عن جديد

بقلم راشد فايد*

كان ينقص رئيس الجمهورية، ميشال عون، أن يبلغ سفراء المجموعة الدولية بأن لبنان يواجه وباءين، لا أزمتين، هما فيروس “كوفيد- 19” ووجود اللاجئين السوريين. هذا ما وشى به كلامه، في افتتاح جلسة لقائه بهم، أمس، في قصر بعبدا، بمشاركة رئيس الحكومة حسان دياب وبعض الوزراء، والمُنسّق الخاص للأمم المتحدة يان كوبيتش، إذ لا يتساوى أمران في ضرر، وهذا في المُطلق، إن لم يكونا مُتشابهَين في الخطر.

لكن، يقتضي الأمر الأخذ بالنص المُعلَن، إذ لا يُمكن الحكم على النيات، ولو أنها واضحة منذ بدء الأزمة السورية، ومنذ بداية العهد. فبعدما فشلت زيارات المُوفَدين الوزاريين دمشق في إقناع النظام السوري بدور جدّي في استعادة مَن هجّرهم، صار المطلوب الضغط على الدول الأساسية في العالم، لفتح حوار مع هذا النظام لإعادة اللاجئين، بحجة ما يترتّب على لبنان، بسببهم، من أعباء مالية.

اللافت في كلمة رئيس الجمهورية أنها بدت كأن العهد، بعد نحو 4 سنوات على بدئه، يبدأ من جديد، وكأن لا ماضي خلفه، ولا وعوداً بائدة. وكما توجّه إلى اللبنانيين بآمال “الإصلاح والتغيير”، بعد فتح “حزب الله” طريق بعبدا أمامه، بدا يوم أمس مُستنسخاً عن ذاك اليوم، مع فارق إحلال السفراء محل المواطنين. والشعارات تمتد من “وضع خطة مالية إقتصادية شاملة تهدف إلى حل المشاكل الإقتصادية والمالية والبنيوية، إلى استعادة الثقة بالإقتصاد، وخفض الدين العام، وتصحيح ميزان المدفوعات، وغير ذلك مما قد يخطر على بال القارئ مما اعتاد سماعه منذ ما قبل 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2016.

وما لم يقاربه رئيس الجمهورية تكفّل به رئيس الحكومة المُستَجِدّ، وراسل من يعنيه الأمر، في الداخل والخارج، بما ينوي العهد القوي الإقدام عليه، وهو إجراء تدقيق في حسابات المصرف المركزي “وفاءً” منه “بوعد الشفافية”، أي تعهّد بما لم يطالبه به المجتمع الدولي، وتناسى أن ما جذب أنظار العالم، في الفساد اللبناني والإفلاس الوطني ليس سوى الهدر في مؤسسة كهرباء لبنان، والذي يُقارب نصف الدين العام، وهو يزيد على 48 مليار دولار. ولِمَن يسأل عن السبب، أن يبحث في اللون السياسي الذي تُنسب له كل من المؤسستين.

أما ردّ المُنسق الخاص للأمم المتحدة فيختصر المشهد: قفز عن الكلام على المصرف المركزي، وركّز على فيروس كورونا، ووعد بالمساعدات اللازمة لمحاربته، وأوصى بالإعتناء باللاجئين السوريين والفلسطينيين مُذكّراً بأن “هذا ما تقوم به الأمم المتحدة والمنظمات الدولية”، وكان ينقصه أن يسأل مُضيفه لِمَ لَم يسأل رأس النظام السوري، و”حزب الله” وإيران أن يُسهّلوا عودة اللاجئين السوريين، طالما أن الود لا تخفى علائمه.

ربما كثير من اللبنانيين كانوا ينتظرون من ثنائي السلطة التنفيذية أن يكون لديهما جواب عن سؤال لم يطرحه كوبيتش، وهو لماذا العجلة في إقرار سد بسري، وتهريبه، برغم الإعتراض الشعبي الواسع عليه، فيما من الممكن التراجع عن مفاسده البيئية وإبلاغ الداعمين الدوليين الماليين بضرورة وقفه وإعادة التمحيص في أضراره المستقبلية؟

  • راشد فايد كاتب، صحافي ومُحلّل سياسي لبناني. يُمكن التواصل معه عبر بريده الإلكتروني:

rached.fayed@annahar.com.lb

  • يُنشَر هذا المقال في الوقت عينه في صحيفة “النهار” اللبنانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى