التحدي الكبير الذي يواجه العراق

بقلم كابي طبراني

دفع الجيش العراقي، هذا الأسبوع، بقواته إلى غرب الموصل في محاولة لطرد متشددي “داعش” من المدينة. بعد تحرير أجزاء من شرقها في هجوم في الشهر الفائت، فإن القوات العراقية تقترب من طرد هذا التنظيم المتطرف من ثاني أكبر مدينة عراقية التي إحتلها منذ حزيران (يونيو) 2014. إلى جانب مدينة الرقة في سوريا تشكّل الموصل مركزاً رئيسياً لعمليات تنظيم “الدولة الإسلامية”. ولأن المسلحين المتطرفين هم على وشك فقدان موطئ قدم لهم في العراق فهذا دليل واضح على تراجع حظوظهم في ساحات المعارك. ولكن الإنتصار على “داعش” في الموصل لا يشكّل ضربة قاضية للتطرف في بلاد ما بين النهرين. إن التحدّي الأكبر يكمن عميقاً في قلب البنية التحتية السياسية والإجتماعية في البلاد: الفساد.
عندما يتم طرد المسلحين من المدن العراقية الرئيسية، فإن الفساد المستشري الذي إستغلوه في المقام الأول للسيطرة على هذه المدن سوف يكون ما زال قائماً. “إن الفساد هو صرخة للتجنيد والحشد، والتمكين، وطريقة عمل رئيسية لتنظيم “الدولة الإسلامية””، قالت كاثرين ديكسون، مديرة منظمة الشفافية الدولية للدفاع والأمن، لهيئة الإذاعة البريطانية.
منذ غزو الولايات المتحدة للعراق في العام 2003، كانت البلاد في حالة قريبة من الفوضى. لذا فإن المجموعات الطائفية المختلفة المتنافسة للحصول على السلطة والسيطرة إستفادت من الوضع المختل والمهترئ لتحقيق أهدافها الخاصة. في الوقت عينه، تدفقت مبالغ مالية كبيرة إلى منظمات الدفاع والمجتمع المدني من قوى خارجية على أمل مساعدة العراق على العودة الى الإستقرار. ولكن إلى حد كبير بُدِّد هذا المال وأُهدِر، الأمر الذي ترك المجتمع المدني لأكثر من عشر سنين في حالة غير مستقرة بشكل خطير. وكان مثل هذا الإضطراب أرضاً خصبة لمنظمة “داعش” والمنظمات المتطرفة الأخرى للإستغلال فيما هي تسير وتحتل غالبية أنحاء البلاد.
الجيش العراقي، كما تشير منظمة الشفافية الدولية، لديه الآلاف من الجنود الذين يتقاضون رواتبهم ولكنهم لا يأتون إلى الخدمة والعمل. عندما غزا تنظيم “الدولة الإسلامية” الموصل، كان الجيش العراقي في الغالب غائباً عن المشهد. ومع ذلك، فقد تلقى هذا الجيش كميات لا تُصدّق من المساعدات من دول خارجية.
الواقع أنه لا يوجد حلٌّ سهل وسحري لمشكلة الفساد في أي بلد، ناهيك عن ذلك الذي مزّقته الصراعات. ولكن هذا لا يُغيِّر من حقيقةٍ أن المسلَّحين المتطرفين قد نجحوا في الإستفادة من البيئة الفوضوية التي تعاني منها مؤسسات الدولة العراقية والتي هي غير قادرة على العمل بسبب الفساد المُنظَّم.
فيما القتال لإعادة الموصل إلى كنف الدولة يأتي إلى نهايته، يجب على العراق الإستعداد لمعركة أكبر بكثير حيث أن النجاح سيتطلب سنوات عديدة لكي يتحقق. إن النجاح في مكافحة الفساد هو أحد السبل لضمان التدمير الكامل للجماعات المتطرفة مثل “داعش”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى