الفَرَجُ آتٍ في سوريا ولبنان واليمن والعراق؟

عرفان نظام الدين*

مَن يُتابِعُ الأحداثَ اللبنانية والأزمات المُتلاحقة والمواقفَ المُتشَنِّجة والانقسامات الطائفية والمذهبية في لبنان يصلُ إلى قناعةٍ بأنَّ الوَضعَ مَيؤوسٌ منه تمشّيًا مع مَقولة فالج لا تُعالج. والأنكى من ذلك، أنَّ أحدًا من المسؤولين يعترفُ بدوره في تأزيمِ الوضعِ وتَيئيسِ المواطنين المنكوبين بنيران الغلاء وانهيار العملة الوطنية وإيصال لبنان إلى حافة الانهيار، مُمعنين جميعًا في صبِّ الزيت على النار بتصريحاتهم النارية ومواقفهم السلبية. وبدورها تقوم المحطات التلفزيونية بزيادة الطين بلّة باستقبالها جيوشِ المُحلّلين الذين انتشروا كالطفيليات يُنَظِّرون عن معلوماتهم الخطيرة والأسرار التي حصلوا عليها ليصلوا إلى الإيحاء بأنَّ الأزمة تُحَلُّ بإرادة هذا الحزب أو ذاك التيار، وجَمع وطرح أعداد المؤيدين او المعارضين لانتخاب رئيس الجمهورية بعد خمسة أشهرٍ من الفراغ (أو الشغور) المُعيب.

وهنا بيت القصيد في إنكارِ العامل الأجنبي ودور القوى الإقليمية وقوى الأمر الواقع بعد أن أسهَمَ الجميع في رسم خارطة طريق جهنّم ووضع مصير بلادهم بين أيدي الآخرين. وبالأمس انقشع الضباب عن الواقع الأليم، وتبيَّنَ أنَّ الفَرَجَ لن ياتي إلّا من طريق صفقاتٍ إقليمية، وتفاهمات بين أصحاب القرار الخارجي. ففي يوم واحد حدثت تطورات عدة مهمة غيَّرت من قواعد اللعبة وفتحت الطرق المُغلَقة أمام الحلول:
* الاتفاق السعودي-الإيراني على الحوار لإعادة العلاقات الديبلوماسية وحلّ المشاكل المتراكمة والخلافات المُتَشعِّبة.
* إزالة العقبات أمام الحوار بين سوريا وتركيا تمهيدًا للحوار وحلّ الخلافات الناشبة منذ اندلاع الأحداث الدامية في سوريا في العام 2011.  ويتم وضع الترتيبات التي تبحث التفاصيل بوجود إيران وروسيا واللاعب الجديد الصين، إضافةً إلى البلدَين المعنِيَين مع الإشارة إلى لقاءاتٍ مباشرة وصولًا للقمة المنتظرة بين الرئيسين السوري بشارة الأسد والتركي رجب طيّب أردوغان.
* ردودُ الفعلِ العربية والأجنبية أجمعت على الترحيب بهذه التطورات وأكّدت أنّها ترسمُ خارطة طريق حلِّ الخلافات والأزمات ومنها أوضاع لبنان بكل مفاعيلها، وإزالة رواسب الحرب في سوريا وبينها أزمة النازحين والحصار، وقضية اليمن ومصير اتفاق وقف إطلاق النار ووضع الحوثيين المدعومين من إيران، ووضع العراق المتازّم مع إيران بوجود ميليشيات مرتبطة وعميلة لإيران.

كل ملفّات الشرق الاوسط والخليج فُتِحَت دفعةً واحدة مع الاعتراف بالصعوبات والتعقيدات والمخاوف من الفشل والعودة الى نقطة التفجير لأسبابٍ عدة أوّلها الموقف الأميركي الذي أعلنه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال زيارته الأخيرة إلى العراق بأنّ القوات الأميركية ستبقى في شمال سوريا والعراق.

إلّا أنَّ الخوفَ الأكبر يكمنُ في رفضِ إسرائيل لهذه الخطوات وسعيها لتفجير الأزمات، خصوصًا وأنَّ وضعها الداخلي صعبٌ، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المواجهات في الضفة الغربية وغزة.

إلّا أنَّ السيناريو الأخطر يكمنُ في إقدامِ إسرائيل على شنّ حربٍ على إيران ونسف المختبرات النووية بعد ورود أنباءٍ عن قرب نجاح إيران في إنتاجِ سلاحٍ نووي.

والأيام المقبلة ستكون حبلى بالأحداث والمفاجآت آملين أن تحملَ بشائرَ خيرٍ وسلام.

  • عرفان نظام الدين هو كاتب، صحافي ومُحلّل سياسي مُقيم في لندن. كان سابقًا رئيس تحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى