عُمان تبني مصفاةً لتكرير السكر ومحطاتِ مُعالجة لتعزيز الكفاية الزراعية
بدأت سلطنة عُمان بناء وتطوير أول مصفاة للسكر في البلاد، وهي جزء من استراتيجية تهدف إلى تحسين الأمن الغذائي المحلي من خلال التجهيز والمعالجة الزراعية.
مسقط – سمير الحسيني
في 23 أيلول (سبتمبر) الفائت بدأت سلطنة عُمان بناء منشأة لتكرير السكر على مساحة 188,000 متر مربع في ميناء صحار والمنطقة الحرة حيث من المتوقع أن تبلغ تكلفتها 134 مليون دينار عُماني (350 مليون دولار).
والمصنع الذي تطوره شركة عُمان لتكرير السكر وتشيّده شركة “سينو لايت” (Sinolight) الصينية، سيكون حجم إنتاجه السنوي اكثر من 900,000 طن من السكر المُكرّر عندما يكتمل ويعمل بكامل طاقته.
بالإضافة إلى تلبية 100٪ من الطلب المحلي على السكر المُكرَّر، الذي يُقدَّر بنحو 120,000 طن سنوياً، من المتوقع أيضاً أن يُضيف المصنع إلى حد كبير قدرة التصدير في السلطنة.
عندما تمَّ الإعلان عن المشروع لأول مرة في العام 2013 ، أعلنت شركة عُمان لتكرير السكر أنها تتوقع تصدير 40٪ من إنتاجها إلى الأسواق في منطقة الخليج، حيث يُقدَّر نقص السكر المكرر في دول مجلس التعاون الخليجي ب4 ملايين طن في السنة. وإذا بقيت حصة التصدير هذه ثابتة، يُمكن للصادرات العُمانية أن تصل إلى حوالي 10٪ من العجز الخليجي الحالي.
تطوير ميناء صحار والمنطقة الحرة إلى مركز صناعي – زراعي
بما أن السكر مكوِّنٌ أساسي في عدد كبير من الأغذية المُصنَّعة، فإن المصنع الجديد يُعتبَر مشروع حجر الأساس في تطوير أول مجموعة مخصصة لتجهيز ومعالجة الأغذية في سلطنة عُمان في ميناء صحار والمنطقة الحرة.
وتهدف هذه المجموعة، التي تم إطلاقها في العام 2015، إلى دعم نمو صناعة الأغذية من خلال جذب الإستثمار إلى مرافق تجهيز ومعالجة الأغذية وسلاسل التوريد والخدمات اللوجستية.
ومن بين المشاريع الرئيسية الأخرى في المنطقة، مطحنة دقيق بكلفة 39 مليون دولار طوّرتها شركة المطاحن العُمانية المملوكة بغالبيتها للدولة والشركة التابعة لها “أطياب للإستثمار” والشركة الإماراتية “عيسى الغرير للإستثمارات”، ومن المتوقع أن تبدأ عملياتها بنهاية هذا العام.
ستنتج المطحنة، وهي الثالثة في سلطنة عُمان، في البداية 500 طن من دقيق القمح، قبل رفعها إلى 2000 طن في المراحل اللاحقة، وفقاً لتقارير الصحف المحلية.
وفي الوقت عينه، كجزء من التوسع، وقّعت شركة مطاحن صحار عقد إيجار في نيسان (إبريل) الفائت لبناء 12 صومعة قمح على مساحة 10,000 متر مربع في المنطقة الحرة.
ومن المتوقع أن تعمل الصوامع، التي تبلغ سعة كل منها 13 ألف طن، في النصف الأول من العام 2020، حيث ستوفّر التخزين للحبوب التي سيتم نقلها إلى الأسواق المحلية والدولية على حد سواء.
بالإضافة إلى ذلك، تقوم شركة عُمان للإستثمار الغذائي القابضة المملوكة للدولة بتطوير مصنع لتجهيز فول الصويا بقيمة 100 مليون دولار أميركي والذي سوف ينتج 750 ألف طن من علف الصويا و 175 طناً من زيت الصويا سنوياً.
المصنع الذي من المقرر أيضاً أن يكتمل في العام 2020، لن يُعزّز الإكتفاء الذاتي لعُمان من الزيوت الغذائية فحسب، بل سيوفر أيضاً مدخلاً مهماً للعلف المُستخَدم في سوق الدواجن المحلية. هذا الإحتمال سيجلب إستثمارات أجنبية، وفقاً لوسائل الإعلام المحلية، من كبار اللاعبين من تنزانيا والإمارات العربية المتحدة، اللتين تتخصصان في إنتاج العلف، لشراء أسهم في المصنع.
في الوقت الحاضر، تعتمد السلطنة على الواردات من أجل تغذية الصويا. ومع ذلك، من المتوقع أن تلبي المطحنة 100٪ من الطلب المتزايد في سوق الدواجن على المنتوج.
وفضلاً عن ذلك، هناك أيضاً إحتمال أن تستخدم صناعة المستحضرات الصيدلانية زيت الصويا لإنتاج كبسولات، مما يفتح المزيد من سبل الإستثمار وتوليد الإيرادات.
المعالجة مفتاح أهداف الأمن الغذائي
إن تحسين القدرة على المعالجة يتواءم مع الإستراتيجيات الحكومية الأوسع نطاقاً الرامية إلى تعزيز الإكتفاء الذاتي الغذائي وخفض إعتماد البلد على الواردات.
وعلى خلفية زيادة الإستثمارات في السنوات الأخيرة، توسّع قطاع صيد السمك والزراعة بنسبة 16.3٪ في العام 2016، أي أعلى بكثير من متوسطه خلال خمس سنوات حيث بلغ نسبة 6.4 ٪.
وقد أدّت هذه الزيادة، مُقترنة بانخفاض متزامن في عائدات النفط، إلى إرتفاع مساهمة القطاع في إجمالي الناتج المحلي من 0.7٪ في العام 2014 إلى 2٪ في العام 2016. ومع تخطيط السلطنة لزيادة هذا المعدل أكثر، إلى 5.1٪ بحلول العام 2020، فإن إنخراط ثلث السكان العاملين في الزراعة ومصايد الأسماك في معالجة القيمة المضافة سيكون أساسياً.
وهذا يرتبط أيضاً بالجهود الرامية إلى تعزيز الأمن الغذائي المحلي.
على الرغم من أن الوضع الحالي في سلطنة عُمان قوي نسبياً – حيث تحتل المركز الرابع من بين 15 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمركز 29 من أصل 113 دولة على مستوى العالم في مؤشر الأمن الغذائي العالمي التابع لوحدة الاستخبارات الاقتصادية لعام 2018 – فإنها تستورد نحو 60٪ من إحتياجاتها الغذائية من الخارج، وفقاً للهيئة العامة لترويج الإستثمار وتنمية الصادرات (إثراء).
وفي تقرير صدر في تموز (يوليو) الفائت، حذرت “إثراء” من أن تزايد الطبقة الوسطى، وزيادة أعداد السياح وإرتفاع التحضّر يُمكن أن تضع المزيد من الضغوط على الإمدادات الغذائية المحلية، وأوصت بتوسيع ممارسات الزراعة الصناعية وتجهيز الأغذية لتعزيز الأمن الغذائي.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.