أسئلة حلال
بقلم راشد فايد*
في انتظار إطّلاع الرأي العام على سببٍ مُقنع لتجرّؤ إسرائيل على إرسال طائرتين مُسيّرَتين الى الضاحية الجنوبية لبيروت، غير ادّعاء الإستفزاز المجّاني، فإن ظلالاً جديدة ستُفرَض على الصدام بين “حزب الله” والكيان الإسرائيلي، فإما تصعيدٌ عظيم، إذا أوفى الأمين العام للحزب، السيد حسن نصرالله، بتعهّده الجديد بنصر مؤزر، أو إضافة وعدٍ بلا سقف الى نغمة الزمان والمكان المُناسبَين، على النمط الأسدي.
سقطت الطائرتان بحجر، أو بدعاء. ما همّ، لكن سبقتا خطاباً للأمين العام، تماماً كما سبق خطابه، قبل نحو 10 أيام، في بنت جبيل، وبالتلازم الزمني، إحراق طائرة مُسيّرة حقلاً مُحاذياً لاحظه أهل المنطقة وطُلب منهم التكتم. وإذا لم يكن من شبهة تلازم، فان ما لم يُعرف هو سر اهتمام العدو الاسرائيلي بمبنى لإعلام الحزب، لا يستحق، مبدئياً، التفجير. فلا يقوده الشهيد الأديب غسان كنفاني ولا خلفه بسام ابو شريف، ضحيتا تفجيرين إسرائيليين أودى أحدهما بالأول وشوّه الآخر الثاني؟ سؤال يستدعي المُخيّلة لتستنتج أن الطائرتين قد تكونا انطلقتا من داخل الضاحية، كما يقول “الوشاة” إما ليُراقِب الحزب المنطقة أمنياً، أو أن عميلاً مزروعاً وراءها.
لكن، والشيء بالشيء يُذكَر، حفلت الأسابيع السابقة بمعلومات عن طائرة مُسيَّرة تُحلق بوتيرة شبه يومية، فوق منطقة مطار بيروت والضاحية، ومناطق الجبل القريبة، ولم تُقدّم مراجع الأمن اللبناني، ولا أمن الحزب، أي توضيح، وطبعاً لم يُصوّب أحد الأشاوس حجر صوّان لتعطيلها. وهذا الصمت لا يبرره سوى الثلاثية الشهيرة المعلولة “جيش وشعب ومقاومة”، وإلّا لكانت أُسقِطت.
على فكرة، فإن “بدعة” إسقاط الطائرة المُسيَّرة بحجر، كما روّج إعلام الحزب، تخدم بذكاء زعم البيئة المُقاوِمة، كفكرة مُطلقة. تماماً كالطلب الى الجيش الإسرائيلي أن يقف على ساق ونصف مُنتظِراً الردّ، ففي الحالتين زعمٌ طفولي ساذج يستدرج إعجاب البسطاء من جمهور عنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي، كالعادة.
أياً يكن الجواب الصحيح، فان السؤال الفعلي هو عن الصلة بين ما شهدته الضاحية ومؤتمر الدول الصناعية الـ7 في “بياريتس” الفرنسية. فإذا كانت العملية إسرائيلية، يُمكن التساؤل عما اذا كانت رسالة الى المُجتمعين مفادها أن تل أبيب قادرة على إشعال حرب اذا أُنجِز اتفاق، لا يُناسبها، مع إيران، في حضور محمد جواد ظريف، أو كما يرى سيئو النية، هي رسالة إيرانية مُفتَعلة تُرافق ظريف بمنطق العصا والجزرة، ترجمتها ما قاله نصرالله عن استعداد للرد، “في يومين أو ثلاثة أو أكثر”، وان الرد على أي عملية إسرائيلية لن يكون عملية ثأر هزيلة من مزارع شبعا التي يوجد لإسرائيل طريقة مُحدَّدة للتصدي لها، بل “ثأر من داخل لبنان”. أي أنه وضع مصير اللبنانيين على طاولة المساومة الإيرانية مع الدول الصناعية الكبرى. ولا جديد في الأمر، فلبنان عنده خط الدفاع الأول عن مصالح طهران.
- راشد فايد كاتب، صحافي ومحلل سياسي لبناني، يُمكن التواصل معه على البريد الإلكتروني التالي: fayed@annahar.com.lb أو متابعته على الموقع www.rachedfayed.com