الأبعاد الجيوسياسية لرَبطِ شبكاتِ الكهرباء بين إيران وقطر

يُعتَبَرُ ربط شبكات الكهرباء بين إيران وقطر خطوةً نحو تعزيز ديبلوماسية الطاقة، إلّا أن الوضَع الراهن للسياسات الخارجية الإيرانية قد يشكل عقبة في طريق الجمهورية الإسلامية لاستغلال كامل قدراتها.

كهرباء قطر: إستهلاكها المحلي الأعلى في العالم

أومود شكري*

وقّعت قطر وإيران، أثناء زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى قطر في شباط/فبراير الماضي، إتفاقيةً يبدأ البلدان بموجبها ربطًا مُتبادَلًا لخطوط وشبكات الكهرباء. وترتبط خطوط الكهرباء في إيران مع خطوط كهرباء 7 دول أخرى في الجوار هي: أفغانستان، وباكستان، والعراق، وتركيا، وأرمينيا، وأذربيجان، وتركمنستان. وبينما تتصدّر قطر قائمة أعلى دول العالم إستهلاكًا للطاقة بمعدل 15.316 كيلوواط في الساعة للفرد سنويًا، فإن قدرة إيران على توليد وتوزيع الكهرباء تبلغ نحو 90,000 ميغاواط فقط.

تأتي أهمية ربط شبكات الكهرباء بين البلدين من أن توسعة مراكز إرسال الطاقة ستؤدي بالضرورة إلى زيادة سعة وقدرة الشبكات، وهذا سيُتيح لقطر وإيران تبادل الطاقة واستيراد الكهرباء وفقًا للاحتياجات والذروات الموسمية لكلٍّ منهما. ­­­­لكن، وعلى الرغم من أن ربط شبكات الكهرباء بين الجارتين يعتبر خطوة نحو تعزيز ديبلوماسية الطاقة، إلّا أن الوضع الراهن للسياسات الخارجية الإيرانية – من حيث خضوعها للعقوبات الدولية ومعاناتها في جذب الاستثمارات الخارجية – قد يكون حجر عثرة في طريق إيران لاستغلال كامل قدراتها في مجال الطاقة و زيادة نفوذها في مجال العلاقات الدولية.

هل تُعتَبَر إيران مركزًا إقليميًا للكهرباء؟                           

وضعت الخطة التنموية الخمسية (2016-2021) لإيران زيادة صادرات الطاقة وتوليد الطاقة الوطنية على رأس أولويات أهداف تنمية القطاع الكهربائي الإيراني. وبحسب الخطة كان من المفترض على الحكومة السعي إلى تحويل البلاد إلى المركز الرئيس للكهرباء في المنطقة في مدة لا تتجاوز نهاية العام الماضي من خلال إنشاء مشاريع ربطٍ كهربائي مع الدول المجاورة. لكن خبراء الطاقة في طهران يعتقدون أن هذا الهدف صعب المنال في ضوء ندرة الاستثمارات المطلوبة لتطوير البنية التحتية التي تسمح بتزويد الدول المجاورة بالكهرباء. وبينما تتوالى تصريحات الحكومة عن سعيها للاستفادة من قطاع الكهرباء في الدولة إلّا أنها في الواقع لا تستثمر فيه بما يكفي لجعله موردًا جذّابًا، بل كثيرًا ما تعاني شبكات الكهرباء ومحطات توليد الطاقة من الإهمال ونقص الوقود.

يتساءل همايون برهماندبور، رئيس مركز تطوير تكنولوجيا نقل الطاقة عالية القدرة، “لماذا لم تكن لدينا استراتيجية وخطة طويلة المدى نطرحها على المهتمين من الجيران الإقليميين بحيث يمكننا بالفعل أن نصبح مركزًا إقليميًا للطاقة الكهربائية في المنطقة؟”. وعلى المنوال نفسه أكّد بايام باقري أهمية تحويل إيران إلى مركز إقليمي للطاقة الكهربائية، حيث ستُلبي الاحتياجات المحلية وتُصدّر الكهرباء إلى دول أخرى في المنطقة. محاولة إيران استعمال سياسات وتوجّهات ديبلوماسية الطاقة في مجال الكهرباء قد لا يكون مُفيدًا عدا عن كونه غير حكيم.

يجدر الذكر أن هناك عددًا من البلدان في المنطقة قامت بالفعل بربط شبكات الكهرباء الخاصة بها، حيث ترتبط مصر بالمملكة العربية السعودية وترتبط الأردن بالعراق. وقد وقعت شركة سيمنز إتفاقًا مع الحكومة الأفغانية سيتم بمقتضاه تحويل البلاد إلى المركز الرئيس للطاقة الكهربائية في منطقة آسيا الوسطى. وتستثمر الإمارات العربية المتحدة بكثافة في الطاقة النووية وتُصدّرها. ونظرًا إلى عدم قدرة إيران على بيع النفط الخام في ظل ظروفها الراهنة فإن صادرات الكهرباء من شأنها أن تُعزز قوة العملة الإيرانية.

حال ضعف ديبلوماسية الطاقة في مؤسسات السياسة الخارجية الإيرانية دون أن تلعب إيران دورًا مُهمًّا في إمداد الدول المجاورة، بما في ذلك قطر، بالكهرباء على الرغم من إمكاناتها الكبيرة. يجب على حكومة الرئيس الإيراني رئيسي أن تُعزِّزَ الدور الذي تؤدّيه الطاقة المُتجدّدة في منظومة الطاقة بالبلاد وتهيئ المناخ لجذب رؤوس الأموال والتكنولوجيا التي يحتاجها القطاع الكهربائي. ولا شك أن زيادة عمليات نقل الكهرباء من إيران إلى دول أخرى في الشرق الأوسط سيزيد التعاون الاقتصادي وسيدعم الأمن الإقليمي للمنطقة ويُعزّزه.

  • أومود شُكري هو مستشار في السياسة الخارجية واستراتيجيات الطاقة في واشنطن، ومؤلف كتاب “ديبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المُتَغَيِّرة منذ العام 2001 “. عمل باحثًا زائرًا في مركز علوم وسياسات الطاقة (CESP) وهي مبادرة تدعمها كلية شار في جامعة جورج ماسون. ويعمل أيضًا مستشارًا في (Gulf State Analytics ) وهي شركة استشارية للمخاطر الجيوسياسية مقرها واشنطن. وهو يحمل درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى