“حماس” تُقَسِّمُ العالَمَ العربي

ستكون للتصعيد إذا وصل إلى  الضفة الغربية تداعيات هائلة في جميع أنحاء المنطقة. ولن يقتصر الأمر على ارتفاع الخسائر البشرية، ولكن نظرًا إلى هشاشة السلطة الفلسطينية، فإن القتال قد يؤدي إلى انهيارها.

الرئيس عبد الفتاح السيسي يستقبل أنتوني بلينكن: لمصر دورٌ كبير لإنهاء الأزمة.

غيث العُمَري*

في الأيامِ التي تَلَت شَنّ “حماس” هجومها الشرس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، وبدء إسرائيل ردّها الضخم في قطاع غزة، وجدت الحكومات العربية نفسها في مأزقٍ صعب. لقد دخل العديد من الدول العربية، أو كانت في طور إبرام، اتفاقيات تطبيع تاريخية مع إسرائيل، فيما حافظت جارتا إسرائيل المباشرتان والشريكتان في السلام منذ فترة طويلة، االمملكة الأردنية الهاشمية ومصر، على علاقاتٍ ديبلوماسية وأمنية مُتبادَلَة المنفعة ساهمت في الأمن الإقليمي. في الوقت نفسه يزداد دَعمُ القضية الفلسطينية بين السكان العرب، وفي خضم الحرب التي يبدو من المرجح أن تُسَبِّبَ دمارًا هائلًا في قطاع غزة، يتعيّن على الزعماء العرب أن يسيروا بحذرٍ لتجنّبِ إثارة ردود فعل عكسية محلية وديبلوماسية. ومن ناحية أخرى، تواجه السلطة الفلسطينية المتعثّرة، التي ظلت في الحكم لفترة طويلة في الضفة الغربية، تحديات متصاعدة خاصة بها. ومع الانهيار الأمني الذي دام أشهرًا، تواجه السلطة الفلسطينية الآن احتمالًا حقيقيًا بانجرار الضفة الغربية إلى حرب “حماس” مع إسرائيل، مع ارتفاع حدة القتال في غزة.

ومع تطور هذا الوضع المُتَفَجِّر، بدأت الانقسامات الحادة في الظهور في العالم العربي. فقد أصدرت البحرين والإمارات العربية المتحدة، اللتان أبرمتا اتفاقيات أبراهام مع إسرائيل، بيانات تُدينُ “حماس” بوضوح. وفي المقابل، انتقدت قطر، الداعم العربي الرئيس ل”حماس”، إسرائيل واعتمدت لغة مشابهة إلى حدٍّ كبير لتلك التي تستخدمها “حماس”. وفي الوقت نفسه، ظل الأردن ومصر، البلدان الأكثر عرضةً للخطر على الأرض، حَذِرَين، وتنقّلا بين مخاوفهما الأمنية الوطنية والجمهور المحلي المضطرب. ثم هناك المملكة العربية السعودية، حليفة الولايات المتحدة وربما اللاعب الإقليمي الأكثر أهمية اليوم. كانت الرياض تُحرِزُ تقدّمًا في المحادثات التاريخية مع إسرائيل بوساطة أميركية في وقت الهجوم، لكنها تسعى راهنًا إلى الحفاظ على دورها القيادي في العالم العربي أو ربما تعزيزه ودعم الفلسطينيين.

في مواجهة هذا المشهد الإقليمي المُعَقَّد للغاية، يتعيّن على أميركا أن تحاول الموازنة بين الأهداف المُتضارِبة المُحتَمَلة، بما في ذلك دعم إسرائيل في ردّها على هجوم “حماس” غير المسبوق، ومنع نشوب حرب أوسع نطاقًا، وتحقيق الاستقرار في الضفة الغربية، وإدارة علاقاتها مع شركائها العرب. إن إدارة بايدن منخرطة بالفعل بعمق في مثل هذه الجهود. اتصل الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والحلفاء الأوروبيين والقادة العرب. قام وزير الخارجية أنتوني بلينكن بزيارة إسرائيل ودول المنطقة. وطوال هذه الجهود، كانت الولايات المتحدة واضحة في دعمها الثابت لإسرائيل سياسيًا وعسكريًا وديبلوماسيًا، بينما حثتها مرارًا وتكرارًا على احترام قوانين الحرب. الحربُ ما زالت في مراحلها الأولى. وسوف تتفاقم الضغوط المتنافسة في جميع أنحاء المنطقة مع اشتداد الصراع في غزة وتزايد الخسائر في صفوف الفلسطينيين بسرعة.

ماذا سيفعل الجيران؟

مثل بقية العالم، فوجئت الحكومات العربية بالحجم غير المسبوق والوحشية التي اتسم بها هجوم “حماس”. لقد اعتقدت، كما إسرائيل، بأنَّ “حماس” ليست مهتمة حاليًا بتصعيدٍ كبير ولكنها بدلًا من ذلك مشغولة بمطالب حكم غزة وتَردَعُها سياسة الجزرة والعصا الإسرائيلية. قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر)، بدا أن استراتيجية “حماس” تُركّز على زعزعة استقرار الضفة الغربية مع الحفاظ على قدرٍ من الهدوء في غزة.

ولنتأمل هنا البلدين الجارَين لإسرائيل، مصر والأردن، اللذين ردّا بحذر في أعقاب الهجوم مباشرة. وامتنع المسؤولون المصريون عن إدانة “حماس”، ودعوا إلى وقف التصعيد، وانتقدوا السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. وكان رد فعل الأردن مُماثلًا، حيث أعرب عن دعمه للقضية الفلسطينية. في الواقع، لدى كل من الأردن ومصر شعبٌ يدعم الفلسطينيين بشكلٍ كبير ولديهما مخاوف أمنية وطنية مباشرة يجب التفكير فيها. وتواجه الحكومتان تحديات داخلية من قِبَل جماعات المعارضة الإسلامية المتعاطفة مع “حماس”.

الواقع أنَّ الهجوم الإسرائيلي على غزة أثار بالفعل اضطراباتٍ في كلا البلدين: فقد قتل شرطي مصري سائحين إسرائيليين ومرشدهما السياحي المصري في الإسكندرية في الثامن من تشرين الأول  (أكتوبر)، بعد يومٍ واحد على قيام “حماس” بهجومها، وتظاهر آلاف الأردنيين في عمّان ضد إسرائيل. ونتيجةً لذلك، أصبح كلا البلدين في حالة تأهب قصوى. وقد أعلنت مصر صراحة أنها لن تسمح بتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين من غزة إلى أراضيها. وحظّر الأردن التظاهرات قرب حدوده مع إسرائيل.

الوضع بين دول الخليج العربي مُعَقَّدٌ بالمثل. فقد حمّلت قطر، التي تدعم “حماس” وتموّل غزة، إسرائيل “المسؤولية الوحيدة” عن التصعيد، وهو ما يعكس خطاب “حماس”. علاوة على ذلك، كانت قناة “الجزيرة “، التي تموّلها حكومة قطر وتصل إلى عشرات الملايين من الناس في مختلف أنحاء العالم العربي، بمثابة الناطق بلسان “حماس”.

على النقيض من ذلك، أدانت البحرين والإمارات العربية المتحدة حركة “حماس”، حيث وصفت الحكومة الإماراتية تصرفات الجماعة بأنها “تصعيدٌ جدي وخطير” ووصفت هجماتها على المدنيين ب”المروّعة”. وتأتي هذه التصريحات في وقت تتسم العلاقات الديبلوماسية بين إسرائيل والبلدين بالحساسية. منذ الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، اتخذت كلٌّ من البحرين والإمارات خطوات مهمة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية مع إسرائيل. لكن العلاقات الديبلوماسية والسياسية تعرضت لضغوطٍ في الأشهر الأخيرة نتيجة للتعليقات التحريضية والإجراءات الاستفزازية من قبل حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية في ما يتعلق بالفلسطينيين في الضفة الغربية وخصوصًا القدس.

ويراقب صنّاع السياسات في واشنطن المملكة العربية السعودية عن كثب. وفي وقت هجوم “حماس”، بدا أن إدارة بايدن تُحرزُ تقدّمًا نحو التوسط في اتفاقٍ تاريخي بين الرياض والدولة العبرية لتطبيع العلاقات. وبالإضافة إلى تثبيت المملكة العربية السعودية بقوة تحت المظلة الأمنية الأميركية في وقتٍ كان يُنظَرُ إلى واشنطن على أنها تبتعد من الشرق الأوسط، فقد هدفت هذه المفاوضات أيضًا إلى تأمين التزاماتٍ إسرائيلية كبيرة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. لكن االسعودية تلعب دورًا رائدًا في العالم الإسلامي باعتبارها حارسًا لأقدس الأماكن الإسلامية، ولا تزال القضية الفلسطينية تحظى بشعبية كبيرة بين السعوديين. علاوة على ذلك، فإن الحديث عن التطبيع مع إسرائيل عرّض المملكة لاتهاماتٍ بأنها تتخلّى عن القضية الفلسطينية. ومع اندلاع الحرب بين “حماس” وإسرائيل، توقفت هذه المحادثات. لا يمكن للحكومة السعودية أن تبدو وكأنها تعمل على تنمية العلاقات مع إسرائيل في وقت تكون الدولة العبرية في صراع نشط مع الفلسطينيين. وفي الواقع، من المرجح أن هجوم “حماس” كان يهدف، جزئيًا على الأقل، إلى تعطيل التقارب الإسرائيلي-السعودي.

في أعقاب الهجوم، أصدرت الرياض بيانًا حَذِرًا لدعم الفلسطينيين، ولم يوافق على تصرفات “حماس” ولم يدنها. وفي الوقت نفسه، ظلت السعودية على اتصال وثيق مع الولايات المتحدة والدول العربية الرئيسة. حتى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، منافس المملكة منذ فترة طويلة والداعم الرئيس ل”حماس”. ومن الواضح أن الحكومة السعودية تحاول تحقيق هدفين مختلفين. فمن ناحية، تسعى الرياض إلى الحفاظ على دورها القيادي في الديبلوماسية الإقليمية وتعزيزه. وعلى الرُغم من الحذر التقليدي، فقد اتبعت البلاد نهجًا أكثر استباقية في العلاقات الخارجية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد (الحاكم الفعلي). ومن ناحية أخرى، تظل المملكة ملتزمة بهدفها الطويل الأمد المتمثل في إقامة دولة فلسطينية، على الرغم من أنها تدرك أن هذا غير ممكن في المدى القصير. من المرجح أن تشعر السعودية بالحاجة إلى صقل أوراق اعتمادها المؤيدة للفلسطينيين.

في المدى القصير، طوال مدة القتال في غزة وما سيليه مباشرة، فإن التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل أمر غير وارد. ومع ذلك، فمن غير الواضح في المدى الطويل كيف سيغير الصراع بين “حماس” وإسرائيل المصالح الأساسية التي دفعت المملكة العربية السعودية إلى البحث عن علاقات مع إسرائيل. ويتقاسم البلدان مخاوف أمنية أكبر في المنطقة، بما في ذلك احتواء إيران والحد من التطرف الإسلامي. ويسعى كلا البلدين إلى الاستفادة من العلاقات الاقتصادية القوية، خصوصًا مع استمرار السعودية في تنفيذ خطة رؤية 2030 لتنويع اقتصادها.

برميل بارود

تزداد حسابات الحكومات العربية بشأن الحرب بين “حماس” وإسرائيل تعقيدًا بسبب الوضع في الضفة الغربية. ومن خلال شن حربها الجديدة، تحاول “حماس” إحداث انهيار أمني في الضفة الغربية أيضًا، حيث أن الاضطرابات مستشرية بين السكان.

منذ سنوات، نشأ فراغ سياسي وأمني في الضفة الغربية، وهو اتجاه تسارع منذ أن شكلت إسرائيل الحكومة الأكثر تشددًا وتطرّفًا في تاريخها في العام الماضي. وإلى جانب القيادة الإسرائيلية المعادية حديثًا، واجه الفلسطينيون عنفًا متزايدًا من جانب المستوطنين، وتوسّعًا لا هوادة فيه في المستوطنات. لكن هذا التدهور ليس نتيجة للسياسات الإسرائيلية فحسب، بل لأن القيادة الفلسطينية تُعاني من الشيخوخة والترهّل، وعدم الشعبية، والتصلّب. وقد أدى تفشّي الفساد، وسوء الإدارة، والميول الاستبدادية المتزايدة إلى فقدان غالبية الفلسطينيين الثقة في قادتهم وهياكل الحكم. واليوم، يعتبر 80% من الفلسطينيين أن السلطة الفلسطينية فاسدة، ويريد معظمهم أن يتنحى رئيسها محمود عباس البالغ من العمر 89 عامًا. ونتيجة لذلك، تجد السلطة الفلسطينية نفسها غير قادرة على بسط سيطرتها على الأرض.

ومع تزايد فتك الحرب بين إسرائيل و”حماس”، فإنها قد تدفع الضفة الغربية إلى حافة الهاوية. إذا تسبب حادث أو هجوم إرهابي صادر من الضفة الغربية في قيام إسرائيل بالرد بقوة واسعة النطاق – أو إذا هاجم المستوطنون أنفسهم الفلسطينيين، كما حدث في قرية حوارة في شباط (فبراير) 2023 – فقد يؤدي ذلك إلى إثارة القتال في جميع أنحاء الضفة الغربية، والتي تَظهرُ فيها بالفعل علامات تحذيرية من أعمال عنف وشيكة. ويتظاهر الفلسطينيون ضد الهجمات الإسرائيلية في غزة يوميًا، رغم أن الاحتجاجات لا تزال محدودة حتى الآن.

نظرًا إلى هذه الفوضى، وضعف الحكم، فإن السلطة الفلسطينية ليس لديها سوى القليل من الخيارات الجيدة. فهي تعتقد أن لديها مجالًا ضئيلًا للمناورة، وعليها أن تحاول الموازنة بين رغبتها في الاستقرار وحاجتها إلى تلبية احتياجات الرأي العام الملتهب للغاية – وهو الأمر الذي سيصبح أكثر صعوبة عندما تصبح الحرب في غزة أكثر دموية. وحتى الآن، ردت السلطة الفلسطينية بإلقاء اللوم علنًا على إسرائيل في التصعيد مع “حماس”. وبعد تعرّضها لضغوطٍ دولية، أدانت السلطة الفلسطينية العنف ضد المدنيين من دون أن تذكر “حماس” صراحة. لكنها حاولت أيضًا الحفاظ على الهدوء في الضفة الغربية من خلال استخدام قواتها الأمنية لإبعاد المتظاهرين عن نقاط التفتيش والمناطق الأخرى التي من المرجح أن تحدث فيها مواجهات مع القوات الإسرائيلية.

ومع ذلك، فإن ركوب موجة الغضب ضد إسرائيل ينطوي على مخاطر. من خلال ترديد رسائل “حماس”، لن تؤدي القيادة في الضفة الغربية إلّا إلى تأجيج المشاعر، سواء بين الفلسطينيين العاديين أو داخل المؤسسة الأمنية المُحبَطة بالفعل، والتي قد يرفض أعضاؤها الحضور إلى الخدمة. علاوة على ذلك، فإن عباس، الذي كان يُنظَرُ إليه أصلًا بشكلٍ سلبي من قبل العديد من قادة العالم بسبب إدارته السيئة للضفة الغربية ونهجه الديبلوماسي غير المرن، قد أهدر المزيد من النوايا الحسنة الدولية القليلة التي بقيت لديه من خلال الإدلاء بتصريحات معادية للسامية في أيلول (سبتمبر) 2023. وليس من قبيل المصادفة أن بايدن لم يتصل به بعد، وفوض هذه المهمة إلى وزير خارجيته بلينكن.

ستكون للتصعيد في الضفة الغربية تداعيات هائلة في جميع أنحاء المنطقة. ولن يقتصر الأمر على ارتفاع الخسائر البشرية، ولكن نظراً إلى هشاشة السلطة الفلسطينية، فإن القتال قد يؤدي إلى انهيارها. سيُرحّب العديد من الجماعات بمثل هذا السقوط، بما في ذلك “حماس” والمنظمات الأخرى في الضفة الغربية، مثل “عرين الأسود”. إذا انهارت السلطة الفلسطينية، فمن المرجح أن يؤدي الفراغ السياسي في الضفة الغربية إلى قيام إسرائيل مرة أخرى بحكم المنطقة بشكل مباشر، والامتداد إلى الأردن، وقلب النهج الديبلوماسي الإقليمي والدولي الأوسع تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والذي تعامل منذ فترة طويلة مع السلطة الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للفلسطينيين في الجهود الرامية إلى إيجاد حل الدولتين في نهاية المطاف. ونظرًا إلى كل ما هو على المحك، فإنَّ مَنعَ الحرب من الانتشار إلى الضفة الغربية يجب أن يكون من بين أعلى الأولويات في واشنطن وبين حلفائها العرب المقربين.

دعوة الحلفاء

بالنسبة إلى الولايات المتحدة، لن يكون التعامل مع هذه الديناميكيات الإقليمية شديدة التعقيد أمرًا سهلًا. ستحتاج واشنطن إلى تحقيق التوازن بين الاحتياجات السياسية لمختلف حلفائها العرب مع الحفاظ على دعمها لإسرائيل واتخاذ ما في وسعها من خطوات لاحتواء التكاليف الإنسانية للحرب في غزة. ولا يمكن للحكومات العربية أن تتجاهل ضغوطها السياسية الداخلية، لكنها تشارك واشنطن مصلحة في منع انتشار الحرب. ستحتاج إدارة بايدن إلى أشياء مختلفة من مختلف الدول العربية. وستكون مصر حاسمة في التوصل إلى نهاية نهائية للحرب في غزة. ويتمتع الأردن بنفوذ لا مثيل له في مواجهة السلطة الفلسطينية. وقد لا تشارك هاتان الدولتان الموقف العام الذي تتخذه واشنطن، لكنهما أثبتتا أنهما شريكتان يمكن الاعتماد عليهما في الماضي.

وستكون العلاقات مع الرياض أكثر تعقيدًا. لقد عانى بايدن وبن سلمان من توتر في علاقتهما. ومع ذلك، فإن الجهود الأميركية للتوسط في اتفاق بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية قد خلقت فرصًا للولايات المتحدة لاستكشاف الطرق التي يمكن للسعودية من خلالها تعزيز بعض مواقف واشنطن. على سبيل المثال، قد تستخدم الرياض مكانتها الدينية لمواجهة ادعاءات “حماس” بأن أفعالها تحظى بموافقة دينية.

أما بالنسبة إلى دول الخليج الأخرى، فيجب على الولايات المتحدة أن تعترف علنًا بالمواقف المبدئية التي اتخذتها الإمارات العربية المتحدة والبحرين. وعلى العكس من ذلك، يجب على واشنطن أن تؤنّب قطر صراحةً لدعمها “حماس”. وبمجرد انتهاء القتال في غزة، يتعين على الولايات المتحدة أن تستكشف الدور الذي تلعبه الدول العربية في إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الصراع، وفي إدارة غزة في حالة إزاحة “حماس”. بالإضافة إلى ذلك، يجب على واشنطن أن تنظر في خطوات لتحقيق الاستقرار في الضفة الغربية من خلال تدابير اقتصادية وأمنية عاجلة.

ولكن في نهاية المطاف، فإن الأحداث على الأرض في غزة في الأيام والأسابيع المقبلة سوف تشكل ما هو ممكن ديبلوماسيًا. يتعين على الولايات المتحدة أن تظل مركزة على هدفها، كما أوضحه القادة الأميركيون، وهو ضمان عدم قدرة “حماس” مرة أخرى على شن هجوم إرهابي مثل الذي فعلته في 7 تشرين الأول (أكتوبر).

  • غيث العمري هو زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومستشار سابق لفريق مفاوضات السلام الفلسطيني.
  • الآراء الواردة في المقال تُمثّل الكاتب وليس بالضرورة رأي “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى