الحلّ في سوريا: التقدّم الشاق

بقلم كابي طبراني

قد يكون مخطط إقامة “مناطق وقف التصعيد”، الذي إعتُمِد في الجولة الرابعة الأخيرة من محادثات أستانا للسلام حول النزاع السوري، حصل على بعض الدعم الذي تمسّ الحاجة إليه بعدما أشارت دمشق أخيراً إلى أنها توافق عليه وأن روسيا تقبل بدور أميركي في عملية تنفيذه.
وأعرب الرئيس السوري بشار الأسد عن تأييده المتأخر للخطة، حيث رأى فيها بأنها يمكنها أن توفّر صيغة للمصالحة الوطنية، على الأقل، مع بعض فصائل المعارضة.
وكان دور الولايات المتحدة في الصفقة شكّل قضية مُقلقة ومُربكة، إذ أنه ينطوي على وجود بعض القوات المسلحة الأميركية على الأراضي السورية. إلّا أن موسكو تقول الآن إن واشنطن يمكنها أن تلعب دوراً فعلياً إذا وافق النظام السوري على هذا الدور، وهو كلامٌ لا معنى له عندما لا تكون دمشق تملك حق الرفض لأنها ترقص على إيقاعات موسكو.
الواقع أن الدور الأميركي لإنجاح إنشاء “مناطق وقف التصعيد”، وبالتالي في حل النزاع السوري لا يقل أهمية عن الدور الروسي، وإن حقيقةَ كون موسكو مسؤولة الآن عن الوضع في سوريا لا ينبغي أن تحول دون هذا الدور.
لقد أيَّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الفكرة من حيث المبدأ، في إنتظار التفاصيل، لذلك يجب أن يكون ربط النقاط وحل العقد المتبقية طريقاً مُمَهِّداً لتأمين الدعم الأميركي.
إن ملء الفراغات المُتبقية في الإتفاق لا ينبغي أن يكون مشكلة كبيرة، لأن معظم اللاعبين، على الأقل أولئك الذين يعنيهم الأمر حقاً، يتشاركون الرؤية عينها تقريباً بالنسبة إلى إنهاء الأزمة السورية.
من ناحية أخرى، من المهم أيضاً تقرير الدور الذي يتعيّن على الأمم المتحدة أن تلعبه في كل خطوة من خطوات الصفقة، بدءاً بمحادثات جنيف وصولاً إلى إعادة إعمار سوريا التي دمّرتها الحرب.
إن قول الأسد بأنه لا يرى أي دور للمنظّمة الدولية يُظهر أنه يُعوّل أكثر على نتائج إجتماع أستانا، لأنه يشعر هناك بالإرتياح لمعرفته وإدراكه بأنه تحت حماية روسيا فيه، وبالتالي ينجو من الكثير من اللوم والمحاسبة، وهذا ما تريده موسكو وطهران أيضاً.
ولكن من أجل الشرعية، بغض النظر عن الأطراف التي تقرر حلاً ومخرجاً للحرب في سوريا والشروط التي تفرضها، ليس هناك مفرّ من وضع أي إتفاق أمام مجلس الأمن الدولي.
إن الخطوات التي تُنتَهَج للسير على الطريق إلى السلام شاقة، مُرهقة، طويلة وبطيئة، ولكن الحركة حتى الآن هي أفضل من الجمود، والأمل في أن تؤدي في نهاية المطاف إلى وضع حدٍّ للنزاع والوصول إلى حلٍّ يكون مقبولاً من جميع السوريين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى