مذيعات السيليكون اللبنانيات ومتاحف الشمع!

بقلم جوزف قرداحي

ماذا بقي من رموز تلفزيون لبنان ونجومه، غير البرامج المعادة والمسلسلات التي “هلهلها” التكرار حتى كادت ان تُصاب “بعسر العرض” و”التقطيش” و”التأتأة”، وبالتالي الى اين تتجه عجلة الإنتاج المحلي، التي شهدت عزّها الذهبي مع نخبة من وجوه إنحفرت في ذاكرة اللبنانيين منذ تأسست شركة التلفزيون؟!
إختلط الحابل بالنابل في زمن الفضاء التلفزيوني اللبناني الذي ما عاد حكراً على إختراق طائرات العدو له على عدد أيام السنة، بل أصبح هذا الفضاء في زمن الساتلايت مرتعاً لكل أنواع التعديات على اصول وقواعد الإحتراف المهني المخترَق وبوقاحة من قبل حفنة من مرتزقة الإعلام، حتى باتت إعلامية من مستوى أوبرا وينفري زميلة لدودة، لدلوعة من مستوى “شي تِك تِك شي تيعا” فرضها مسؤول “فضائي” مذيعة في محطته التي يمون عليها، كما يمون باراك أوباما على “المارينز” الأميركي.
آخر ما أتحفتنا به بعض قنوات الفضاء، مُقدِّمات برامج، أفضل ما يتمتعن به من “مواصفات إذاعية”: الخصر النحيل، والقد الرشيق، والبطن المكشوف تحت السرَّة مسافة شبر واحد او “أوطى” قليلاً، والصدر المتمرِّد على إرتفاع نصف متر من تحت قميص مشقوق، وصوت لا تعرف ما إذا كانت صاحبته، تجري حواراً في فن “الدلع والولع والآه والأوه” أم في فن العمارة، وفن الغناء والتمثيل والطبخ والنفخ!
واحدة من حاملات المواصفات والمواهب أعلاه، والتي على أساسها “دحشها” “المسؤول الفضائي” دحشاً بين المذيعات، تابعتها بشغف الباحث عن “النكتة” في زمن القتل المجاني، وهي تأخذ “مشاهديها” الى أحد متاحف الشمع في جولة تعرض فيها تماثيل كبار الفنانين والقادة ورواد الفكر والثقافة، وكان يرافقها في الجولة مسؤول المتحف، المتبرِّع بوقته الثمين ليشرح لمتابعي المذيعة الممشوقة القوام، عن صاحب كل تمثال وكيفية نحته، حتى وصل الدور الى تمثال الأمير بشير الشهابي الثاني، بلحيته الطويلة المشهورة، وطربوشه الأحمر، وحاجبيه العريضين. وقبل ان يبادر مسؤول المتحف بالشرح عن القائد التاريخي، إستبقته حضرتها بصراخ الدهشة والعارف بالأمر: “ياي هيدا تمثال الامير فخر الدين!!”.
إذا كان وجه الشبه في لقب الأميرين، قد شوَّش على أفكار ومعلومات المذيعة النبيهة، وجعلها لا تميِّز ما بين عمامة فخر الدين، وطربوش بشير الثاني ولحيته الشهيرة، فهل يجوز مثلاً ان تحمل واحدة ثانية من مذيعات هذا الطراز، الميكروفون على قناة فضائية ثانية، لا للتحدث عبره الى المشاهدين، بل لتتدلع بواسطته على “جمهورها العريض” “المستقتل” ان يسمع مجرد همسة منها حميمة عبر أثيره؟!
طرائف ونوادر ترتكبها “مذيعات” جئن من فضاء الجهل والإدعاء والغرور، الى فضاء الشاشات، مستبيحات حرمة البيوت في إستغباء فاضح للناس، وتهميش صارخ لأصحاب المؤهّلات والإختصاص، وأهل الإعلام المتبطلين في بحث عن أمكنة لهم، حيث ما عادت تنفع مقولة: “الشخص المناسب في المكان المناسب” بل سياسة “الدلع والآه والأوه” هي قاعدة النجاح الاوفر حظاً في العمل التلفزيوني!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى