البحرين تتحوّل إلى مركز إقليمي للإتصالات الدولية في الخليج

يبدو أن الأحوال السياسية غير المستقرة في مملكة البحرين لم تؤثر على إطلاق مشاريع عملاقة فيها. بحلول نهاية الربع الأول من العام 2015 سوف تصبح المنامة مركزاً إقليمياً للإتصالات العالمية فيما العمل على مشروع الربط الإستراتيجي الرئيسي يقترب من نهايته.

وزير الإتصالات الشيخ فواز بن محمد آل خليفة: المشروع نقلة نوعية للمنامة في حقل الإتصالات
وزير الإتصالات الشيخ فواز بن محمد آل خليفة: المشروع نقلة نوعية للمنامة في حقل الإتصالات

المنامة – عبّاس الأحمد

في نيسان (إبريل) الفائت أعلنت الحكومة البحرينية بأن المملكة سوف تصبح مركزاً رائداً للإتصالات الإقليمية، بعد التوصل إلى إتفاق بين شركة “فيفا” (VIVA) المشغّل المحلّي وشركة “بريتيش تيليكوم”، المعروفة ب”بي تي” (BT)، البريطانية المتعدّدة الجنسيات.
في ذلك الوقت، أعلن وزير الإتصالات الشيخ فواز بن محمد آل خليفة بحماس أن الصفقة، التي ستؤدي إلى إنشاء ما يُسمَّى مركز خدمات “التبادل الدولي لبروتوكول الإنترنت” (GIPX) الموجّهة للربط البيني في البحرين – من شأنه أن يجعل البلد المُشكِّل الرئيسي لمشهد الإتصالات العالمي.
وقال بأن “وجود هذا المحور للعمل المشترك في البحرين سوف يكمّل البصمة العالمية لبروتوكول إتصالات الإنترنت وسيربط مشغّلي الخليج والشرق الأوسط بالعمود الفقري لبروتوكول الإنترنت العالمي الأفضل في فئته”.
إن حجم الصوت وحركة البيانات المتزايدان يتحركان في جميع أنحاء العالم. الكثير من حركة المرور يتوزّع على عدد من شبكات مختلفة – الهاتف الثابت، والجوّال، وبعض الشبكات التقليدية القديمة. ولكي تسافر حركة المرور بسلاسة وبسرعة ينبغي على الشبكات أن تكون قادرة على ”التحدث” أو “التواصل” مع بعضها البعض.
إن مركز خدمات “التبادل الدولي لبروتوكول الإنترنت” يتيح لهذا الأمر أن يحدث، لأنه من خلال بناء مركز أقرب إلى مصدر حركة المرور سيكون أسرع وأسهل وأرخص على مشغّلي الشبكات أن يطلقوا عمليات الربط والإتصال به. وأعلنت “فيفا” في بيان بأن المركز “بدوره، يحقق الكفاءة بالنسبة إلى التكلفة للعملاء، ويجعل جميع التطبيقات مثل “صوت “أتش دي”، والإتصال المرئي، وأيّ تجوال ل”الواي فاي” (WiFi) ولإتصالات ال”4 جي” (4G)، ممكنة أكثر وأقل تكلفة مما هي عليه اليوم”.
تدّعي كلٌّ من “فيفا” و”بي تي”، التي تربط بالفعل أكثر من 400 عميل بتبادل بروتوكول الإنترنت على الصعيد العالمي مع تزايد وتيرة النمو على طلب المرور السريع، بأن مركز البحرين – الذي سينضم إلى ثلاثة محاور ل”بي تي” مماثلة تخدم فعلياً الأميركتين وأوروبا وآسيا والمحيط الهادئ عندما يتوافر في السوق في نهاية الربع الأول من العام 2015 – سوف يوفّر للمستخدمين النهائيين في الشرق الأوسط وخارجه “المزيد من الخيارات، وخدمة أفضل، وخدمات إتصالات عالية الجودة”.
الواقع أنه إضافة إلى الإعتبارات التكنولوجية، فإن المشروع مهم من الناحية الإستراتيجية. على مستوى الدولة، فقد تحدثت حكومة البحرين منذ فترة طويلة عن عزمها على ضخ المزيد من المعرفة في الإقتصاد، وفي هذه الحالة فقد سرقت زمام المبادرة من دول المنطقة الأخرى، كما يعتقد سعد عودة، الرئيس التنفيذي لشؤون البيع بالجملة والمشاريع في “فيفا”.
“الفضل يجب أن يذهب إلى الحكومة والمنظّمين، الذين من جرّاء تجربتنا هم الآن على مستوى مختلف من التفكير بالمقارنة مع المنظمين الآخرين في المنطقة”، يوضّح. مضيفاً: “لقد فهموا مفهوم المحور وأهدافنا بسرعة كبيرة، وقدّموا لنا الدعم مع “بي تي” على طول الطريق”.
إنها وجهة نظر يؤيِّدها داميان ستابلز، رئيس تنمية أعمال الإتصالات الإلكترونية في “بي تي”. “إن حقيقة أن البحرين قد وفّرت بيئة مواتية تنظيمية وشريكاً قوياً مثل “فيفا”، بالإضافة إلى سهولة الوصول إلى الكابلات تحت سطح البحر التي تدعم الشبكة، كانت كلها عوامل حاسمة في مساعدتنا على تحديد المملكة لهذا المشروع،” يقول.
وأكّد الرئيس التنفيذي لشركة”فيفا” البحرين عليان الوتيد على أن” GIPX” سيعزّز ريادة البحرين في مجال الإتصالات كونها أول دولة تحصل على هذا البروتوكول في المنطقة، كما أنها ستكون وسيلة إتصال بين عصب بروتوكول الإتصال العالمي وجميع مشغّلي شبكات الإتصالات في الخليج العربي، واضاف أن هذا الموزع العالمي يمثل تجسيداً واقعياً لمساعي الحكومة البحرينية في بناء إقتصاد قوي قائم على أسس معرفية.
وأوضح الوتيد أن هذا المشروع سيطور قطاع تقنية المعلومات والإتصالات ما سيجذب أصحاب المشاريع العالمية لتوفير خدمات جديدة وتوفير أحدث التقنيات في السوق لتكون في متناول الجميع.
فضلاً عن توفير مجد من كونها رائدة الإتصالات الإقليمية والدولة الخليجية الأولى التي تقدّم إتصالات بروتوكول الإنترنت العالمي المحسَّن لجميع المشغّلين الإقليميين، من المرجح أن ينساب من منصة هذا المحور العالمي فوائد على الإقتصاد البحريني الأوسع. ففي جعل الربط متاح بشكل أسرع وأرخص، وأكثر كفاءة بالنسبة إلى المستهلكين وكذلك مشغّلي الإتصالات، فإن النظام البيئي لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات في البحرين يجب، من الناحية النظرية، أن يزدهر وينتعش مع إستثمارات جديدة من قبل شركات التكنولوجيا التي ستعرض وتقدّم أحدث الإبتكارات إلى السوق المحلية.
وتفيد “فيفا” بأن المحور الجديد سوف تستفيد منه أيضاً الشركات المحلية والعملاء من خلال توفير ربط أرخص وأسرع، مما يساعد على تحسين الإيرادات وخفض التكاليف. ويشير سعد عودة الى ان المركز الجديد سوف يحسِّن الكفاءة ويخفّض التكاليف ويساعد عملاء الجملة (على سبيل المثال المشغّلين الآخرين في المنطقة) على تقديم خدمات جديدة. بالنسبة إلى عملاء التجزئة فإن المركز سوف يساعد على تقديمهم إلى خدمات سوق إقليمية جديدة ومبتكرة مثل صوت “أتش دي”، وتجوال “واي فاي”، وتجوال الهواتف الثابتة.
و”فيفا” البحرين هي إحدى شركات مجموعة الإتصالات السعودية، وقد أطلقت خدماتها التجاريّة في البحرين في آذار (مارس) 2010.
ومنذ إطلاق خدماتها، نجحت “فيفا” في تزويد عملائها في البحرين بأحدث خدمات الهواتف المتنقلة وأكثرها تطوراً، كما حرصت على طرح أرقى مستويات التكنولوجيا الحديثة مع وضع عملائها على قمة أولوياتها بإعتبارهم محور خدماتها. وتضمن شبكة “فيفا”، التي تعدّ الأفضل في الخدمات الصوتية والبيانات، تحقيق الإعتمادية العالية وتعزيز الإتصال، و توفّر مجموعة متنوعة من الخدمات التي تتميز بالبساطة وسهولة الفهم والمرونة مع إمكانية تصميمها حسب ما يناسب إحتياجات العملاء، بما يضمن توفير قيمة عالية مقابل تعرفة الإشتراك.
لقد ساهمت “فيفا” في إحداث تأثير إيجابي في سوق الإتصالات من خلال طرح العديد من الخدمات الرائدة بما في ذلك أوّل شبكة “HSPA+ ” وأسرع خدمة “برودباند” في المملكة (42 ميغابايت في الثانية) وإطلاق أجهزة عالية التقنيّة مثل “Windows Phone 7″، و”iPhone 4S” .
إن التركيز على خدمة العملاء وطرح التكنولوجيا المبتكرة قد ساهم في تعزيز مكانة “فيفا” بإعتبارها مشغّل الإتصالات الأكثر تطورًا في البحرين فضلاً عن الإستحواذ على حصة مهمة في السوق بإعتبارها المشغّل الثالث للإتصالات. وقد نجحت الشركة في بناء شبكة قويّة من نقاط خدمة العملاء و البيع، تشمل شبكة واسعة من المحلات ومتاجر البيع بالتجزئة وبوابة إلكترونية سهلة الإستخدام.
ويُعتبر المشروع الجديد واحداً مهماً في تاريخ “فيفا” الذي قارب الست سنوات. فبعدما حققت تقدماً قوياً في سوق محلية مشبعة وذات قدرة تنافسية عالية منذ العام 2009، تعترف حالياً بأن مصادر جديدة للدخل صارت ضرورية.
“بحلول العام 2012 أدركنا أنه كان هناك نمو محدود في سوق البحرين، لذلك كان من الضروري إستكشاف أفكار خارج السوق المحلية لدينا”، يوضّح عودة. “لدينا قدرات وفريق وخبرة لذلك، لمَ لا؟ الشراكة مع “بي تي”، التي تعدّ واحدة من أفضل اللاعبين في العالم في هذا النوع من الأعمال، هو فوز لكلا الطرفين”، يؤكد.
تعود الشراكة بين “فيفا” و”بي تي” إلى فترة طويلة. فقد دعمت الشركة البريطانية تصميم وبناء شبكة شريكتها في الأيام الأولى في العام 2009. وبعد ذلك بعام كانت “فيفا” أول مشغّل في أي مكان في العالم يرتبط بمنصة “بي تي” لتبادل بروتوكول الإنترنت العالمي. ومنذ ذلك الحين، تعاون كلا الطرفين على عدد من المبادرات الإستراتيجية المتعلقة بخدمات المشاريع.
“بعدما أقمنا بنية تحتية مماثلة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وسنغافورة تخدم أوروبا والأميركتين ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ على التوالي، فإن إنشاء وجود محلي في الشرق الأوسط قد إعتبر ذات أهمية بالغة لتوفير الشيء عينه محلياً، من حيث تكلفة ربط العملاء في جميع أنحاء المنطقة بمركز تبادل بروتوكول الإنترنت العالمي لدينا. إن العمل مع “فيفا” يمكّننا من تقديم منصة عالمية من ذوي الخبرة الإقليمية لتمييز خدمتنا حقاً في المنطقة “، يقول ستابلز.
ويضيف بأنه ينبغي على تجربة “بي تي” في إنشاء مراكز ثلاثة أخرى، من الناحية النظرية، جعل تنفيذ وبدء تنفيذ مشروع البحرين، وتكلفة التطوير التي لم يعلن عنها بعد، أن تسير في شكل سلس وسهل.
“إن الأجهزة سوف تبدو أساساً مثل العقد الإقليمية الأخرى. من خلال “فيفا” نحصل على الوصول إلى الربط الذي نحتاج إليه، وعلاقتنا معها ربما تجعل تنفيذ البنى التحتية أكثر سلاسة”، يقول ستابلز.
ويضيف: “المفتاح إلى العنصر الإقليمي هو أقل من بناء البنية التحتية وأكثر حول جعل الأمر أسهل وأكثر سلاسة لعملائنا هنا للإتصال والربط بالمنصة”.
“عندما تفكّر في التكاليف المطلوبة للوصول إلى بنية “بي تي” التحتية خارج هذه المنطقة، فإن الإستثمار في البنية التحتية المحلية سوف يخفّض من الإستثمار بالنسبة إلى شركات أخرى من طريق ربط سلس وسهل وبثمن بخس والإستفادة من منصتنا العالمية”، يقول.
مع كل العيون منصبّة على إطلاق المشروع في العام 2015، فإن أفكار توسّع المركز سابقة لأوانها، على الرغم من أن ستابلز يؤكد على أن قدرة مشروع البحرين سوف تلبّي الطلب المنظور بشكل مريح.
“سيكون من السهل نسبياً زيادة القدرة إذا لزم الأمر. ولذا فإننا سوف نبدأ مع القدرة التي نشعر أننا بحاجة إليها لدعم المشغّلين في جميع أنحاء المنطقة، والإستفادة من الدروس التي قد إستقيناها من خلال إستثماراتنا في أجزاء أخرى من العالم”، يقول.
“مع ذلك، بالطبع سيكون الوضع جيداً لكلا الطرفين إذا جرت بيننا محادثة بعد ستة أشهر حول زيادة القدرات. نحن نعلم بأننا قادرون على زيادة القدرات بسرعة إذا كنا بحاجة إلى ذلك”، يؤكد ستابلز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى