أمين معلوف و”جمهورية الحمقى”!
بقلم جوزف قرداحي
هل المثقفون اللبنانيون حمقى؟!
لو عدنا إلى ذروة صعود ما كان يُعرف بالحركة الثقافية منذ منتصف ستينات القرن الفائت حتى بداية الحرب الأهلية في العام 1975 حيث كانت بيروت “لؤلؤة العرب” و”ست الدنيا” كما وصفها الشاعر الراحل نزار قباني، لأدركنا أن معظم ناشطي تلك الحركة يسكنهم “أحمق صغير” إسمه الغرور.
ما مناسبة هذا الكلام، ولماذا إتهام هذه الطبقة من المثقفين بالغباء والغرور؟!
لو عدنا أيضاً وأيضاً إلى تلك الحقبة من العصر الذهبي لبيروت، وراقبنا صعودها المتسارع نحو الهاوية، لأكتشفنا أن تلك الطبقة من المثقفين كانت المحرّض الأول على إنتحار المدينة، والعابث الأول بقِيَمِها الأخلاقية والإجتماعية والدينية، والمنظِّر الأول لثقافة موتها، والمؤسس الأول لظاهرة تخوينها، ومطلق الرصاصة الأول على جبينها.
تلك الطبقة من المثقفين، كانت القوّاد الأول الذي باع جسد بيروت لكل المتآمرين عليها من منظمات فلسطينية وأنظمة قمعية عربية، لقاء أكياسِ مملوءة بفضة العمالة، سعياً لبناء أبراج صحفية، مهمتها بث السموم في عروق هذه العاصمة الفاتنة التي شاخت في عز صباها.
في خضم الجدل الذي أثاره ظهور الروائي أمين معلوف على شاشة إسرائيلية قبل أكثر من أسبوعين، وصف مسؤول الصفحة الثقافية في جريدة “الأخبار” الزميل بيار أبي صعب عالم الفايسبوك الإفتراضي بـ”جمهورية الحمقى” وذلك رداً على المدافعين عن معلوف. وقد وصلت نيران أبي صعب على ما يبدو إلى مرمى مديرة مكتب جريدة “الجريدة” في بيروت الزميلة جولي مراد، بعدما أرفق وصفه بنص لها كدليل على صحة إتهامه مجتمع “الفايسبوك” بالحمقى. حيث وصفت الزميلة مراد منتقدي أمين معلوف وأدبه بالأميّين لأنهم: “ما بيحكو كلمتين فرنسي، ولا فاتحين كتاب بحياتن” ناصحة هؤلاء بأن يحصروا إهتماماتهم بمشاهدة المسلسلات الرمضانية على شاكلة “باب الحارة”. لترد مراد بدورها على أبي صعب الذي إتهمته بممارسة دور المفتي الذي يحلل ويحرّم، ناصحة إياه بالتخفيف من توتره الذي جعله يصفها بعبارات غير لائقة.
صاحب “هُويات قاتلة” أمين معلوف، أغلب الظن يتفرج من بعيد على المثقفين اللبنانيين المدافعين عنه بضراوة والمطالبين الشرسين بإعتذاره عما فعل. قد يقرأهم وقد لا يقرأهم في عز إنشغاله بكتابه الجديد “كرسي على السين”، وقد يضحك في سره تلك الضحكة “الكيوت” على ما يراها الزميل أبي صعب، وقد يُقهقه قهقهة “فايسبوكية” إفتراضية مدوِّية “هاهاهاها” أو “هههههههه” في أثناء جلوسه على الكرسي رقم 29 في الأكاديمية الفرنسية، ليسلّي من سبقوه في الجلوس طوال أربعة قرون.
بدوره، سوف يتفرج الإسرائيلي على معارك طبقة المثقفين حول لقاء تلفزيوني قسّم الرأي العام اللبناني، وحوّل وسائل التواصل الإجتماعية والصفحات الثقافية إلى ساحات حرب. وسوف يهزأ متذكراً تلك الطبقة من المثقفين التي كانت منذ ذروة صعود حركتها في منتصف ستينات القرن الفائت أفضل حليف لمخططاته الرامية إلى تفتيت “الجمهورية اللبنانية” وتحويلها إلى “جمهورية حمقى”.
لم يكن إكتشافاً، حين أدرك الإسرائيلي أن داخل كل مثقف يساري أو يميني لبناني يتغلغل “أحمق صغير”، ساهم من حيث يدري أو لا يدري في إزدهار ونمو وتطور الدولة العبرية، وفي جعل لبنان ساحة مفتوحة لكل المؤامرات والحروب، التي مهدت الطريق أمام إسرائيل لعبور مخططاتها الجهنمية من دون أي مجهود. فـ”جمهورية الحمقى” لا تحتاج إلى أكثر من هكذا طبقة من المثقفين تعوم على شبر من الغرور!