مع اقتراب نهاية ولاية ميشال عون، ما هو مصير جبران باسيل؟

مايكل يونغ*

جهودُ الرئيس اللبناني ميشال عون لإنقاذ ما تبقّى من فترة ولايته الكارثية لها تأثيرٌ قليل في الوضع السياسي في لبنان. كانت دعوته الفاشلة لإجراء حوار وطني في الأسبوعين الماضيين أحدث إشارة إلى أن خصومه السياسيين لا يريدون إعادة الاعتبار له في فترة رئاسته المُتبَقّية. ستنتهي ولاية عون في وقت لاحق من هذا العام، بينما من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في أيار (مايو) المقبل.

منذ عودته إلى لبنان في العام 2005 من فرنسا، حيث عاش في المنفى لمدة 14 عامًا، كان عون، بمساعدة صهره جبران باسيل، قوةً مُزعزِعة للاستقرار في السياسة اللبنانية بعد الحرب، على الأقل بالنسبة إلى السياسيين الذين حكموا البلاد حتى ذلك الحين. هذا لا يعني أن عون كان أفضل من منافسيه – كان أكبر طموحاته مع باسيل هو أن يصبحا جُزءًا من “كارتل” السلطة، حتى عندما زعما الوقوف ضد الفساد المُتفشّي.

قلّة هي التي اقتنعت وأخذت خطّهما في مكافحة الفساد على مَحمل الجد، حيث ينظر العديد من اللبنانيين إلى باسيل على أنه مركزيًّا في الأنشطة غير المشروعة. ومع ذلك، فإن تحالف عون وباسيل مع “حزب الله” منحهما نفوذًا، وفي العام 2016، كان دعم الحزب لترشّح عون للرئاسة هو العامل الأساس الذي أدّى إلى انتخابه، بعد فراغٍ سياسي دام عامين فرضه الحزب لإجبار جميع الأحزاب الرئيسة على دعمه.

بمجرّد تولّيه منصبه، فشل عون في أن يصبح مُوَحِّدًا أو حَكَمًا. على العكس، فقد منح باسيل حرية الانخراط في أنشطة رعاية مُربِحة وفَرَضَ تفضيلاته على الطبقة السياسية. وسرعان ما أدّى ذلك إلى نفور رئيس الوزراء آنذاك، سعد الحريري، وكذلك رئيس مجلس النواب، نبيه بري، الأمر الذي ترك عون وباسيل مَعزولَين نسبيًا، على الرغم من أنهما ما زالا يتمتّعان بدعم “حزب الله”.

في العامين الماضيين، غيّرَ الرئيس وصهره الاتجاه، سعيًا إلى ضمان أن يخلف باسيل والد زوجته في منصبه. “تمترس” باسيل في القصر الرئاسي، ويعتقد العديد من المراقبين أنه الشخص الذي يدير الأمور بالفعل هناك، بموافقة الرئيس عون، المُسِن والضعيف.

ومع ذلك، بعد تشرين الأول (أكتوبر) 2019، عندما انتفض الشعب اللبناني ضد قيادته السياسية في احتجاجات عمّت البلاد، وكان نجم باسيل بدأ أصلًا يتضاءل، تلقّى يومها إهانات وانتقادات من قبل المتظاهرين أكثر من أيّ سياسي آخر في لبنان. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه، مُتّهمة إياه بأنه في طليعة الفساد. وهذا أضرّ بشدة بآفاقه الرئاسية.

منذ ذلك الحين، أدّى الانهيار الاقتصادي في لبنان إلى تحوّل الكثير من الناس ضد عون، الذي صار يُنظَر إليه على أنه زعيمٌ غير فعال يُركّشز على دفع وتقديم أجندة باسيل. بصفته رئيس دولة، فقد استقطب أكبر قدر من الازدراء العام، حتى لو لم يكن مسؤولًا أكثر من السياسيين الآخرين، الذين نهبوا لبنان جماعيًا.

لكن هذا لم يضع حدًّا لطموحات باسيل. ولا يزال يناور لتعظيم فرصه الرئاسية من خلال محاولة قيادة حزبه، “التيار الوطني الحر”، للفوز في الانتخابات النيابية. أولًا، على الرغم من ذلك، يجب على عون أن يُظهِرَ للشعب اللبناني أن فترة ولايته في المنصب ليست الفشل الذريع الذي يعتقده الكثير منه. كان من المفترض أن تكون دعوته لحوار وطني إحدى الخطوات لإقناع الجمهور بذلك.

لكن على الفور تقريبًا، رفضت معظم الشخصيات السياسية الرئيسة الحضور. وشمل ذلك الرئيس الحريري، الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، والسياسي المسيحي الماروني سليمان فرنجية، المنافس الرئيس على الرئاسة، وحزب “القوات اللبنانية”، المنافس الرئيس ل”التيار الوطني الحر” في المناطق ذات الأغلبية المسيحية. فقط “حزب الله” قبل الدعوة، بينما قال الرئيس بري، وهو عدو سياسي لباسيل، إنه سيشارك، لكن يبدو أنه كان لا يثق كثيرًا في نتيجة إيجابية.

كان من الواضح أن أيًّا من خصوم عون لم يكن على استعداد لمنحه نجاحًا سياسيًا يُمكن أن يستخدمه في الانتخابات البرلمانية ضدهم وضد حلفائهم. ولم يكن “المُقَسِّم الرئيس” سيُقنع أي شخص بأنه تحوّل إلى شخصٍ يمكنه الجمع بين القوى السياسية اللبنانية. بعد ست سنوات من التلاعب بالقواعد الضمنية للعبة السياسية الطائفية في لبنان، بدا أن عون وباسيل يتصرّفان بمفردهما.

وهذا الواقع يثير سؤالًا مُهمًّا لباسيل. بافتراض أن “حزب الله” لا يدعمه للوصول إلى الرئاسة بعد انتهاء ولاية عون، ما هو مستقبله السياسي؟ كل شيءٍ حَصَلَ عليه باسيل كان أهداه له والد زوجته. إنه بمفرده مُتوَسِّطُ الأداء ولا يبدو جيدًا إلّا في تكوين الأعداء.

مهما كانت عيوبه، كان “التيار الوطني الحر” يؤيد ويُمثّل شيئًا ما عندما كان عون لا يزال في المنفى. كان حزبًا يسعى إلى الدفاع عن سيادة لبنان، حيث شكّل ثقلًا موازنًا للطبقة السياسية الفاسدة. وبالنسبة إلى العديد من المسيحيين، كان التيار بديلًا من “القوات اللبنانية”، التي كانت ذات يوم ميليشيا في زمن الحرب اعتبرها العديد من أنصار عون عقبة أمام جهود عون لإحياء الدولة.

ومع ذلك، عندما تحالف عون مع “حزب الله”، قوّض المبدأ الأول، نظرًا إلى الانتهاك المنهجي للحزب للسيادة اللبنانية. أظهرت سيطرة باسيل على الوزارات المُربِحة أنه لا يختلف عن السياسيين الفاسدين الذين سخر منهم والد زوجته. وأظهر استعداد عون لتغطية أسلحة “حزب الله” أنه مستعدٌّ للتنازل عن سلطة الدولة، لصالح ميليشيا تعمل إلى حدٍّ كبير خارج الدولة.

عون في طريقه للخروج من قصر بعبدا، ودعوته الفاشلة للحوار الوطني تُظهر مقياس الرجل. بالنسبة إلى العديد من مواطنيه، كلما ترك الرئيس منصبه مبكرًا، كان ذلك أفضل. لقد أصبحت ولايته تجسيدًا لخراب الوطن والأمة.

  • مايكل يونغ هو رئيس تحرير “ديوان”، مُدوّنة برنامج كارنيغي الشرق الأوسط، بيروت، وكاتب رأي في صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية. يُمكن متابعته عبر تويتر على:  @BeirutCalling
  • كُتِبَ هذا المقال بالإنكليزية وعرّبه قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى