قطر تَتَطلّع إلى شركاءٍ جُدُدٍ وقُدامى لإنعاش تجارتها

لا شك أن قطر عانت في 2017 لفترة بعد أن فرضت السعودية، دولة الإمارات، البحرين ومصر حظراً عليها. ولكن إستطاعت الدوحة أخيراً إجتياز الأزمة حيث قال صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير: “إن تأثير الحصار الإقتصادي على قطر قد تمّ احتواؤه، وأن الإقتصاد سيتوسّع بنسبة 2.7٪ هذا العام و2.8٪ بعد ذلك، إرتفاعاً من نسبة 1.6 ٪ التي خبرها في العام 2017”.

الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني: “نتطلع إلى توسيع العلاقات التجارية والإستثمارية مع العراق”

الدوحة – سمير خيرالله

تبذل قطر جهوداً متزايدة لتنويع إقتصادها وإعادة تنظيم علاقاتها التجارية بعد فرض الحظر عايها من قبل جيرانها، لذا تقوم ببناء روابط جديدة وتوسيع علاقاتها مع شركائها الحاليين.
في 7 تشرين الثاني (نوفمبر)، أعلن الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، أن الدوحة تتطلع إلى توسيع العلاقات التجارية والإستثمارية مع العراق.
وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن الطرفين إقترحا المزيد من التعاون البحري من خلال إنشاء خطوط شحن وعلاقات مباشرة بين الموانئ.
جاءت الزيارة الحكومية لبغداد في أعقاب توقيع إتفاقية للتعاون التجاري والإقتصادي مع تركيا في 4 أيلول (سبتمبر) الفائت، بهدف تعزيز التجارة الثنائية، لا سيما في قطاعي الخدمات والتجارة الإلكترونية، وتخفيف القيود على الإستثمار.
وتتوقع صفقة تركيا أيضاً تطوير علاقات أوثق في مجالات الجمارك والبحث والتطوير والتعليم، والعمل على زيادة التجارة بين البلدين.
وقد إرتفع حجم التجارة الثنائية بين قطر وتركيا من 835 مليون دولار في العام 2016 إلى 1.3 مليار دولار في العام الفائت، وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة الخارجية التركية في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) 2018. وفي الوقت عينه، بلغت قيمة التجارة في الإتجاهين في النصف الأول من العام 2018 قيمة 695 مليون دولار، وهي في طريقها لتجاوز إجمالي 2017 في نهاية العام.
وقال حمدي غونيس، مدير شركة البناء التركية ليماك: “هناك إهتمام كبير من الشركات الأجنبية – بخاصة من تركيا – في السوق القطرية، حيث يُنظر إليها بشكل عام على أنها وجهة إستثمارية مستقرة مع ثقة عالية في النظام القانوني. وستساعد هذه الشروط قطر على زيادة تدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر”.

أرقام التجارة ترتفع على خلفية إعادة التجميع

تُشكل الزيادة في التجارة مع تركيا والجهود الرامية إلى تعزيز العلاقات مع العراق جزءاً من استراتيجية قطر لتنويع شركائها التجاريين بعد تطبيق الحظر الذي فرضته المملكة العربية السعودية وبعض الدول المجاورة الأخرى عليها في حزيران (يونيو) من العام الماضي.
وإلى جانب زيادة التركيز على زيادة التصنيع المحلي، فإن التحسينات التي أُدخِلت على كفاءة مناولة الموانئ وفتح ميناء حمد، الذي من المتوقع أن يُصبح المركز الرئيسي للخدمات اللوجستية البحرية في البلاد، قد ساعد على تحسين تدفق الشحنات الداخلية والخارجية.
وبلغ إجمالي الصادرات في الأشهر التسعة الأولى من العام 227.1 مليار ريال قطري (62.4 مليار دولار)، بزيادة قدرها 28.2٪ على أساس سنوي، وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، في حين بلغ الفائض التجاري 140.6 مليار ريال قطري (38.6 مليار دولار)، بزيادة 39.2٪ عن الفترة نفسها من العام 2017.
كما أدّت استراتيجية التنويع إلى إعادة تنظيم المزيج التجاري. في حين انخفضت الأعمال التجارية مع دول مجلس التعاون الخليجي من 11.1٪ من إجمالي التجارة في النصف الأول من العام الفائت إلى 3.9 ٪ في الفترة عينها من العام 2018، زادت التجارة مع آسيا – بقيادة اليابان وكوريا الجنوبية والصين، والتي تشمل تركيا أيضاً – بنسبة 69.5٪ من إجمالي التجارة في النصف الأول من العام، بزيادة 61 ٪ عن النسبة المُسجَّلة في الفترة عينها من العام 2017.
وتوسعت، على وجه الخصوص، الأعمال التجارية مع الصين بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت الآن ثالث أكبر بلد شريك تجاري فردي لقطر، حيث تمثل 11.6٪ من إجمالي التجارة.
في مكان آخر، ظل النشاط مع الإتحاد الأوروبي ثابتاً إلى حد كبير، حيث انخفض بشكل طفيف من 16.2٪ إلى 15.2٪ من المزيج الإجمالي، في حين ارتفعت التجارة القطرية-الأميركية من 4.4٪ إلى 5.5٪.
هذه المكاسب القوية قد غذّت أيضاً نمو الناتج المحلي الإجمالي، مع توسّع الإقتصاد بنسبة 2.2٪ على أساس النصف الأول من العام، وفقاً لوزارة التخطيط التنموي والإحصاء.
في أحدث تقرير عن التوقعات الإقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، الذي صدر في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت، قال صندوق النقد الدولي إن تأثير الحصار الإقتصادي على قطر قد تم احتواؤه، وأن الإقتصاد سيتوسّع بنسبة 2.7٪ هذا العام و2.8٪ بعد ذلك، إرتفاعاً من نسبة 1.6 ٪ التي خبرها في العام 2017.
مناطق حرة جديدة لتسهيل إعادة تصدير النمو
من ناحية أخرى إن دعم هذه الأرقام الإيجابية سيكون من خلال إطلاق منطقتين حرتين جديدتين في مطلع العام المقبل، واللتين من المتوقع أن تعززا إعادة تصدير السلع.
تم تطوير منطقة أم الحول الإقتصادية الخاصة، التي تقع في ميناء حمد، ومنطقة رأس بوفنطاس الإقتصادية الخاصة، في جوار مطار حمد الدولي، لدعم حركة التصدير وإعادة التصدير، بالإضافة إلى النشاط الصناعي.
لقد وضعت قطر بالفعل الأساس لإعادة التصدير التجاري، حيث كشفت الهيئة العامة للجمارك عن خدمة جديدة لتسهيل وتنظيم العمليات في شباط (فبراير). بموجب النُظم الجديدة، يُمكن إستيراد مجموعة من السلع – بما في ذلك السيارات ومعدات السيارات والآلات والبنية التحتية ومواد البناء والأجهزة الكهربائية والمجوهرات – لغرض إعادة التصدير، مع مراعاة بعض الشروط والأحكام، مثل الضمانات المصرفية والحد الأدنى لحجم التجارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى