ثورة الجياع تُغرِقُ سوريا ولبنان معاً

بقلم كابي طبراني

حذّر ديفيد بيسلي، رئيس برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في مقابلة حديثة مع صحيفة خليجية، من أن “المجاعة يُمكن أن تطرق الباب” قريباً في سوريا التي مزّقتها الحرب. تواجه المناطق الخاضعة لسيطرة نظام بشار الأسد ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار بشكل كبير في أعقاب الأزمة المصرفية في لبنان المجاور، وهو وضعٌ تفاقم بسبب جائحة “كوفيد-19”.

وأوضح بيسلي: “إن الأوضاع في سوريا تتدهور بطريقة خطيرة جداً، لأن الإقتصاد اللبناني انهار”. للبلدين تاريخٌ مشترك ومُضطرب. لقد احتلت سوريا لبنان لما يقرب من 30 عاماً، إلى أن أجبرتها انتفاضة العام 2005 على مغادرة البلاد، حيث يواصل النظام السوري، مع ذلك، الحفاظ على علاقات قوية مع أطراف لبنانية عدة، وخصوصاً مع “حزب الله”.

على مدى عقود، وفّر النظام المصرفي اللبناني الأوكسِجين للإقتصاد السوري الذي لم يعد بإمكانه الوصول إلى السوق العالمية. منذ العام 1979، كانت سوريا مُدرَجة على القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وتُعاني بسبب ذلك من عقوبات أميركية كما أوروبية.

على مدى الأشهر السبعة الماضية، أدّى نقص الدولار، الذي ترتبط به الليرة اللبنانية، في السوق، وحتى فقدانه في بعض الأحيان، إلى تأجيج أزمة مصرفية ومالية في لبنان، وإجبار البنوك على فرض ضوابط صارمة على رأس المال.

وقد عرّض ذلك للخطر وصول سوريا إلى السلع الأساسية، مثل الوقود والقمح والطحين، التي تدعمها الدولة اللبنانية ويتم تهريبها بشكل روتيني عبر الحدود. بعد إغلاق الحدود لاحتواء الوباء، خفّ هذا التدفق إلى حد كبير. منذ تشرين الثاني (نوفمبر)، إنخفض سعر العملة اللبنانية من 1500 ليرة مقابل الدولار إلى أكثر من 4000 ليرة في السوق السوداء. إرتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 50 في المئة على الأقل في أيار (مايو)، مقارنة بالفترة عينها من العام الفائت، وفقاً ل”معهد الإستشارات والأبحاث” في بيروت. في غضون ذلك، تضاعفت أسعار المواد الغذائية في سوريا وفقاً لتقديرات برنامج الأغذية العالمي، حيث غرقت الليرة السورية بدورها أيضاً، تاركةً البلاد تُعاني من انعدام الأمن الغذائي. ومن المعلوم أن برنامج الأغذية العالمي يّقدّم مساعدات غذائية لأربعة ملايين شخص في سوريا و1,6 مليون لاجئ سوري في الخارج.

من بيروت إلى دمشق، ضحايا هذه المأساة هم مواطنون عاديون فشّلهم قادةٌ سياسيون فاسدون وغير كفوئين. لا عجب أن الإحتجاجات اشتعلت على جانبي الحدود، مع دعواتٍ لتحسين ظروف المعيشة وسقوط الطبقات الحاكمة.

إستُؤنفت المظاهرات اللبنانية، التي بدأت في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، منذ تخفيف إجراءات الإغلاق في نهاية الأسبوع الفائت. وفي سوريا، خرج آلاف المتظاهرين إلى شوارع السويداء ودرعا منذ يوم الأحد، خاطروا بحياتهم لدعوة الرئيس بشار الأسد إلى التنحّي والرحيل، وتوقّع زعيم الطائفة الدرزية في لبنان وليد جنبلاط في الشهر الماضي أن المجاعة ستدفع الناس الى الشوارع. قال جنبلاط في ندوة عبر الإنترنت: “ستأتي ثورة الجياع وليس لدينا حلٌّ أو جواب”. الآن، يبدو أن ثورة الجياع قد اندلعت في سوريا أيضاً بعد لبنان، مما يُسلط الضوء على مدى الترابط بين البلدين وتحقيق مَقولة حافظ الأسد “شعبٌ واحد في بلدين” في أسوأ الطرق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى