دفاعاً عن أميركا
بقلم زياد خليل عبد النور*
أنا مواطن لبناني-أميركي، ذو توجه محافظ ومبشِّر رأسمالي. وُلدتُ في لبنان، ونشأتُ على حلم واحد وحيد – أن أسافر إلى أميركا، وأُكوِّن ثروتي كرأسمالي. حالفني الحظ وساعدني الله بأن أحقق ذلك. فقد درست وتخرجت من كلية “وارتون” في جامعة بنسلفانيا، وعملت في إحدى أهم شركات المشاريع في “وول ستريت”، “دركسل بورنهام لامبرت”، وأصبحت رجل أعمال وممولاً عالمياً، حيث صنعت علامتي الفارقة بالتعامل مع بعض أكبر مجموعات رأس المال الدولية، مُنظّماً عمليات إستحواذ وإعادة تمويل على نطاق واسع ومنفّذاً عمليات تجارية للسلع في جميع أنحاء العالم.
أسافر بإستمرار بحكم عملي، وكل مرة أسافر فيها أسمع الرافضين يشكون كيف أن الولايات المتحدة – لإستيائهم الكبير– قد تحوّلت إلى الأسوأ.
لذا فكرت بكتابة هذا المقال لوضع الأمور في نصابها لجميع أولئك الناس الذين ما زالوا لا يعلمون كيف يعمل النظام الأميركي، ولماذا هذه الأرض العظيمة لا تزال تجذب العالم إليها أكثر من أي وقت مضى.
1. الحقيقة أنه على الرغم من هذه السلبية التي نسمعها من هؤلاء، تبقى الولايات المتحدة الأمة الرائدة والأكثر جاذبية للمهاجرين في العالم. في العام الفائت — 2013 – هاجر أكثر من مليون إنسان وفقاً لقوانين الهجرة إلى أميركا من جميع أنحاء العالم (أكثر من أي دولة أخرى)؛ أعداد مضاعفة عبرت الحدود بشكل غير قانوني. لم يهجر هؤلاء جميعاً أعمالهم ويتركوا كل شيء ويتوجّهون إلى بلاد العم سام من دون سبب.
2. نظراً إلى حقيقة أن الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة المهيمنة على العالم الحر، والآن على العالم بشكل عام، فهي تتمتع ببصمة عملاقة تجعلها في أحيان كثيرة تلقي بوزنها بطرق خاصة تضايق العديد من القوى وتزعجها. هناك العديد من الشكاوى في هذا المجال لسبب وجيه، وينبغي على واشنطن أن تفعل المزيد لتفهم ذلك ومعالجة تلك الأسباب بصراحة وصدق. ولكن، من دون أميركا، فإن العالم كان سيتحوّل إلى الأسوأ بكثير، خصوصاً إذا – لبعض الأسباب الغريبة – كان على الولايات المتحدة أن تختفي في أي وقت بعد الحرب العالمية الثانية.
3. عندما تقصد مقرّات السفارات الدولية حول العالم، لا تزال هناك دولة واحدة فقط لديها صفوف من الناس خارج البوابة الأمامية، ليلاً ونهاراً، في الإنتظار للدخول. ليس اليابان، وليس ألمانيا، وليس روسيا، وليس الهند، وليس الصين. أحياناً ترى خطوطاً مماثلة خارج سفارات المملكة المتحدة وأوستراليا وكندا، ولكن لا شيء يقارن مع الخطوط الطويلة المصطفّة خارج السفارات الأميركية. هل تساءل البعض لماذا؟
4. بالنسبة إلى أولئك الذين يدّعون أن الولايات المتحدة لم تعد قوة تصنيع وخسرت قدرتها في هذا الصدد – لا تزال أميركا قوة تصنيع أكثر من أي وقت مضى. إن غالبية الناس لا تعلم ذلك، لأن بلاد العم سام لم تعد تنتج معظم “المحامص” للخبز، وفرشايات الأسنان … الآن، لدينا مساحات كبيرة من التصنيع تتمثّل في أشياء ضخمة مثل الأقمار الإصطناعية. كما ينبغي الأخذ في الإعتبار أنه على الرغم من أن “آي بود” (iPod) يتم تجميعه في الصين، فإن إجزاء كثيرة منه تُصنع في أميركا. أما بالنسبة إلى سيارات “تويوتا”، فإن أكثر من 80٪ من قطع الغيار والعمالة التي تشارك في صنعها هي أميركية.
5. بالنسبة إلى أولئك الذين يدّعون بأن أميركا لم تعد القوة الإقتصادية الماحقة نظراً إلى الأزمة الأخيرة التي شهدتها البلاد، إسمحوا لي أن أطلعكم على الحقائق الثابتة الباردة على الرغم من كل ما تسمعون.
– ما زالت الولايات المتحدة تهيمن على العديد من الصناعات الإستراتيجية الكبيرة (التكنولوجيا، والطائرات، والترفيه والسينما، ووسائل الإعلام، والإتصالات، والدفاع، والأزياء، والخدمات المالية).
– ما زال لدى الولايات المتحدة أقوى الجامعات في العالم، كما لا يزال أفضل وألمع الطلاب في جميع أنحاء العالم يأتون للإلتحاق بها.
– إن أميركا هي في طريقها إلى الإستقلال في مجال الطاقة.
6. في نهاية المطاف، ألا تفخر:
أ- بالبراعة الإقتصادية والإبتكار العلمي في أميركا؟
ب- إن حقيقة أن الولايات المتحدة هي أمة تتمتع بأفكار مختلفة عشوائية في كيفية تسيير أوضاعها – في معظمها– تستيقظ وتذهب إلى العمل كل يوم من دون تمزيق نفسها. (أنظر: مصر وروسيا وباكستان واليونان وسوريا وغيرها)؟
ج- فعل وارن بافيت وبيل غيتس الشيء الصحيح بالنسبة إلى أموالهما بعد وفاتهما؟
ح- إعلان مؤسسة “أبل” بأنها ستبدأ بناء أجهزة الكومبيوتر في الولايات المتحدة الأميركية من جديد؟
د- جميع شركات السيارات الأجنبية التي تصنع السيارات في أميركا تربح فيما تحرص على العناية بالعمال مما يدل على أن الولايات المتحدة لديها قدرة مذهلة على بناء سيارات عظيمة؟
ذ- غوغل، أمازون، مايكروسوفت، هوليوود (بشكل عام)، وول ستريت (نعم، وول ستريت)، فايسبوك، شيفرون، موتورولا، جنرال إلكتريك، فورد، جي بي مورغان والكثير من الشركات الأخرى التي تبتكر وتخترع وتولّد الوظائف (وتخلق بيئة عمل ودية للغاية للنساء والأقليات)؟
لذا، أقول لجميع الرافضين الذين لا يزالوا يشتكون من الحالة التي وصلت إليها أميركا، ماذا لو أنهم شمّروا عن سواعدهم وقدّموا المساعدة حيث يمكنهم ذلك، للتأكد من أن السفينة الضخمة التي ترشح والتي تُدعى أميركا تسير على الطريق الصحيح. والطريقة الوحيدة للقيام بذلك تكمن بالتطلع إلى الأمام، والتحلي بالمنطق والواقعية، والتفهم بأننا جميعنا “أميركيون حقيقيون”، وأننا سوف نغرق أو نسبح إلى شاطىء الأمان معاً.
• زياد خليل عبد النور هو رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة “بلاك هوك بارتنرز” (Blackhawk Partners, Inc) في نيويورك، ومؤسس ورئيس “مجلس السياسات المالية”، ومؤلف كتاب “الحرب الإقتصادية: أسرار تكوين الثروات في عصر سياسة الرفاه” (Economic Warfare: Secrets of Wealth Creation in the Age of Welfare Politics).