كيف ينتهي “حزب الله”؟
تضاءلت قوة “حزب الله” الإقليمية إلى حدٍّ كبير. ولكن الجماعة لا تزال قوية داخل لبنان نفسه. في الأشهر المقبلة، من المرجح أن تبذل كل ما في وسعها لتوسيع نفوذها المحلي.

الدكتورة حنين غدّار*
بالنسبة إلى “حزب الله”، هذه أوقاتٌ عصيبة. بعد عقودٍ من كونه المنظّمة السياسية والعسكرية المُهَيمنة في لبنان، فإنه يُعاني بشكلٍ كبير. خلال حربٍ استمرّت عامًا مع إسرائيل، فَقَدَ الكثير من بنيته التحتية العسكرية. وتعرضت صفوف قيادته للتدمير. وفي تشرين الثاني (نوفمبر)، وقّعَ على اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل وسحب قواته من جنوب لبنان – المجال التقليدي ل”حزب الله”. بعد فترة وجيزة، سقط نظام بشار الأسد في سوريا، ما أدّى إلى قطع خطوط الإمداد بين المنظمة وإيران، راعيتها الأساسية. والآن أصبح “حزب الله” أيضًا مُعَرَّضًا لخطر فقدان دعم الشيعة اللبنانيين، الذين يُشَكِّلون قاعدته المحلّية.
كما هي الحال عادة، فإنَّ خسارةَ “حزب الله” هي مَكسَبٌ للبنان. الواقع أن تدهورَ المجموعة يمنحُ المسؤولين اللبنانيين فرصةً لا تتكرّر إلّا مرةً واحدة في العمر لإعادة تأكيد وجودهم واستعادة دولتهم الفاشلة. ويبدو أنَّ بعضَ قادة لبنان على الأقل مستعدٌّ للاستفادة من هذه الفرصة. لقد قال الرئيس المنتخب حديثًا العماد جوزيف عون، القائد السابق للجيش، إنَّ القوات الحكومية ستعود إلى المدن الجنوبية. ووعَدَ بأن ينزعَ “حزب الله” سلاحه أخيرًا، ويُصبح حزبًا سياسيًا طبيعيًا بدلًا من دولةِ ظلٍّ ذات جيش كامل. كما وعد رئيس الوزراء المُكَلَّف حديثًا القاضي نوّاف سلام بنزعِ سلاح “حزب الله” وإعادة ترسيخ سلطة الدولة اللبنانية. معًا، يُمكنُ لعون وسلام أن يُبشِّرا بعهدٍ جديد لبلدهما وسكانه الذين عانوا طويلًا.
لكن على الرُغم من تراجُع وضعف “حزب الله”، فإنه لم يخرج من اللعبة بعد. فالجماعة وحلفاؤها يسيطرون حاليًا على 53 مقعدًا في البرلمان اللبناني الذي يتألف من 128 مقعدًا، وهو ما يكفي للتأثير في القرارات المهمّة. وإذا تمكّنوا من العمل مع كتلة التجمّع الديموقراطي التي يتزعمها نجل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، تيمور، وكتلة الاعتدال الوطني، فسوف يحصلون على أغلبية المقاعد. ويمكن للجماعة أن تهاجم جسديًا أو تُهدّد الممثلين الذين لا يتبعون رغباتها، فضلًا عن الجهات الفاعلة المحلية الأخرى التي تقف في طريقها. ولا ينبغي لأحد أن يُفاجأ إذا لجأ “حزب الله” إلى مثل هذا الترهيب. وإذا كان لديه أي أمل في إعادة البناء، فسوف يحتاج إلى السيطرة على الدولة.
يُمكن لعون وسلام وحلفائهما منع “حزب الله” من اكتساب اليد العليا. لكنهم سوف يحتاجون إلى التحرّك بسرعة، في حين لا يزال التنظيم في حالة ضعفٍ وذهول. وسوف يكون عليهم التأكد من أنَّ المؤسّسات المستقلة في لبنان، وليس “حزب الله”، هي المسؤولة عن إعادة بناء جنوب البلاد. وسوف يحتاجون إلى حكومة وبنك مركزي وقضاء لا تخضع للجماعة. وسوف يحتاجون إلى البرلمان ليوضح أخيرًا أنَّ “حزب الله” ليس له دور في الدفاع عن البلاد. وإذا نجحوا، فقد يتلقى “حزب الله” هزيمة انتخابية في الانتخابات البرلمانية في أيار (مايو) 2026، ما يدفعه إلى هبوطٍ لولبي. ولكن إذا فشلوا، فستبدأ المجموعة في التجدّد والانتعاش.
رهانٌ سيِّئ
بدأت أحدث حرب ل”حزب الله” مع إسرائيل بعد وقت قصير من 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، عندما شنّت “حماس” هجومها عبر الحدود. لدعم حليفها في غزة، بدأت المنظمة اللبنانية إطلاق الصواريخ على إسرائيل بمجرد دخول الجيش الإسرائيلي إلى القطاع. بالنسبة إلى “حزب الله” (ورعاته الإيرانيين)، كانت فرصةً نادرة للتحرك جنوبًا أكثر مما فعلته المجموعة منذ سنوات، فضلًا عن دفع إسرائيل إلى التوقّف عن ضرب “حماس”.
لم يَرَ قادةُ “حزب الله” أيَّ جانبٍ سلبي لهذه الهجمات. فقد افترضوا أنَّ الجيش الإسرائيلي، الذي يحتل غزة، سوف يرغب في تجنُّب التصعيد في الشمال ــ وخصوصًا في ضوء الإمدادات الهائلة التي تمتلكها مجموعته من الصواريخ المتقدِّمة. لكن هذا الافتراض أثبت خطأه. ففي التاسع عشر من أيلول (سبتمبر)، فجّرت إسرائيل متفجّرات زرعتها داخل آلاف من أجهزة النداء التي يستخدمها عملاء “حزب الله”. وأدى الهجوم إلى شلّ حركة ما لا يقل عن ثلاثة آلاف من كبار مقاتلي وقيادات “حزب الله”. بعد ذلك، نجح مسؤولون استخباراتيون إسرائيليون في تحديد مكان قيادات “حزب الله” العليا واغتيالها. فقد قتلت إبراهيم قبيسي، رئيس قوة الصواريخ والقذائف في المجموعة. كما اغتالت مؤسسي “حزب الله” الثلاثة المتبقّين على قيد الحياة: فؤاد شكر، وعلي كركي، وإبراهيم عقيل. وفي السابع والعشرين من أيلول (سبتمبر)، قتلت السيد حسن نصر الله ــ زعيم المجموعة.
كان مقتل نصر الله مدمّرًا بشكلٍ خاص ل”حزب الله”. فعلى مدى أربعين عامًا، حوّلَ نصر الله المنظمة إلى قوة لا يُستهان بها. لقد بذل الحزب مساعٍ كبرى لطرد إسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000، وانتصر على الدولة العبرية في العام 2006، وتحوّلَ بشكلٍ عام إلى لاعبٍ إقليمي. لا أحدَ آخر يستطيع أن يُضاهي مكانته. كما قُتل القلائل الذين اقتربوا منه على يد إسرائيل. في النهاية، عين “حزب الله” نائب الأمين العام نعيم قاسم زعيمًا جديدًا له. لكن قاسم ليس كاريزميًا أو شعبيًا أو ذكيًا مثل سلفه. ليست لديه خطة واضحة لكيفية إعادة بناء المنظمة. ونتيجة لذلك، انخفضت معنوياتها. هناك انقسامات تبرز في الأفق داخل مجلس شورى “حزب الله”، المسؤول عن اتخاذ القرارات العسكرية والأمنية والسياسية ل”حزب الله” بالتنسيق مع طهران.
إنَّ خسائر “حزب الله” لا تقتصر على قياداته. فعندما غزت إسرائيل جنوب لبنان، خسرت المنظمة مئات الجنود وآلاف الأسلحة. ووفقًا للجيش الإسرائيلي، فَقَدَ “حزب الله” 80% من صواريخه الدقيقة وبعيدة المدى، حيث انخفض عددها من 5,000 إلى أقل من 1000. كما تمَّ تقليص مخزون المجموعة من الصواريخ قصيرة المدى البالغ 44,000 إلى حوالي 10,000. ولا يزال “حزب الله” يحتفظ بالكثير من ترسانته من الأسلحة الخفيفة، وأكثر من 10,000 مقاتل بدوام كامل، والعديد من جنود الاحتياط. لكن في غياب الإدارة الذكية والقادة المدرَّبين، سوف تكافح المنظمة لإنجاز الكثير على الساحة العالمية.
من المؤكّد أنَّ “حزب الله” سوف يحاول مرة أخرى أن يصبح قوة إقليمية. لكن القيام بذلك سوف يُثبتُ أنه صعب ــ وليس فقط لأنه يبدأ من مكانٍ ضعيف. فمع سقوط الأسد، خسر “حزب الله” حليفًا أساسيًا. ففي ظل حكومته، كان “حزب الله” قادرًا على كسب مليارات الدولارات من تجارة الكبتاغون؛ ولكن الآن، من المرجح أن يتم الحدُّ من إنتاج المخدرات وتهريبها. والأمر الأكثر أهمية هو أنَّ انهيار نظام الأسد جعل من الصعب للغاية على إيران إرسال الموارد إلى المنظمة. وبدون الوصول إلى سوريا، سيحتاج “حزب الله” إلى تهريب الشحنات عبر موانئ لبنان ومطاره. ولكن هذه الموانئ والمطار تخضع الآن لمراقبة صارمة من جانب القوات المسلحة اللبنانية والولايات المتحدة. وقد منع نظام التفتيش هذا بالفعل العديد من الوفود الإيرانية من دخول البلاد، ومن المرجح أن يوقف المزيد منها في السنوات المقبلة. وقد تكون إيران أقل ميلًا إلى مساعدة صديقها المتعثّر. فالنكسات العسكرية المحرجة التي منيت بها المجموعة تجعلها أضعف وبالتالي أقل فائدة. كما تشعر الجمهورية الإسلامية بالقلق إزاء مدى اختراق عملاء الاستخبارات الإسرائيلية ل”حزب الله”. وإذا كان هناك أي شيء، فقد يكون “حزب الله” الآن صار عبئًا على طهران.
الجبهة الداخلية
الواقع أنَّ قوة “حزب الله” الإقليمية قد تضاءلت إلى حدٍّ كبير. ولكن الجماعة لا تزال قوية داخل لبنان نفسه. في الأشهر المقبلة، من المرجح أن تبذل كل ما في وسعها لتوسيع نفوذها المحلي.
سوف تعمل الجماعة، جُزئيًا، من خلال ممثليها المُنتَخبين، على دفع البرلمان اللبناني إلى إجراء تعيينات عسكرية وأمنية ومالية وقضائية ودية. وسوف يرغب “حزب الله”، على وجه الخصوص، في اختيار قائد الجيش المقبل، الذي سوف يشرف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، حتى لا تضطر الجماعة إلى تسليم أسلحتها (كما يتطلب الاتفاق). وسوف يرغب الحزب في التأكد من أن مدير عام الأمن العام المقبل في لبنان ينسّق مع منسّق الأمن في “حزب الله”، وفيق صفا. وسوف يرغب في أن يقوم حاكم مصرف لبنان المركزي ووزير المالية المقبلان بمداهمة خزائن الدولة نيابة عن “حزب الله”، وسوف يسعى عمومًا إلى السيطرة على القرارات الاقتصادية للدولة. وسوف يرغب “حزب الله”، على وجه الخصوص، في الحفاظ على الاقتصاد الموازي في لبنان، والذي يساعده في جمع الأموال.
لكن “حزب الله” سوف يلجأ أيضًا إلى تدابير غير قانونية. فما زال لدى الجماعة الكثير من الأسلحة التي تستطيع استخدامها لتهديد المسؤولين الذين لا يذعنون لمطالبها. واستخدام هذه الأسلحة سوف يكون متوافقًا مع السوابق السابقة. فعندما انسحبت سوريا من لبنان في العام 2005، على سبيل المثال، شرع “حزب الله” في حملة اغتيالات لضمان عدم إضعاف موقفه برحيل الأسد، فقام باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. كما اغتال شخصيات سياسية أخرى، بمن فيهم وزير الاقتصاد السابق محمد شطح، والصحافي سمير قصير، ووزير الصناعة بيار الجميل. كما بدأ العديد من الاشتباكات في الشوارع.
مع ذلك، فقد لا يجد “حزب الله” أن العملية سهلة كما كان الحال في السابق مع الترهيب. فقد اكتسبت القوات المسلحة اللبنانية وأجهزة الأمن أرضًا على “حزب الله”، الأمر الذي تحدى هيمنة الجماعة. ومن غير المرجح أيضًا أن يستسلم الجيش اللبناني كما كان من قبل، ولو لمجرد أنه يخضع لمراقبة الولايات المتحدة. في الوقت نفسه، سوف تكون لدى “حزب الله” أسبابٌ داخلية للاعتدال. فخلال الحرب الأخيرة، لجأ الشيعة اللبنانيون إلى منازل المسيحيين والمسلمين السنّة في لبنان. وإذا كافأ “حزب الله” هاتين الطائفتين بتهديدهما أو مهاجمتهما أو تجاوز تفضيلاتهما بأيِّ شكل من الأشكال، فقد يؤدي هذا إلى انتقامٍ مُعادٍ للشيعة. وهذا بدوره قد يكلف “حزب الله” الدعم الشيعي ــ وهو أحد الركائز الأساسية لقوته.
الواقع أنَّ الدعمَ الشيعي ل”حزب الله” ربما بدأ يتضاءل بالفعل. فقد كان العقد الاجتماعي الذي عقده “حزب الله” مع المجتمع ــحيث يوفر الأول للثاني الأمن والتمكين السياسي والخدمات، ويوفر الثاني للأول المجنّدين والأصوات ــ على أرضٍ مهتزة لأكثر من عقد من الزمان. وظهرت الشقوق لأول مرة في العام 2011، عندما بدأ “حزب الله” الإنفاق بكثافة لمساعدة الأسد على الإنتصار في الحرب الأهلية السورية بدلًا من مساعدة ناخبيه. وزاد التوتر في العام 2019، عندما دفع الغضب إزاء الانهيار الاقتصادي في البلاد (الناجم عن الفساد) بعض الشيعة اللبنانيين إلى النزول إلى الشوارع مع مجتمعات لبنانية أخرى والهتاف من أجل التغيير. وقد بلغ التوتر مستويات جديدة اليوم، بعد أن دمرت إسرائيل البلدات والقرى الشيعية وقتلت الآلاف من منهم.
في أعقاب هذا الدمار، قد يُقرّرُ بعض الشيعة التشبُّث ب”حزب الله” بشكلٍ أكبر، على أمل أن تتمكّن الجماعة من توفير الأمان الذي يحتاجون إليه بشدة. لكن آخرين سوف يدركون أن المنظمة هي في الواقع مصدر الخطر. وعلى النقيض من ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، حين قاوم “حزب الله” الاحتلال الإسرائيلي، أصبح الآن هو المُعتدي. فقد هاجم إسرائيل، وجرَّ لبنان إلى حربٍ لم تَسعَ إليها أي دولة أخرى. ثم خسر الحرب، وخرج منها أضعف. وسوف تتضح هذه الحقيقة أكثر فأكثر لدى الشيعة وهم يحاولون إعادة البناء، ويجدون أنَّ “حزب الله” غير قادر على توزيع التعويضات. والواقع أن الكثيرين من مؤيدي “حزب الله” لم يتلقّوا بعد أيًّا من أموال إعادة الإعمار التي وعدهم بها الحزب.
إنجازُ المهمّة
إنَّ “حزب الله” في مساره الحالي يتجه نحو حسابٍ انتخابي. لكن لضمان تراجعه، سوف يحتاج عون وسلام الى قطع التمويل عنه خلال العام المقبل ومحاربة مكائده السياسية.
وهذا يعني في المقام الأول حرمان “حزب الله” من دوره في إعادة بناء جنوب لبنان. في العام 2006، تمامًا كما هو الحال اليوم، خاض “حزب الله” حربًا مع اسرائيل تركت جنوب لبنان في حالة خراب وأثارت تساؤلات جدية حول المنظمة. لكن ايران غمرت “حزب الله” بالنقد، مما ساعده على تولي مسؤولية إعادة الإعمار وبالتالي تحسين سمعته. واليوم، تفتقر ايران إلى الأموال لمساعدة “حزب الله” بالطريقة نفسها، ما يُعطي الدولة اللبنانية فرصةً للاشراف على العملية برمتها. ويجب عليها اغتنام هذه الفرصة. وينبغي لكل قرش من المساعدات ان يذهب من الحكومة مباشرة الى المستفيدين – وليس من خلال مجلس الجنوب أو أي هيئات أخرى يهيمن عليها “حزب الله”. ومن خلال القيام بذلك، يمكن لعون وسلام ان يظهرا للشيعة انهم لا يحتاجون الى “حزب الله” للحماية. إن هذا من شأنه أن يثبت أنَّ الشيعة أيضًا مواطنون لبنانيون، وأنَّ مؤسسات الدولة اللبنانية قادرة على حمايتهم.
كما يتعيّن على عون وسلام أن يعملا على إحباط جهود “حزب الله” في اختيار قائد الجيش المقبل، وحاكم المصرف المركزي، والمدير العام للأمن العام، وشغل مناصب قضائية رفيعة المستوى. وعلى نحوٍ مماثل، يتعيّن على الحكومة المقبلة أن تتأكد من أنَّ بيانها الوزاري ــحيث تحدد سياسة الدولة واستراتيجيتهاــ يتماشى مع تعهدات عون في خطاب القسم. ويتعيّن على الحكومة أن تستبعد مسؤولي “حزب الله” والتابعين لهم من المناصب المهمة وأن تدفع القضاء إلى محاسبة المنظمة إذا استخدمت أسلحتها ضد الشعب اللبناني. وإذا امتنع البرلمان عن القيام بذلك، فإنَّ عون وسلام يتمتعان بالسلطة الدستورية ــوالالتزام الأخلاقي ــ لتشكيل حكومة ووضع البرلمان أمام مسؤوليته.
إنَّ الأطراف الدولية لا بُدَّ وأن تساعد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء. والضغط الخارجي من شأنه أن يضمن عدم إعلان البيان الوزاري (كما يفعل عادة) أنَّ أمن لبنان يعتمد جُزئيًا على “المقاومة” ـ وهو الرمز الذي يشير إلى “حزب الله”. يتعيّن على الأطراف الدولية، وخصوصًا المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، أن تصرّا على مراقبة عملية إعادة الإعمار. وينبغي على هاتين الدولتين أن تضغطا على شركائهما المحليين لحملهما على ملء الشواغر الحكومية بأشخاص ملتزمين بمواجهة “حزب الله”. وإذا تردّد لبنان، فإنَّ واشنطن تستطيع أن تُهدّد بمعاقبة المسؤولين العنيدين وحجب المساعدات. ومن المرجح أن يؤدي هذا إلى حث لبنان على الامتثال؛ ولا يستطيع لبنان أن يتحمّل قطع المساعدات.
إنَّ إضعافَ “حزب الله” إلى الأبد سوف يظل عملية محفوفة بالمخاطر، وقد تستغرق سنوات. لكن هذه المرة، أصبح الهدف قابلًا للتحقيق. فقد تحوّل “حزب الله” من جيش إلى ميليشيا. وهو مقطوعٌ عن الدعم الدولي، ويكافح للحفاظ على الدعم المحلي. والواقع أنَّ الجيش اللبناني قادرٌ على ضمان النظام بطرق لا يستطيع “حزب الله” أن يفعلها الآن. وإذا تمكن زعماء لبنان من حشد الإرادة السياسية، فسوف يكون بوسعهم وضع الحزب في مكانه الصحيح. والسؤال الوحيد هو ما إذا كانوا يمتلكون ما يلزم للقيام بذلك.
- الدكتورة حَنين غدّار هي باحثة من أصل لبناني وخبيرة في شؤون الشرق الأوسط. وهي زميلة بارزة في زمالة فريدمان في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ومؤلفة كتاب “حزب الله لاند: رسم خريطة الضاحية والمجتمع الشيعي في لبنان” (Hezbollahland: Mapping Dahiya and Lebanon’s Shia Community.).
- يَصدُرُ هذا المقال بالعربية في “أسواق العرب” توازيًا مع صدوره بالإنكليزية في “فورِن أفّيرز” الأميركية.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.