وهو بالتالي بعد الآن لن يكون عادلاً.
كان يتوقع المرء من ترامب، الذي أعلن أنه سيجعل الطرفين يصلان إلى “الصفقة النهائية”، طمأنة الفلسطينيين، ربما بإعلانه أنه يدرس بجدية التخلي عن فكرة نقل السفارة غير المُنتج والمسيء للوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية.
قد تعتقد واشنطن أن العرب مشغولون بالصراعات الداخلية، وربما لا يهتمون أين تقع البعثة الديبلوماسية الأميركية في إسرائيل، ولكن يجب أن تعرف بالتأكيد أن القدس خط أحمر للعرب والمسلمين.
إن رئيساً تفاخر بأنه هو الذي سيجد حلاً للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، في حين فشل جميع الرؤساء الأميركيين السابقين، كان من المتوقع أن يتصرّف بطريقة تـتفق وتـتلاءم وتـتوافق مع هذه النية.
للأسف، لا يبدو أن هذا هو الحال.