“كوفاس” الفرنسيّة متفائلة بمستقبل إقتصادات شمال أفريقيا

أبقت “وكالة كوفاس” الفرنسية تصنيف الأخطار السيادية لإقتصادات شمال أفريقيا على درجة “مستقر”، وتراوحت بين “إيه 4 ل” للمغرب و “إيه بي” للجزائر، و”بي بي” لتونس و”بي سي” لمصر و”دي دي” لليبيا. وأشارت الوكالة الفرنسية لضمان الصادرات إلى “تفاؤل حذر بمستقبل المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر”، التي إنطلق منها الحراك الإجتماعي العربي.
وتشمل التصنيفات أخطار تمويل التجارة العالمية ومناخ الأعمال والمديونية الخارجية والإحتياط النقدي والعجز المالي.
وأشارت الوكالة إلى أن تراجع الأوضاع المالية في الجزائر “تفاقم نحو 10 في المئة في النصف الأول من السنة، نتيجة إنخفاض إيرادات الدولة من الطاقة وإستمرار كلفة الواردات من مواد التجهيز والسلع الغذائية”. وتوقعت أن يسجل النمو الاقتصادي في الجزائر “تباطؤاً واضحاً نظراً إلى الاعتماد على عائدات الطاقة التي ستتراجع تحت تأثير تدني الأسعار الدولية وحجم الصادرات من الغاز”. ورجحت أن “يرتفع عجز الحساب الجاري إلى 15.7 في المئة، والمديونية العامة إلى 13.6، فيما يقترب عجز الموازنة العامة من 13 في المئة من الناتج الإجمالي نهاية هذه السنة”.
وتشكّل عائدات الغاز 36 في المئة من الناتج الإجمالي و97 في المئة من الموارد الخارجية، ما يضغط على موارد “صندوق ضبط الإيرادات” الذي يختزن الإحتياط السيادي للنقد الأجنبي. وكان الإحتياط يغطي واردات السلع والخدمات مطلع السنة وعلى مدى يزيد عن سنتين، قبل تراجع الإيرادات بنسبة 23.7 في المئة.
وفي تونس، تتحسّن الأوضاع الاقتصادية ببطء بعد فترة حرجة تلت الإعتداءات الإرهابية على مواقع ثقافية وسياحية، في بلد يعتمد على السياحة لإستقطاب العملة الأجنبية. وساعد الإنتاج الزراعي وتراجع أسعار الطاقة وإستمرار الطلب الداخلي في لجم العجز المالي، الذي بلغ 6.2 في المئة في الموازنة و6.4 في المئة في الحساب الجاري، فيما إرتفع الدَين العام إلى 55 في المئة من الناتج الإجمالي. ويستعد صندوق النقد الدولي للمصادقة على خط إئتماني جديد بـ1.7 مليار دولار قبل نهاية السنة، لمواجهة ضعف النظام المصرفي المحلي الذي يشهد نقصاً في السيولة.
وإعتبرت “كوفاس” أن تونس “ماضية في طريق التحسن الاقتصادي على رغم الصعوبات، بفضل القرب الجغرافي من الاتحاد الأوروبي وتنوّع الصادرات مثل الفوسفات والزراعة والغاز والسياحة”. ويُتوقع أن يسجل الاقتصاد نمواً نسبته 2.5 في المئة العام المقبل.
في مقابل ذلك، تزداد معدلات بطالة الشباب وأخطار الأمن على السياحة والاستثمارات، إضافة إلى خطر الفوارق بين المناطق الفقيرة في الجنوب والوسط، والغنية في الشمال وعلى السواحل.
أما الإقتصاد المغربي، فيبدو في وضع أفضل وهو مرشح لتحقيق نمو يزيد عن 4.5 في المئة وفقاً لـ”كوفاس”، مستفيداً من “تراجع كلفة واردات الطاقة ومن موسم زراعي جيد، أفضى إلى تقليص واردات الغذاء نحو الثلث. كما ساهم الإستقرار الإجتماعي والإصلاحات السياسية في إستقطاب مزيد من الإستثمارات الأجنبية، وفي تحسّن الاحتياط النقدي الخارجي. ورأت “كوفاس” أن تحويلات المغتربين وعائدات السياحة “ستغطي عجز الميزان التجاري الذي سينخفض إلى 3.3 في المئة من الناتج الإجمالي، وعجز الموازنة إلى 4.3 في المئة، فيما يستقر التضخم على 1.5 في المئة نهاية السنة”.
وصنّفت “كوفاس” الإقتصاد المغربي في المرتبة الأولى في شمال أفريقيا، إستناداً إلى الموارد الطبيعية وتنوع الإنتاج وحجم الصناعة في الصادرات، فضلاً عن القرب الجغرافي وبرامج الإصلاحات التي اعتمدتها الرباط بعد دستور عام 2011.
في المقابل، يواجه الاقتصاد المغربي “زيادة في الدَين تفوق 65 في المئة وفي عدد طالبي العمل بين الشباب المتعلّم، واستمرار الفوارق الإجتماعية، وضعف التنافسية الخارجية ومناخ الأعمال. وتظل نسبة النمو المرتقب العام المقبل رهناً بأسعار النفط وكمية الأمطار، وربما يرتفع إلى 5 في المئة وفقاً لصندوق النقد الدولي، أو ينخفض إلى 2.6 في المئة وفق المصرف المركزي، إستناداً إلى حجم الإنتاج الزراعي العام المقبل.
وعن الإقتصاد المصري، لم تستبعد “كوفاس” أن “يواصل تعافيه العام المقبل وينمو نحو 4 في المئة هذه السنة، مستعيناً بالدعم الخارجي من دول مجلس التعاون الخليجي”. ورأت أن السياحة الدولية في مصر “تستعيد مكانتها، في وقت تحسن وضع القطاع الصناعي وزادت إيرادات قناة السويس والاستثمارات الخاصة، كما توسعت الاستثمارات العامة وتحسّن الطلب الداخلي على الاستهلاك”. وأفضت كل هذه العوامل إلى أن “يستعيد الاقتصاد المصري نشاطه بعد فترة تأزم”. لكن سيظل لفترة تحت ضغط عجز الحساب الخارجي، بسبب إرتفاع الواردات من المواد الغذائية، على رغم استفادة القاهرة من تراخي أسعار النفط الدولية”.
ولفتت الوكالة الفرنسية إلى أن “الميزان التجاري سيسجل عجزاً يزيد عن 9 في المئة من الناتج، لكن يمكن تعويضه بالفائض المسجل في الخدمات الخارجية وتحويلات المغتربين، والزيادة في عائدات السياحة وقناة السويس”. ويساعد الاستقرار السياسي “في تحسّن أداء الاقتصاد المصري الذي عاود النمو”، لكنه “يشهد استمرار حالة الفقر لدى نحو 40 في المئة من السكان وإرتفاع عدد العاطلين من العمل الشباب، وإنخفاض الاحتياط النقدي وازدياد الدَين الخارجي المقدّر بـ90 في المئة من الناتج”.
وتُعتبر ليبيا الرجل المريض في شمال أفريقيا بسبب “أوضاعها الأمنية المتردية”، ويتوقع أن يزيد عجز الموازنة عن 30 في المئة من الناتج الإجمالي، ويقترب عجز الحساب الجاري للمدفوعات من 21 في المئة، نتيجة النقص في إيرادات النفط التي تمثل 70 في المئة من الناتج المقدر بنحو 50 مليار دولار، في بلد يقل سكانه عن سبعة ملايين. وتُقدر صادرات ليبيا بنحو 700 ألف برميل يومياً، لكن غياب الأمن والحوكمة يفقدان الاقتصاد كل مقوماته، على الرغم من مخزون الاحتياط من الغاز والنفط المقدّر بما بين 76 إلى 94 سنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى