“جريمة شرف” في بيت صباح!

بقلم جوزف قرداحي

نادرة هي اللقاءات التي تحدثت فيها الفنانة اللبنانية الراحلة صباح عن حياتها العائلية الخاصة بعمق وشفافية وجرأة، أو التي كشفت من خلالها عن أسرار وحقائق بقيت “طي الغموض” وعلامات الإستفهام، طوال مسيرتها الفنية الطويلة، والتي لم يسلّط الإعلام فيها سوى على حياة الفرح والتألق والنجاح والشهرة والثروة التي عاشتها و… الرجال والأزواج الذين عرفتهم على تنوعهم وتفاوتهم عمراً وشكلاً وصفات مهنية!
هذه الجوانب المُشرقة من حياة الأسطورة صباح، التي دخلت في وجدان عشاق فنها منذ أطلّت على مسرح الشهرة والضوء حتى رحيلها، هل كانت حقاً بهذه الإشراقة ولم تحجب بعض أشعّتها أي غيمة حزينة تركت ظلالاً مؤلمة بقيت تحفر بصمت في قلب صباح وقلب كل فرد من افراد عائلتها؟!
في لقاء نادر أجراه معها الزميل جوزف عيساوي على شاشة تلفزيون “الحرة”، كشفت صباح ولأول مرة وبهذا الوضوح وهذه الشفافية عن جريمة قتل طاولت والدتها، ونفّذها شقيقها، “غسلاً للعار” كما أشيع في حينه، فيما صباح كانت تشقّ خطواتها الأولى في عالم السينما المصرية. والمفارقة أن اسئلة الحوار بقدر ما كانت جريئة ومباشرة وأحياناً إستفزازية، بقدر ما كانت إجابات صباح هادئة وواضحة وبسيطة، مُفعَمة بالفلسفة الوجدانية، فلم تنفِ تهمة قتل والدتها على يد شقيقها الهارب الى البرازيل منذ اكثر من ستين عاماً، والذي أسس حياة عائلية جديدة هناك، في صراع بين فقدان الوالدة وبين الثأر للشرف الذي إهتز في أحضان أحد الممثلين المصريين.
وعلى الرغم من بساطة التعليق وعفويته على حادثة قتل والدتها، فإن صباح أبدت على ما يبدو تعاطفاً مع شقيقها: “صرنا خايفين على خيي، وكلّ همّنا كيف بدنا نخلّصو ونهرّبو عالبرازيل!”، الأمر الذي لم يشأ المحاور على قناة “الحرة” جوزف عيساوي التركيز عليه ربما نزولاً عند رغبة صباح… مما يثير علامات التساؤل على نوع ومتانة العلاقة التي كانت قائمة بينها وبين والدتها، خصوصاً حينما عدَّدت أسماء الراحلين الذين تود لقاءهم، مستثنية إسم والدتها!
صباح الأسطورة، أثبتت مرة جديدة، بأنها إمرأة إستثنائية نادرة، جاءت الى الحياة في زمن إستثنائي، فحفرت فيها إسمها بحروف من ذهب، متجاوزة مرّها وعلقمها، بحلاوة الإيمان، وعسل الملكة الذي غذّى رجالاً لم يجاروا إقبالها وحماستها وحيويتها، فإنتهوا من حياتها سريعاً تماماً كذكور ملكة النحل، وغادرت هذه الحياة تاركة مدرسة راقية في تعلّم أصول الشهرة القائمة على التواضع، والإرتقاء نحو المجد على سلّم من الأخلاق النبيلة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى