تَعَرَّفوا على الجيل المُقبل الذي سيحكم السعودية

يعرف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أنه لا يمكنه أن يحكم وحده – وهذا هو السبب الذي جعله يعمل بهدوء منذ مدة، ولا يزال، لجمع مجموعة من الأمراء الشباب لخدمة جدول أعماله.

الملك سلمان بن عبد العزيز: يرى إبنه محمد على أنه عبد العزيز آل سعود القرن الحديث

بقلم سيمون هندرسون *

يُحيِّرنا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ويغيّر فهمنا لكيفية حكم المملكة العربية السعودية. سعياً إلى توطيد سلطته، فقد رمى منذ أشهر بتوخي الحذر وبناء التوافق في الآراء – التقنيات التقليدية للقيادة السعودية – من النافذة، سائراً بدلاً من ذلك بسرعة مُتهَوِّرة تقريباً وتجاهلٍ واضح لنيل دعم أعمامه وأبناء عمومته. وتشير الإعتقالات التي وقعت في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) وشملت 11 أميراً مُتَّهَمين بالفساد، إلى أن الأسرة المالكة، وهي بيت آل سعود، لم تعد فوق القانون.
إنقسمت التعليقات على التحركات الأخيرة التي قام بها الأمير محمد بين التنبؤات بأنه يقود البلاد نحو الديكتاتورية أو نحو ثورة عائلية. لكن دراسة متأنية لتصرفات بن سلمان وبياناته خلال العام الماضي تشير إلى أنه شخص يحسب خطواته وليس متهوراً. فقد صرّح النائب العام السعودي هذا الأسبوع بأن تحقيقات الفساد بدأت منذ ثلاث سنوات، في حين ذكر محمد بن سلمان الحملة الواسعة النطاق ضد الفساد في مقابلة تلفزيونية في أيار (مايو) الفائت. وقال يومها: “إني اؤكد لكم بأن أي شخص متورط فى قضية فساد سواء كان وزيراً او أميراً او أي شيء آخر لن يهرب من العقاب”.
في الوقت نفسه، منذ شهر نيسان (إبريل)، كان محمد بن سلمان (32 عاماً)،، يقوم في هدوء بتنظيم تعيينات مجموعة من الأمراء الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين أواخر العشرينات والثلاثينات في مواقع السلطة. ومن المرجح أن يكون هؤلاء حاسمين لنجاح إعادة تشكيله للمملكة، ويُمكن أن يصبحوا حكاماً ووسطاء للسلطة لعقود آتية. وهم جميعاً إما أحفاد أو أولاد أحفاد مؤسس المملكة الملك عبد العزيز آل سعود، الذي توفي في العام 1953. ويبدو محمد بن سلمان حكيماً تماماً في تعزيز أبناء عمومته الأصغر سناً، حيث يلبي طموحهم وغرورهم، وبالتالي يضمن ولاءهم. وهي طريقة جيدة لإستيعاب أي منافسة بين الخطوط العائلية – كان لدى الملك عبد العزيز آل سعود أكثر من 40 ولداً، ومئات الأحفاد. وحتى الآن، أدت أعمال محمد بن سلمان إلى منع ثورة عائلية جماعية، مما أثبت مرة أخرى فائدة القول المأثور: قسّم تسد.
وكما هو الحال في جميع الأنظمة الملكية، غالباً ما تكون قرابة الدم أكثر أهمية من الكفاءة للقادة المحتملين في المملكة العربية السعودية. وربما يريد محمد بن سلمان تعزيز المواهب – لكنه أيضاً يولي إهتماماً لكيفية منع الإستياء أو التلميح بالمعارضة. إن تعزيز دور الأبناء يُمكن أن يُعزّي الأباء ويُخفف من ألمهم جراء تهميشهم.
لقد شهد بيت آل سعود تحولات صعبة من قبل. ما هو مختلف هذه المرة هو أن العمر لم يعد يعادل الأقدمية وبدلاً من ذلك قد يصبح عائقاً. إن الشباب بالنسبة إلى المسؤوليات السياسية يعني بالضرورة نقصاً نسبياً في الخبرة ولكن هذا هو الخطر الذي يبدو أن محمد بن سلمان قد قرر أنه يمكنه التعامل معه.
أما الأمراء الشباب الذين ينبغي مراقبتهم فهم:
عبد العزيز بن فهد، وهو إبن حفيد الملك عبد العزيز آل سعود ونائب حاكم منطقة الجوف، المتاخمة للأردن، منذ حزيران (يونيو) 2017. وقد رُقّي والده، الضابط في الجيش، إلى رتبة قائد القوات البرية السعودية في نيسان (إبريل) 2017.
فيصل بن سطام: عُيِّن سفيراً في إيطاليا في حزيران (يونيو) 2017. وقد أبدى تعاطفه المُبكر مع صعود محمد بن سلمان: بصفته عضواً في هيئة البيعة (تجمع كبار أفراد الأسرة)، فقد صوّت ضد الأمير مقرن ليصبح ولي ولي العهد في العام 2014، وكان ذلك علامة مُبكرة لإنتمائه إلى فريق سلمان. (أصبح مقرن ولي العهد بعد وفاة الملك عبد الله في كانون الثاني (يناير) 2015، لكنه إستُبدِل بعد ثلاثة أشهر على إعتلاء الملك سلمان العرش، وأفيد أن الملك الراحل عبد الله كان يعد لإحلال مُقرن مكان سلمان، مما كان سيؤدي إلى تهيئة فرصة منصب ولاية العهد لنجله الأمير متعب، الذي أقيل كوزير للحرس الوطني في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) وهو أحد المعتقلين).
عبد العزيز بن سعود بن نايف (34 سنة) هو وزير الداخلية الذي عُيِّن في حزيران (يونيو) 2017. وحل محل عمه وولي العهد السابق محمد بن نايف الذي أُجبر على الإستقالة. ووالد عبد العزيز بن سعود هو حاكم المقاطعة الشرقية الغنية بالنفط حيث يشكل الشيعة السعوديون هناك غالبية محلية. وتم تقليص صلاحياته الجديدة في غضون أيام من تعيينه من خلال نقل بعض مسؤولياته إلى منظمة أمن الدولة الجديدة. وإذا كان مستاءً من ذلك، فإنه لم يُظهر ذلك علناً.
عبد العزيز بن تركي (34 عاماً) هو نائب رئيس الهيئة العامة للرياضة، وقد عُيِّن في منصبه في حزيران (يونيو) 2017. وكان والده تركي الفيصل، سفيراً في واشنطن ولندن، فضلاً عن رئيس جهاز المخابرات الخارجية في المملكة أي “المخابرات العامة”. وفي الآونة الأخيرة، أجرى تركي الفيصل مناقشات عامة مع مسؤولين إسرائيليين سابقين.
أحمد بن فهد، إبن حفيد الملك عبد العزيز آل سعود، عُين نائباً لحاكم المنطقة الشرقية في نيسان (إبريل) 2017. توفي والده، الذي كان نائب حاكم المنطقة الشرقية من العام 1986 إلى العام 1993، في العام 2001.
بندر بن خالد (52 عاماً)، عُيّن مستشاراً للمحكمة الملكية في حزيران (يونيو) 2017. والده هو حاكم منطقة مكة.
خالد بن بندر، عُين سفيراً في إلمانيا في حزيران (يونيو) 2017. وهو خريج جامعة أكسفورد ونجل الأمير بندر بن سلطان، السفير السابق في الولايات المتحدة الذي زرع علاقات قوية مع رؤساء أميركيين متعددين.
خالد بن سلمان (29 عاماً)، عُيّن سفيراً للرياض لدى واشنطن هذا العام. وهو طيار سابق لطائرات “أف- 15” (F-15) والأخ الشقيق لمحمد بن سلمان.
سعود بن خالد، عُين نائب حاكم المدينة المنورة في نيسان (إبريل) 2017.
تركي بن محمد، (38 عاماً)، عُيّن مستشاراً للمحكمة الملكية في حزيران (يونيو) 2017. وكان والده، وهو ابن الملك الراحل فهد، حاكماً للمنطقة الشرقية في الفترة من 1985 إلى 2013.
وهناك أمير كان من الممكن قبل أسبوع واحد فقط قد يكون على هذه القائمة هو منصور بن مقرن، نائب حاكم مقاطعة عسير الذي قُتل في حادث تحطم مروحية في 5 تشرين الثاني (نوفمبر). وكان شغل منصب نائب الحاكم منذ العام 2013، وقد عُين مستشاراً للملك سلمان في نيسان (إبريل) 2015، عندما تم عزل والده من منصب ولي العهد. وهناك تكهنات كبيرة بأنه كان يكره محمد بن سلمان، وهو أمر معقول لأن والده قد تم تهميشه. وشائعة أخرى هي أن وفاته لم تكن عرضية، والتي، حتى الآن، لا يوجد أي دليل على ذلك.
هذه القائمة من الأمراء هي أيضاً ملحوظة لمن هو غائب. وهي لا تشمل أي أبناء أو أحفاد الملك الراحل عبد الله، وحفيد واحد فقط للملك فهد. كما أن أي أقارب مباشرين للأمير أحمد بن عبد العزيز، أحد مما يسمى السديريون السبعة، غائبون أيضاً. ويمكن تفسير الإغفال بسهولة: يُعتقد أن أحمد قد صوّت في هيئة البيعة ضد تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد في حزيران (يونيو) من هذا العام.
الواقع أن محمد بن سلمان يرى نفسه بوضوح، وينظر إليه والده، بأنه الملك المقبل للمملكة العربية السعودية. أحدث الشائعات هي أن التغيير قد يحدث قريباً جداً وقد يكون في نهاية هذا الأسبوع. تقليدياً، فإن نجاح إنتقاله يعتمد كما كل شيء على قبول ودعم العائلة المالكة الأوسع، ولكن نفاد صبر محمد بن سلمان وطموحه يشيران إلى أن ذلك لن يكون خياراً. وبدلاً من ذلك، ستعتمد سلطته على دعم تلك الأسماء الموجودة في هذه القائمة.
هناك مجموعة أخرى يمكن أن تكون حاسمة هم الأمراء في الجيش. وهؤلاء يصعب تحديدهم، وهم أساساً في مناصبهم لوقف الانقلابات. ويُقدم “كابل” من وزارة الخارجية في العام 1985 ونشره موقع “ويكيليكس” لمحة عامة جيدة عن ذلك: “إن مجرد وجود الأمراء في القوات المسلحة يوفر قدراً من الإستقرار لنظام آل سعود”.
ويُعَتقَد بأن الملك سلمان يرى إبنه محمد بأنه عبد العزيز آل سعود العصر الحديث، وهو زعيم كبير مُحتمَل مع طموح كبير، وأكثر وعداً بكثير من أيٍّ من المنافسين الآخرين على العرش الكبار في السن. ولكن حتى محمد بن سلمان يبدو أنه يُدرك أنه من أجل تحويل إقتصاد مملكته والتصدي لتحديات الفوضى الإقليمية، يجب أن يكون قائداً لفريق ملكي.

• سيمون هندرسون هو مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
• كٌتب هذا المقال بالإنكليزية وعرّبه قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى