عُمان تضع الروابط النهائية في سلسلة الخدمات اللوجستية

زيادة الإستثمارات والنهج المحدد الأهداف اللذان ينضمان إلى سلسلة الخدمات اللوجستية في عُمان سوف يعززان قدرة السلطنة لنقل الشحنات المحلية والتصدير وتسهيل إنتقال الركاب، فضلاً عن تعزيز مكانتها كمركز رئيسي للشحن.

مطار مسقط الدولي: دور سيتوسع إبتداء من العام المقبل
مطار مسقط الدولي: دور سيتوسع إبتداء من العام المقبل

مسقط – محمد سليم

في منتصف شباط (فبرلير) الفائت، كشف الدكتور أحمد بن محمد الفطيسـي وزير النقل والإتصالات في عُمان عن تفاصيل الإستراتيجية اللوجستية في السلطنة ( 2014-2040) التي جاءت بناء على تكليف من الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط ووزارة النقل والإتصالات حيث تم خلال العام الماضي تشكيل فريق عمل أساسي مكوّن من عشرة تنفيذيّين عُمانيّين من القطاع الحكومي والقطاع الخاص والأكاديميين، عملوا جميعاً بمعية 65 خبيرًا من كل القطاعات ذات الصلة بالسلطنة، بهدف تطوير إستراتيجية القطاع اللوجستي حتى العام 2040 تحت إشراف وزارة النقل والإتصالات .
وذكر الفطيسي أن الإستراتيجية اللوجستية قد حدّدت خمسة أهداف رئيسية تمثّلت في زيادة مساهمة القطاع اللوجستي في نمو الناتج المحلي ورفع حصة السوق العُماني من السلع التي تتدفّق إلى المنطقة وتوسيع حجم فرص العمل التي سوف يتيحها القطاع اللوجستي والوصول الى أفضل ترتيب للسلطنة في تصنيف المؤشرات اللوجستية والصناعيّة العالمية وجعل السلطنة على خارطة العالم في هذا النوع من الخدمات.
الواقع أن البرنامج الطويل المدى الذي أعلن عنه الوزير العُماني يخطّط لتحسين البنية التحتية الناعمة في البلاد – وبخاصة البيئة التنظيمية، والآليات والمؤسسات الداعمة – بالإضافة إلى الحفاظ على إلتزام الدولة بالإستثمار في البنية التحتية الصلبة مثل الطرق وخطوط السكك الحديدية والموانئ.

الميزة النسبية

المفتاح لهذه الإستراتيجية يكمن في موقع سلطنة عُمان على رأس المحيط الهندي. بالإضافة إلى تقاسم حدودها البرية مع إقتصادات رئيسية أخرى في المنطقة، الأمر الذي يتيح لها أن تكون بمثابة بوابة لدول مجلس التعاون الخليجي، فإن عُمان أيضاً في وضع جيد للإستفادة من النمو المتوقَّع في إيران والعمل كنقطة إعادة توزيع لشرق ووسط أفريقيا.
بفضل الإستثمار في البنية التحتية والنقل، فإن موانئ المياه العميقة في صلالة وصحار والدقم ومرافق مناطقها الحرة هي في وضع جيد لخدمة هذه الأسواق. إن الإستثمارات الأخيرة في روابط الطيران أيضاً ينبغي أن تؤدّي إلى تسهيل التجارة، مع إفتتاح مطار صلالة الجديد الآن وتجديد مطار مسقط الدولي والمقرر إفتتاحه في العام المقبل.
وفقاً لإستراتيجية سلطنة عُمان للخدمات اللوجستية، يمكن للبضائع الموجَّهة عبر الموانئ العُمانية إلى بقية دول مجلس التعاون الخليجي الإستفادة الكبيرة من وفورات في الوقت والتكاليف، مما يلغي الحاجة إلى شحنات عدة عابرة. والواقع أن إستراتيجية الخدمات اللوجستية في السلطنة تستهدف تحسين شحنات التعامل، مع التركيز بشكل خاص على الكفاءة والتكلفة.
إن المحطات في السلطنة يمكن أن توفّر بديلاً جذاباً من الموانئ الأكثر تكلفة المجاورة في الخليج، والإقتصاد في الوقت والوقود، وتوفير إمكانية الوصول إلى وسائط النقل الأخرى.
على خلفية الخطة الجديدة، تهدف عُمان الى زيادة أكثر من الضعفين على العمالة في قطاع الخدمات اللوجستية وبلوغ 80،000 وظيفة بحلول نهاية العقد الحالي، وإرتفاعاً إلى 300،000 وظيفة بحلول العام 2040. كما تهدف أيضاً إلى مضاعفة مساهمة الصناعة في الإقتصاد للوصول إلى 3 مليارات ريال عُماني (7.8 مليارات دولار) بحلول العام 2020، ولتصل إلى 14 مليار ريال عُماني (36.4 مليار دولار) في السنوات ال25 المقبلة.

صورة واضحة للجهات المعنية

إن الإستراتيجية الجديدة ستكون نقطة تحوّل لصناعة الخدمات اللوجستية في البلاد، وفقاً لريغي فيرمولين، الرئيس التنفيذي لشركة ميناء الدقم على الساحل الشرقي لسلطنة عمان. “في السابق كلنا تحدث عن التكامل، ولكن هناك الكثير يمكننا القيام به ككيانات تجارية”، قال فيرمولين. مضيفاً: “الآن أقدمت الوزارة على تشكيل لجنة ووضعت خطة مناسبة التي يمكننا الإنضباط والتكيف وفقاً لها”.
مع سير خطط تطوير شبكة السكك الحديدية، وخصوصاً في المناطق الإقتصادية، في سلطنة عمان بخطى حثيثة، فإن سلطة ميناء الدقم ستكون قادرة على تكييف خططها الحالية لبناء الميناء الجاري والمستمر مع البنية التحتية المبنية سابقاً لتتناسب بشكل أفضل مع الإستراتيجية، على حد قوله.
عندما تصبح جميع الأجزاء التي تربط سلسلة الخدمات اللوجستية في المكان، فإن صادرات البضائع المتراكمة سوف ترتفع بشكل كبير، وفقاً لبيانات الشركة العُمانية للقطارت. على وجه الخصوص، من المتوقع أن تزيد الشحنات المعدنية 10 أضعاف بمجرد ربط شبكة السكك الحديدية عندما تكتمل مع موانئ البلاد الثلاثة.
وقال رئيس الشؤون التجارية في الشركة العُمانية للقطارات جون ليزنيوسكي لوسائل الإعلام المحلية أن القدرة التصديرية المعدنية المتراكمة في ميناء صلالة، التي تبلغ حالياً 10 ملايين طن سنوياً، سترتفع إلى ما بين 50 و60 مليون طن، مع زيادة كبيرة أيضاً في الدقم وصحار.

مشروع السكة الحديدية في السلطنة

لتحقيق الأهداف المنصوص عليها في إستراتيجية سلطنة عُمان للخدمات اللوجستية، فقد تم تشديد الإجراءات لتسريع وتيرة تطوير مشروع سكة حديد السلطنة الذي يُعتبَر من أهم المشاريع الإستراتيجية التي ستساهم في تحقيق متطلبات التنمية المستدامة على كافة المستويات والصعد، وذلك من خلال الدور الذي ستلعبه القطارات في ربط المراكز التنموية في البلاد، أضف إلى ذلك أن هذا المشروع سيضيف نمطاً جديداً للنقل في المنطقة لما يتميز به من قدرة على نقل كميات ضخمة من السلع والبضائع والعدد الكبير من الركاب لمسافات طويلة وبتكلفة تشغيلية أقل من المتاحة حالياً. كما أن هذا المشروع يهدف إلى تمكين قطاع النقل في البلاد من أن يكون رافداً حيوياً وفعّالاً ومستداماً للإقتصاد العُمااني، ويتمثّل ذلك في ربط موانىء السلطنة مع باقي موانىء المنطقة والنهوض بها لتكون موانىء رئيسية تلعب دوراً مهماً في منظومة الموانىء العالمية، وبذلك سيفتح هذا المشروع آفاقاً جديدة لتنويع مصادر الدخل، كما سيعزّز حركة التجارة في السلطنة لتصل إلى مستويات نوعية جديدة غير مسبوقة لتصبح عُمان بذلك محطة جذب تجاري وصناعي ولوجستي تؤدي إلى إيجاد فرص إستثمارية تنعكس إيجاباً على نمو الناتج المحلي.
وتفيد المعلومات بأن شبكة السكك الحديدية في عُمان تمتد لأكثر من 2000 كلم، إبتداء من محافظة البريمي وصولاً إلى محافظة ظفار لتربط موانىء السلطنة مع شبكة السكك الحديدية لدول مجلس التعاون الخليجي لتكون السلطنة بوابة المنطقة.
وقد تم إسناد أعمال الخدمات الإستشارية للتصميم المبدئي لهذا المشروع لشركة “إيتالفير” الإيطالية، حيث تم الإنتهاء من أعمال التصميم المبدئي للجزء الأول من مسار المشروع الممتد من محافظة البريمي إلى صحار في محافظة شمال الباطنة، ويتم حالياً تصميم الأجزاء الأخرى. ومن المتوقع أن يتم الإنتهاء من التصميم المبدئي للمشروع في كانون الثاني (يناير) 2016.
وقامت الشركة العُمانية للقطارات في شباط (فبراير) 2014 بدعوة الشركات المنفذة لمشاريع السكك الحديد وتكنولوجيا الأنظمة للتأهيل المُسبق، وقد تمت عملية التأهيل في منتصف تموز (يوليو) 2014. وفي أواخر أيار (مايو) أصدرت الشركة عطاءات لبناء ثلاثة أجزاء أخرى لشبكة السكك الحديدية الوطنية، مع عقود تغطّي أكثر من 1200 كلم من المسار، جنباً إلى جنب مع بناء الأنفاق المطلوبة وترسيخها. إن الأجزاء الثلاثة هي حاسمة بالنسبة إلى طموحات الخدمات اللوجستية في السلطنة، إذ أنها ستربط حفيت على الحدود بين عُمان مع الإمارات العربية المتحدة على طول الطريق إلى صلالة، عبر هيما والدقم.
وتمثل المشاريع الجديدة أكثر من نصف مجموع ال2100 كلم من شبكة السكك الحديدية المزمع إنشاؤها. إن عَقدَ الجزء الأول من الشبكة الذي يتمثل بخط طوله 207 كلم يمتد من ميناء صحار إلى البريمي على الحدود مع دولة الإمارات العربية المتحدة، من المتوقع أن يتم الإعلان عنه في الربع الثالث من هذا العام.
ثمة جانب مهم آخر من خطة النقل الشاملة يتمثل في منطقة جنوب الباطنة اللوجستية، وهي مركز للنقل والخدمات اللوجستية الذي جرى إنشاؤه على موقع بمساحة أولية تبلغ 30 هكتاراً في بركاء، ويقع بالقرب من العاصمة مسقط. وسيتم تطوير المنطقة كميناء جاف، تربطه الطرق والسكك الحديدية بالمراكز الساحلية، ويعمل كمركز لإعادة الشحن والتخزين والتوزيع. في أوائل حزيران (يونيو) الفائت، أعلن مسؤولون من الشركة العُمانية للخدمات اللوجستية بأن تسع شركات محلية ودولية تقدمت بطلبات للحصول على عقد تشغيل وإدارة المنشأة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى