الجامعة الأميركية في بيروت تُعاني: لا لمُحاولاتِ هَدمِ الركائز اللبنانية

بقلم عرفان نظام الدين*

الصرخة التي أطلقها البروفسور فضلو خوري، رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، يجب أن تتردّد أصداؤها في كلّ مكانٍ لتَصلَ إلى كلِّ مَن يَهمّه مستقبل لبنان، والحفاظ على مُرتكزاته التعليمية والثقافية والعلمية والطبية والحضارية.

من المُؤسف والمُحزن أن نسمعَ اليوم نداء الجامعة وتحذير المسؤولين فيها من أخطارٍ تَتهدَّد مصيرها، وصُعوباتٍ تُعاني منها من دون أن يلتفتَ أحدٌ إلى معاني تحجيم أو تهديد مصير هذا الصرح الحضاري.

إن المطلوب من الجميع حشد الطاقات وإيجاد وسائل تحفظ الجامعة وتساعدها على الصمود، وتُتيح لها المضي في تأدية دورها التعليمي والطبي والإجتماعي وفق مستويات تُضاهي مثيلاتها في المنطقة والعالم.

هذا العمل تتحمّل مسؤوليته الحكومات أوّلاً، ومن ثم رجال الأعمال والإعلام والخريجون اللبنانيون والعرب والأجانب. وبغض النظر عن هوية الجامعة فإن المطلوب بإلحاح إزالة أسباب التعثّر، ومُعالجة الأوضاع المالية والضغوط المُتراكمة، وتأثيرات الأزمات الإقتصادية والسياسية بعد أحداث ثورة ١٧ تشرين الأول (أكتوبر) وويلات جائحة الكورونا .

ولا أُبالغ إذا قُلتُ إن أي خطر تتعرّض له هذه الجامعة العريقة، التي تأسست في العام 1866، سيترك أثاراً وخسائر فادحة على سمعة لبنان ودوره، وسط مخاوف من محاولات مُغرِضة لتدمير كل الرموز والركائز الحضارية ومن بينها الجامعة الأميركية، إضافة إلى تحطيم الأسس التي قام عليها لبنان وصموده في وجه الأعاصير التي استهدفت الحرية بمختلف أشكالها، وبينها الحريات الإقتصادية والدينية والإعلامية، والسرّية المصرفية، وحصانة المصرف المركزي، والمؤسسات السياحية بعد أن شَهدنا المعاول تطال الوسط التجاري ومنشآته السياحية والتجارية، وكان آخر ما صَدَم هو الإعلان عن انهيار مؤسسات كثيرة آخرها فندق بريستول الشهير.

وجاءت التحذيرات من وضع الجامعة الأميركية لتزيد من المخاوف وتدعو للمشاركة في حلّ الأزمة، والتصدّي لمَن يلعب بالنار لإطفاء شعلتها التي تُمثّل تعليم عشرات الآلاف من اللبنانيين والعرب، وتخريج الآلاف من كبار القادة والأطباء والمهندسين والعلماء الذين ذاع صيتهم وأبدعوا في العالم، من دون أن ننسى دور المستشفى والمستوى الممتاز الذي وصل اليه .

وأخيراً أختم مع طرفة لها علاقة بشهرة هذه الجامعة، فقد لجأ أحد الطلاب العرب الجُدد إلى المُفكّر الكبير الراحل مُنَح الصلح ليسأله عن العنوان الذي سيضعه على مغلف رسالة يُريد إرسالها الى أهله، فحَبَكت النكتة مع مُنَح بيك وقال له بجدية ساخرة: أُكتُب الجامعة الأميركية مُقابل مطعم فيصل.

  • عرفان نظام الدين هو كاتب، صحافي ومُحلّل سياسي عربي. كان رئيساً لتحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى