رغم انشغاله بتداعيات الوباء، السفير الصيني يُفكّر بلبنان

بقلم البروفسور بيار الخوري*

شرّفنا سفير جمهورية الصين الشعبية في لبنان وانغ كيجيان باستقبالنا كوفدٍ للهيئة الإدارية للجمعية العربية – الصينية للتعاون والتنمية برئاسة الزميل قاسم الطفيلي.

تحدث كيجيان بإسهاب عن القضايا المُتّصلة بفيروس كورونا وتداعياته شاكراً للجمعية وقفتها التضامنية مع الشعب والقيادة الصينية ومُثمّناً الأنشطة التي تقوم بها في هذا المجال.

كيجيان الذي لم تغادر وجهه الإبتسامة الهادئة مذ تعرّفنا إليه قبل سنوات، يحافظ على ابتسامته على الرغم من الألم الظاهر في عينيه تأثراً بالوفيات والمرضى وحالة الجمود التي تُصيب بعض أجزاء الصين.

وربما يحدوه الألم أيضاً من السلوك المُريب والمُثير للإشمئزاز الذي يُمارسه بعض الدوائر في دول مُحدَّدة والقائم على تعظيم مخاطر الوباء وبث محاكاة كارثية لتداعياته في محاولة لإظهار الأمة الصينية كأمة عاجزة أمام الوضع. يُقارن كيجيان بين هذه السلوكيات والموقف الحازم مهنياً لمنظمة الصحة العالمية، والذي وضع تفشّي الوباء في إطاره العلمي والعقلاني مُنَوِّهاً بشفافية هذه المنظمة.

السفير الناشط جداً على مواقع التواصل الإجتماعي، والذي استطاع من خلاله نشاطه هذا نسج كوكبة من أصدقاء العالم الإفتراضي من الناس العاديين كما من النخب، يتألم كثيراً لرؤية هذا الكمّ الهائل من الفَبركة حول تداعيات المرض الوبائي من خلال بثّ أفلام قصيرة مُفَبركة ومُرَكَّبة من مناطق عدة من العالم وإلصاقها بالصين كما من كمّ المشاركات الخبيثة لوقائع وتحليلات مُزَيَّفة، على الرغم من تأكده من وعي الشعب اللبناني لحقيقة الأوضاع ومن حبه وتعاطفه مع الصين وشعبها.

قال كيجيان بوضوح ان القيادة الصينية لا تميل إلى نظرية المؤامرة حين تحدّث أحد أعضاء الوفد عن هذا الإحتمال، ولكنه أعاد الإشارة إلى حزنه ودهشته من طريقة استغلال بعض الدول ووسائل الإعلام العالمية لهذا الوباء من أجل محاولة تصفية حسابات سياسية واقتصادية مع الصين، وهذا ربما يكون أشدّ إيلاماً من المؤامرة. في هذا الموضوع بالذات تَوَلَّدَ لدي شعور أن السفير قد أستخدم لغة ديبلوماسية صاغها بتعابير دقيقة جداً منعاً للتأويل، كما أحترم التحفظ العلمي الواجب بعدم رمي الإتهامات من دون سند.

عرض السفير أرقاماً شفافة عن الوباء المُسجّلة حتى صباح السبت في ١٥ (شباط) فبراير ٢٠٢٠. فقال أن “مجموع الإصابات بلغ حدود ٦٦ الفاً، ولم نصل بعد إلى نقطة ذروة التفشّي ولكن نتوقع ذلك قريباً جداً، عدد الإصابات والموتى لا زال في ازدياد ولكن النسب المئوية للشفاء ترتفع بشكل مضطرد، مما يعني استطراداً انخفاض نسبة ضحايا الموت. إن الوضع تحت السيطرة الكاملة خارج إقليم كوبي ومقاطعة ووهان التي لا زالت تمثل خطراً جاسماً. الصين تدير نظاماً كفؤاً لإدارة الكوارث يصعب ان تستطيع توليفه دولة أخرى. إن نجاح الصين في استيعاب الوباء سيكون إنجازاً للبشرية جمعاء وعسى أن لا نفشل. الوباء هو الأقل فتكاً بين الأوبئة التي ضربت العالم  بالنسبة المئوية الموتى مقارنة بعدد المصابين”.

يُكرر السفير الصيني المُلِمّ بأدق التفاصيل اللبنانية شكره للشعب اللبناني على وقفته التضامنية العميقة مع الشعب الصيني، ويحثّ الحكومة اللبنانية الجديدة على توقيع اتفاقية الحجر الصحي التي ستسمح للبنان بالتصدير إلى الصين في المجالات الزراعية والغذائية. وبروح الفكاهة الذكية التي يتمتع بها قال لنا هاتوا أصابع وأظافر الدجاج التي ترمونها هنا فهي أكلة مرتفعة الثمن في الصين تقدمها أفخر المطاعم وفنادق النجوم الخمسة.

  • البروفسور بيار الخوري باحث أكاديمي في الإقتصاد السياسي ونائب رئيس جمعية العربية – الصينية للتعاون والتنمية.
  • كُتب هذا المقال من دون أي تنسيق مع السفارة الصينية في بيروت.
  • الآراء الواردة في هذا المقال تُمثل كاتبه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى